بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » المرأة السعودية بين المصالح والأهواء

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 04-06-2005, 04:31 AM   #1
ابوغريب
عـضـو
 
صورة ابوغريب الرمزية
 
تاريخ التسجيل: May 2003
البلد: بريدة
المشاركات: 572
المرأة السعودية بين المصالح والأهواء

جمعتني إحدى المناسبات الاجتماعية، بشابة اسمها مريم تعيش في إحدى القرى الغربية من السعودية. وفيما كانت السيدات الأخريات يتبادلن أحاديث ونقاشات دينية واجتماعية، تدعو للتفكير العميق في أصلها ونشأتها وخطورتها على المستمعات من الأجيال الصغيرة، كانت مريم تجلس وحيدة هادئة لا تبدو عليها الرغبة في المشاركة وكان هدوؤها مثيراً للفضول أو لعله ميلها الواضح للتأمل. لكنها لم تكن منطوية كما ظهر على محياها إذ لم نلبث أن تحدثنا وكأننا تعارفنا منذ سنين، شد انتباهي إصرارها على الخوض في أمور متعلقة بالدراسة والتعليم العالي، حتى ظننت أنها دكتورة في إحدى الجامعات، لكن مريم لم تكن سوى خريجة الكفاءة المتوسطة بمجموع عال جدا وطموح جامح لمواصلة الدراسة قبل أن يبتره أهلها بإيقافها عن التعليم الممنوع في شرع العائلة، إلا أنها لم تستسلم إذ عملت على تثقيف نفسها بنفسها، تشتري الكتب خلسة وتحفظ الشعر خلسة، وطالما أن علم المرأة عار بعرف عائلتها يجب القضاء عليه فإن الجهل بنظرها جريمة لا تغتفر. تنتظر مريم وبفارغ الصبر السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات، فرغم ظروفها الاجتماعية القاسية إلا أنها تمكنت من تعلم مبادئ القيادة سراً، وربما تتمكن من ممارستها بالخفاء ككتبها التي تخفيها عن الأعين.
طلبت من أبيها يوماً جهاز كمبيوتر، فلبى رغبتها لكنه منع عنها شبكة الإنترنت، تتساءل ضاحكة: ما فائدة الكمبيوتر في يومنا هذا بدون إنترنت؟ فيما كنت أتساءل بدوري: ما فائدة حياتنا إن لم نمتلكها؟.
فكرت وقتها لو أن مريم كانت تحيا بمجتمع آخر، غربي أو كافر كما يصفونه، فهل كانت لتصل إلى هذه المرحلة المحزنة من القمع ومصادرة الحرية؟ أو كان رجل ليتجرأ فيرسم مستقبلها دون تدخل منها؟ أنى لعصر العولمة السماح لنا بعبور بواباته وبيننا مريم وأخريات حرمن من أدنى حقوقهن البسيطة في الحياة؟.
إنه لأمر رائع وحزين في آن واحد، أن نشهد احتفال المرأة الكويتية بحصولها على حقوقها السياسية التي ستمكنها مستقبلاً من تقلد المناصب القيادية، بينما نظيرتها السعودية لا تزال تنتظر منحها الحق بقيادة نفسها وتمزيق قوقعة تحاصرها منذ سنين وتجبرها على السير خلف الرجل أسيرة لسلطته وسطوته. فيما لا تخجل فئة من مواطنيها ومواطناتها من المجاهرة برفضهم لحقها في التحرر من المقعد الخلفي الذي اعتادته في المؤتمرات أو المحاضرات أو حتى السيارات، بدعوى أن الأخيرة أمر محرم أو مكروه أو كما ينظر إليه البعض، ممن يدعي الليبرالية حتى لا يوصم بالتأخر، حق سطحي من الخطأ إضاعة الوقت في مناقشته بل إن الواجب يحتم الالتفات لأمور أخرى أكثر عمقاً. وليت القائلين بذلك من الرجال يلتفتون إلى ما هو أعمق وأجل فيهجروا القيادة وسطحيتها.
من غير الإنصاف أن نعمد إلى تصنيف الحقوق بين سطحية وعميقة. لأن ما يراه شخص أمراً يستحق الاهتمام ينظر إليه آخر بعين ملؤها الازدراء، وهلم جرا.
وعلى سبيل المثال، يعتقد بعض المحافظين أنه من الواجب قبل المطالبة بحق المرأة السياسي المطالبة بحقها في القيادة، إذ رغم باعهم الطويل مع السائقين فلا تزال تستفزهم خلوتهم مع نسائهم في السيارات.
أما إحدى السيدات فقد أرسلت تقول لي: نحن لسنا بحاجة للقيادة، إنه مطلب ثانوي ما نحن بحاجة إليه هو نزولها إلى العمل، حبذا لو تطالبن بمجالات أوسع لعمل المرأة كي تساهم بمساعدة زوجها ومشاركته أعباء المنزل الاقتصادية.
ويبرر البعض رفضهم لمسألة القيادة بالخوف من أن تسيء المرأة استخدامها، وكأن آلافاً من الرجال قد أحسنوا استغلالها حين حولوا شوارع مدننا إلى راليات سباق ومنصات للتباهي بأحدث السيارات وأماكن للتحرش بالفتيات أو التعارف بهن في ظل انعدام البدائل الأخرى الطبيعية للتعارف فجامعاتنا غير مختلطة وكذلك أماكن العمل والحفلات والنوادي وحتى مدارس الأطفال، المكان الوحيد الذي يلتقي به الجنسان هو الحرم المكي، لم يبق إذاً سوى الشارع.
أما آخر ما أدهشني فهو حوار تلفزيوني مع إحدى عضوات هيئة حقوق الإنسان السعودية تطالب بولاية المرأة وإمساكها بزمام الحكم (كونها تحلم بالولاية) فيما تندد وترفض ما قامت به الإمامة (آمنة ودود) في الولايات المتحدة حين تسلمت ولاية مسجد صغير وصلَّت بالمسلمين يوم الجمعة.
كل بات ينظر في قضية حقوق المرأة من منظوره الخاص، حتى أصبحت حياتها رهناً بأهواء أحد التقليديين أو رجال الدين أو إحدى الناشطات. لذا فالحاجة تستدعي طرح قرارات تضع حداً لهذه المهزلة، وتأخذ في حسبانها حاجات مختلف السيدات دون استثناء.
لقد بعثت الفتوى الأخيرة، الخاصة بإيقاع العقوبة على ولي الأمر الذي يجبر امرأة على الزواج رغماً عنها، الأمل في نفوس كثيرات، لا يعانين بالضرورة من مسألة إرغامهن على الزواج، بأن تعقبها فتاوى أخرى توقع العقوبة على من يسير حياة امرأة مثل مريم فيمنعها من التعليم أو العمل أو غير ذلك من الأمور المصيرية التي لا تقل أهمية عن الزواج بل قد تفوقه أهمية لدى البعض.
وكما تأمل المرأة السعودية أن يمثلها شيوخ الإفتاء في المملكة تمثيلاً عادلاً في ظل عدم وجود مفتية امرأة، فإنها تنتظر أن يتفهم أعضاء مجلس الشورى رغباتها في ظل عدم وجود من تمثلها في البرلمان، وترجمة ذلك بصورة دعم لما تقدم به الدكتور محمد آل زلفة مؤخراً بشأن جواز قيادة المرأة للسيارات رغم أن مناقشة الأمر برمته في هذا العصر يعد وصمة عار في تاريخنا. عدا عن ذلك، ومع غياب العنصر النسوي من مقاعد الشورى الأمامية أو حتى الخلفية، فسيستمر برلماننا ذكورياً لا يمثل سوى الرجال.
إلى متى ستبقى المرأة كالسجينة لا تبرح زنزانتها إلا برقيب يضبط تصرفاتها يدعى تجملاً بـ(السائق)؟ وإلى متى ستستمر النساء في بلادي باتشاح السواد الحزين والتواري في المقاعد الخلفية كالشياطين، فيما تكسو الرجال ثياب بيضاء فرحة طاهرة تكفل لهم احتلال المقاعد الأمامية كأنهم الملائكة؟.

كاتبة سعودية

نادين البدير

http://www.alwatan.com.sa/daily/2005.../writers02.htm
__________________
هلا وغلا :a
ابوغريب غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 04:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)