بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » بعد حادثة شارع النهضة هذا ما ظهر لكم فقط.. وغياب القوانين الرادعة يسهم في تفشي حالات

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 06-10-2005, 05:17 PM   #1
ولد_الصفراء
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2002
البلد: بريــــــــدة
المشاركات: 3,533
بعد حادثة شارع النهضة هذا ما ظهر لكم فقط.. وغياب القوانين الرادعة يسهم في تفشي حالات


يحيى الأمير yameer@alriyadh.com
يذكر لي أحدهم وأثناء إقامته في أمريكا، أن ذات مرة كان يتصل برقم هاتف لأحد معارفه، ولكن سوء الحظ جعله يكرر الاتصال على رقم خاطئ لمرتين متتاليتين وكان الهاتف خاصاً بامرأة، ففوجئ بمن يتصل به، ويخبره بألا يغادر مسكنه، بعد دقائق وصل رجال من الأمن، ليسألوه عما إذا كان يتحرش بصاحبة الهاتف أو يسعى لأذيتها، انتهى به الأمر بأن قدم تعهداً خطياً بعد أن تنازلت صاحبة الرقم عن البلاغ، واقتنعت بعذره.
لكن، حين يهم شاب في الرياض أن يرفع يده على فتاة، أن يطاردها حين تكون مع السائق، أو يلاحقها في مجمع تجاري، فما المصير الذي يحدث نفسه به؟

في الحقيقة.. لا شيء، فالأمر يخضع للصدفة فقط، فإذا شاهده أحد رجال الشرطة أو الهيئة فربما يتعرض لعقاب أو زجر ما، لكن إذا لم يحدث ذلك فستنتهي الحكاية بأن تتحول إلى قصة يلقيها على مسامع أصدقائه الذين لا يقلون عنه قوة وادهاشاً في مهارات التحرش والمعاكسة.

ادخل إلى أي من الأسواق أو المجمعات التجارية داخل الرياض، ترَ مناظر باتت شبه مألوفة رغم ما تعكسه من رداءة وسوء خلق عام تكون معه الحاجة لا إلى إعادة منظومتنا الأخلاقية فقط، وإنما لإعادة قراءتنا لها والخروج من موقف الاعتزاز المطلق وغير المنطقي إلى محاكمة كل هذه المظاهر غير القليلة ولا الفردية.

فيما مضى كانت السمة الأخلاقية العامة للقرى وحياة ما قبل المدينة أن الرجل لديه من (الغيرة) و(الحمية) ما يجعله عونا لأي امرأة تتعرض لأي اذية أو اعتداء، وكان من مظاهر الفخر والقوة اعتزاز الرجل بأنه صاحب مواقف حادة أمام ما يمكن أن تتعرض له أي امرأة، والموروث الأدبي والقبلي مليء بإشارات ومعان كثيرة تؤكد ذلك لكن الذي غيب ذلك أن اعتزاز الرجل بحميته للنساء كان جزءاً من الشخصية العامة للجماعة التي تعرف بعضها بعضاً وبمجرد أن غابت الجماعة وحلت محلها المدينة تراجعت تلك المعايير لأنها كانت مربوطة بكونها محل فخر اجتماعي، أكثر من كونها عنصراً أصيلاً في الثقافة والسلوك، بالإضافة إلى أنها كانت قائمة وفق ذهنية التخلص من العيب ومحاربته لا وفق تصور مدني أو ديني أو أخلاقي، وإنما هو جزء من عدم السماح بالعيب وملاحقته، مما لم يكتب له أن يستمر، ومما يؤكد مجازيته أنه مازال قائماً في المدون الثقافي والأدبي، وإن انقلب من محاربة وقوع العيب، إلى امتداح الذات بأنه غائب وأن لدينا من القيم ما يمنع حدوث مثل هذه الجرائم والتحرشات.

لكن الصورة لا تبدو هكذا بأي حال من الأحوال، فالرؤية التي مازالت تتعامل مع المجتمع على أنه خال من العيوب والنقائص وأنه مجتمع إسلامي ملتزم وله خصوصيته واختلافه عن العالم، كلها عناوين تحتاج إلى إعادة نظر وتوصيف من جديد، فأدنى درجات الالتزام بجوهر السلوك الإسلامي والمدني والمتحضر، وأدنى اعتناق لقيم الأصالة والذوق والأدب العام لا يمكن أن تسمح بأي تحرش أو أذية مهما كانت، فكيف بها حين تكون أذية جسدية حيوانية وشهوانية، فلماذا يحدث ذلك؟

أولاً.. لا يمكن القول إن حادثة واحدة تعكس كل شيء، كما أنه لا يمكن القول إنها حوادث شاذة وأحادية، فما حدث في شارع النهضة واهتز له الشارع السعودي تداولاً ونقاشاً، حصد كل ذلك الاهتمام لأنه تم تصويره فقط، وإلا فهناك الكثير من الحوادث التي لم تصور ولم يعلم عنها أحد وكانت تنتهي بغصة في حلوق المعتدى عليهن وبنشوة تافهة وسطحية لدى الفاعل. وتقول: غادة الحسن: إن ما تناقلته الهواتف المحمولة عن حادث الفتيات في شارع النهضة ليس هو كل ما يحدث، والالتفات الذي حدث لهذا الموقف ليس لأنه الوحيد بل لأنه هو الذي شاع وانتشر، وإلا فهناك أحداث كثيرة مماثلة ربما تقل أو تكبر حدة عن هذه القضية، ولكنها في النهاية حوادث تحرش وتحدث بشكل مستمر.

هذه إحدى فتن الصورة ووسائل الاتصال التي تحوي نفعاً وضرراً في ذات الوقت، فالذين قاموا بهذا الحدث وأرادوا الاستمتاع به عن طريق تحويله إلى صورة، ساهموا كذلك في كشف فعلتهم عن طريق تحويلها إلى صورة، وهذا شكل طردي للعلاقة بين سوء استخدام المنتج التقني وبين كونه يؤدي إلى التحقق والادانة للفاعلين، لكن القضية ليست في حادثة فتيات شارع النهضة فقط.

لماذا يغيب المانع والوازع الذي قد يدفع شاباً أو مجموعة شباب للقيام بعمل كهذا، وما الذي يدفعهم لفعلة كهذه؟ لا يمكن القول ان انحرافاً واحداً وفردياً هو الذي أدى إلى ذلك، ولا يمكن انكار أن هناك من لديه ذات الاستعداد لارتكاب موقف كهذا أو مشابه له.

ربما يمكن الجزم أن هؤلاء الشباب الذين قاموا بهذه الحادثة لا يوجد في بال أي منهم أية صورة واعية ومدنية للمرأة، بل لم يحدث لأحدهم - ولأمثلهم من الشباب - أن أقام أي تصور سوي عن المرأة، إذ لا تعدو بالنسبة له أكثر من مبرر للشهوة، وعامل متعة حيواني، وهو ما يمثل له وازعا لأن يتقدم عدواناً وانتهاكاً باتجاه أذيتها، مدفوعاً بالصورة الذهنية لديه عن المرأة، التي لم يتعرف عليها إلا من خلال القنوات الجنسية، وملاحقة مواقع الانترنت التي تقدم ذات المادة المثيرة، مع غياب تام لأي صورة أو معرفة أو نظرة أخرى يمكن أن تمثل له رادعاً، فلا امرأة سوية في حياته عدا اخواته اللاتي يخضن معه دائماً حرباً طاحنة على لبس عباءة الكتف أو الصعود مع السائق بمفردهن.

هذا النموذج من الشباب يمكن اعتبارهم حصاداً مراً لثقافة رديئة حيدت كل الصور الفعلية والعملية والإنسانية للمرأة، سواء تلك التي حملها الإسلام أو القائمة في التجربة الإنسانية، وأبقت الصور التي لا تحمل إلا حديثاً عن كونها مبرراً للفتنة وأداة للخراب والخطيئة والعيب، إضافة إلى الضخ المقابل والعكسي الذي لا ينتج الامزيدا من الشهوة والإسهام في طمس الصورة الإنسانية.

حين تتابع المقطع الذي انتشر في كل أوساط المجتمع يلفت نظرك المكان وعموميته، فما حدث لا يوحي بأن غرضاً يمكن قضاؤه أو مأرباً يمكن الحصول عليه، وحركات الشباب وتصرفاتهم مع الفتيات العابرات توحي برغبة الأذية، وهي ما يمكن أن يحدث وتشاهده كثيراً أن يقوم به شباب كذلك مع عمال أو سائقين في الشوارع أو عند الإشارات، ولكن الذي يميزه عن ذلك أن نوع الأذية وارتباطها بما هو جنسي وشهواني، يظهر ذلك في الكلام المنفر والسيئ الذي حمله المقطع، وهو ما يعيد الأذهان لقصص أخرى مشابهة في هذا الصدد لكن الفارق بينهما أن الأولى كانت أذية فردية بينما الثانية أذية عامة، وممارسة لنوع من الاعتداء الذي يأخذ شكلاً، ويقول المحامي محمد المشوح: إن ما حدث في موقف فتيات شارع الروضة عدوان على المجتمع بأكمله، وأذية تأخذ شكلا عاما، لأنها حدثت في مرفق عام يستخدمه الجميع مما يجعلهم عرضة لذات الموقف.

إن ما يهم هنا ليس مواجهة هذا الحادث والتصدي له وحده، لأنه يمثل إشارة فقط أكثر من كونه قضية، فهو ناتج لا سبب، وهو طرف من مشهد يمتد طويلا في مناطق ومجتمعات عدة، وربما شهد كثافة أكثر في مناطق دون غيرها، ولكن حصار الحالات ومحاولة تصيدها من موقع إلى موقع لن يكون مجدياً بأي حال من الأحوال، تقول.... ، في الأسواق والأماكن العامة أصبح من المألوف أن ترى فتاة تتعرض للملاحقة والأذية، ومن الشائع أن ترى أحدهم يتحدث إلى فتاة عابرة بجواره، أو يملي عليها رقم هاتفه، أو يسمعها ألفاظا نابية، وقد تعرضت أنا واخواتي وأمي إلى كثير من ذلك، والمشكلة اننا في كثير من المواقف وحين يصادف مرور من يقع عليه انصافك في مواقف كهذه تجده يتعرض لك باللوم ووضع الحق عليك، فأصبحنا لا نستنجد بأحد لأننا سنلام في النهاية.

أعمال التحرش ومواقف سوء الأدب مع النساء في الأماكن العامة والذهنية الرديئة والبذيئة التي ينطلق منها هذا الفعل، وحيوانية الاقدام على كل ماهو شهواني كلها مظاهر ارتبطت بروافد عدة وباتت سلوكاً لابد من الاقرار به والالتفات إلى مواجهته عوضا عن التغني بأوصاف وعناوين غير ذات جدوى، واذا كان الاشكال ثقافيا واجتماعيا، فإن الشق الآخر منه يمكن ارجاعه إلى ما ليس ثقافياً ولا اجتماعياً، وهو القرار والقانون.

بعد أيام من الحادثة استطعت الجلوس إلى مجموعة من الشباب (جيل ما بعد 1400ه) وكان الحديث القائم هو الحادثة والفيلم الذي انتشر، ذكر لي بعضهم كيف أنهم قد قاموا بمواقف مماثلة فيما يتفق جميعهم على أن ملاحقة الفتيات في الأسواق والأماكن العامة منتشرة جدا، ومن لم يقم بها فعلا فهي على الأقل مقبولة لديه كفكرة، وسانحة للتنفيذ في اي وقت ويقول فواز العقل: هذا شيء منتشر جدا لدى الشباب، وحتى البنات لم يعدن يستغربن أن يقوم أحد بالنظر إليهن أو طلب رقم هاتفها، وهي إما أن ترفضه أو أن تقبله.

ولكن هل بالإمكان أن يمد يده ويصنع كما صنع الشباب مع فتيات طريق النهضة؟ وبصوت شبه جماعي أخذ الشباب يجيبون: لا.. لا.. لا.. يعللون ذلك بأن الشباب الذين قاموا بالفعل لا ينتظرون في النهاية من هذه الفتاة استجابة او قبولا، فهم إما يئسوا من أن تستجيب لهم، أو أنهم يقصدون الأذية من أول الأمر، ولكن هل حادثة النهضة أمر يتكرر؟ يوضح الشباب أثناء جلستنا تلك على أن لبساً لدي لابد من أن يوضحوه، وهو أنني لا أفرق بين شباب يحاول أن يفتح تواصلا مع فتاة بشكل سلمي، فإن رفضت تركها، وبين شاب يقوم بالأذية إذا رفضته أو لم تستجب له.

يجمع كثير من الشباب ورجال القانون أن السبب الرئيس في حدوث مثل هذه المظاهر المؤذية ان الذي يقوم بأفعال كهذه لا يعلم ماذا ينتظره أو ماذا سيحل به، أي لا يعلم ما العقوبة التي ربما تترتب على فعلته هذه، خاصة أنها في حال انتهت دون أن يراه أحد فلن يحدث له شيء، وسيعود كما جاء هذا ثغرة كبرى في تنظيم حياة المدينة، اذا لا يمكن ابقاؤها وفق القيم والأعراف القروية أو القائمة ما قبل المدينة، فإذا كان الضابط سابقا هو ارتباط الإنسان بمن حوله فإن هذا ينتهي بدخول زمن المدينة مما يعني أن قانونا لابد أن يقوم ليكون واضحا ومحددا، ويعلم الجميع ما عليه في حالة أقدم على شيء كهذا.

كثير من الدول العربية والخليجية تطالعك حين تزورها بمجموعة من القوانين وعلى رأسها قانون التحرش، والذي يصل الحكم عليه في بعض الأحيان إلى أكثر من ثلاث سنوات، ويقوم في بعض الدول على استثمار بعض الصفات الاجتماعية كمدخل للعقاب، كما يحدث في الإمارات العربية المتحدة.

في أمريكا - والتي لا تمثل للشباب القائمين بالفعل ولا للائمي الفتيات - سوى دار للخزي والفسق، لديها واحد من أكثر قوانين التحرش قوة في العالم، ولا يفرق بين فرد وغيره، والجميع تحته سواسية إلى أقصى الحدود، ولا يمكن أن تمر أي شخصية مهما كانت، يقول المحامي الأستاذ محمد المشوح: لا يعلم الشباب الذي يهم بفعل كهذا ما يمكن أن يحدث له، بسبب غياب القانون يوضح ما له وما عليه، ويوضح مقدار الخطأ وما يلزمه من العقوبة.

وأزمة غياب القانون تتبدى في كثير من القضايا لكنها تأخذ شكلاً شعبياً حين تكون الجريمة بهذا الشكل، مما يجعل غياب قانون منظم لهذه الحالة اختراقاً كبيراً لحالة الشعور بالأمن التي يجب أن ترافق الجميع، ولحالات الوعي الفردي بالعقاب الذي ينتظر كل من يقوم بفعل كهذا.

لا يمكن أبداً القول بأن الحل سيكون حلاً دينياً عن طريق الاعتماد على الوازع الديني لدى الأفراد، وإلا لما وضع الله تعالى الحدود والعقوبات، خاصة وأن الوازع الديني إذا وجد عند فرد فقد لا يوجد عند غيره، وإذا مثل مانعاً لفرد من ارتكاب خطأ فلن يكون مانعاً للجميع، مما يعني أن ايجاد قانون يرفد الوضع الأخلاقي العام، فمن منعه دينه ومنعته أخلاقه وإلا سيمنعه القانون الواضح والمحدد.

إن استمرار غياب قانون يحد من هذه الاعتداءات هو بمثابة تشريع لكل ما هو غير قانوني، واعتماد على المضامين والقيم والعناوين التي لم يصمد منها شيء، والتي لا يمكن الاعتماد عليها في إقامة نظام واضح، وتشير تقارير حكومية إلى أن حوادث التحرش الجنسي تأتي في مرتبة متقدمة بين عدد كبير من حوادث التحرش فقط في عام 1424ه، والسؤال هو أين هم هؤلاء الألف الذين تم القبض عليهم، وكم منهم كان يتوقع أن يقبض عليه وما الجزاء الذي تعرضوا له، وكم من حالة منها نالت العقاب الذي تستحقه، وفي الواقع وبشهادة كثير من الشباب فلا أحد يسعى لأي موقف مماثل يمكن أن يشعر بأي خشية أو خوف مسبق من أي شيء، ولا حتى أولئك الذين يتجاوزون الشكل السلمي للمعاكسة، يشعرون بأي خوف أو قلق، وسبب ذلك أن احتمال أن يتم القبض عليك احتمال ضئيل جداً، وأن الفتاة التي اعتديت عليها لن تستطيع أن تجد جهة لتشتكي إليها، خاصة أن كثيراً من العته الفحولي سينصب عليها ويحملها جزءاً مما حدث، ولأن الذين يقومون بهذا يحاولون أن يتخيروا المكان والوقت المناسبين.

إن الذين يتجهون باللوم إلى الفتيات لأن عباءاتهن كانت على شكل ما أو لأنهن كُن في حالة ما، ويستدلون بأبيات شعر هزيلة عن الغيرة والحمية هم جزء من هذا الداء ومن هذا الارتباك الاجتماعي، فالقضية ليست أن يمتنع أحد عن مكان معين أو عن زي معين ليكون آمناً، القضية أن يكون كل مكان آمناً أصلاً، وواحدة من أبرز الصفات التي نتغنى بها ليل نهار هي صفة الأمن، فإذا بنا نحولها إلى مجرد وضع مشروط يستلزم منك وقتاً معيناً وزياً معيناً!!، خاصة وأن الأمن في المملكة أجل من أن يربط بشكل أو هيئة معينة، كما أن المئات من النساء العربيات والأجنبيات يجبن كل أسواق الرياض دون أن يتعرض لهن أحد.

إن من حقك أن تلبس كما تريد وأن تخرج كما تريد إذا لم تجرح الذوق العام، أما الذين سيتخذون من الحرية الشخصية مبرراً لإلقاء اللوم على المجني عليه هم صُنّاع هذا التناقض، والداعون إلى ترسيخ هذه العلل الاجتماعية نتيجة تعليق تلك العناوين التي لم تعد تجدي نفعاً.

إذن.. فندع الحديث عن الإشكالية الاجتماعية والثقافية لاحقاً، لأن المعمول عليه والأهم هو استصدار قانون يرتب كل هذا ويشرع للعقوبات والحقوق، ويصبح خلفية أولى تحدد موقف كل من يتجه إلى خطأ بدائي كالتحرش قبل أن يقدم عليه، وليست المفاضلة بين المملكة وغيرها بشكل منطقي للتفكير لكن من غير اللائق حضارياً أن نكون الأكثر تغنياً وحشداً لصفاتنا الايجابية ثم يأتي الواقع الذي يجعلنا في أقصى حالات التخبط والصدام بين توزيع التهم والمسؤوليات.

المسؤول عن مثل هذه الحوادث على الأرض ليس دوريات الشرطة لا هيئة الأمر بالمعروف، ولا إمارات المناطق، وإنما المسؤول الأول عنها غياب قانون فعلي يشترك الجميع في فهمه، وتشترك كل الجهات المسؤولة في تطبيقه.

إن ترك الأمر - كما يقول المحامي المشوح - للاجتهادات أو التعزير أو رأي القاضي لا يمكن أن يصنع لك أمناً ولن يضبط لك الشارع.

إذا كانت وزارة الداخلية قد بادرت بعد زيادة الرواتب بنسبة 15٪ إلى التحذير مما قد يحدث من ارتفاع الأسعار، وقامت بتخصيص رقم اتصال لتلقي الشكاوى والاستفسارات، وقد صنعت كل ذلك انطلاقاً من تنبهها الذاتي وغالباً دون أن يشتكي أحد، لأن قرارها جاء تالياً لقرار الزيادة، مما يعني أن ذهنية القرار الاستباقي الذي يمنع يحاصر الأخطاء قبل وجودها أمر قائم وحاضر، فكيف إذا كان ما ينتظر لا استباقاً ولا أولياً ولا ثانياً، وإنما هو قرار حزم ورحمة في ذات الوقت.

ماذا لو صدر قانون للتحرش وأنواعه وعقوباته، لا يستثني أحداً، وخصصت الجهات الأمنية خطوطاً ساخنة لتلقي الاتصالات من أي فتاة تتعرض لأذية مماثلة، ويتم التعامل معها بكل مدنية وسرية. وتوسيع الفعالية الإعلامية والتربوية لنشر هذه القوانين وما تقتضيه من التزامات فردية وجماعية.

ما لم يحدث شيء من ذلك وبقي العلاج فردياً، واستمر التعويل على العناوين التي بهتت وصدئت، وغابت القوانين الفعلية والمنصفة فستظل الهواتف المحمولة عبارة عن مستودع أسرار خطير يمكن أن يتخذ كمستند نقارن من خلاله بين ما نقول وما نتغنى به، وبين ما يحدث في الأرض وعلى الشارع، وما يعكس جوانب لا يمكن الاستهانة بها، ستسهم في تحديد أطراف من ملامح المستقبل السعودي، فاجعلوه ناصعاً قدر الإمكان.
ولد_الصفراء غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:08 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)