|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
11-03-2006, 06:36 PM | #1 |
إمام وخطيب جامع الروّاف
تاريخ التسجيل: Sep 2004
البلد: السعودية
المشاركات: 261
|
الثقة بالله
بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله، وصفيه وخليله. بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده. صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد..( الثقـة بالله ) د. صالح بن عبد العزيز التويجري 10-2-1427هـ عباد الله: إن الاستغراق في شهوات الدنيا، ورغائب النفوس، ودوافع الميول الفطرية هو الذي يشغل القلب عن التبصر والاعتبار؛ ويدفع بالناس إلى الغرق في لجة اللذائذ القريبة المحسوسة؛ ويحجب عنهم ما هو أرفع وأعلى؛ ويغلظ الحسُّ فيحرمه متعة التطلع إلى ما وراء اللذة القريبة؛ ومتعة الاهتمامات الكبيرة اللائقة بدور الإنسان العظيم في هذه الأرض؛ واللائقة كذلك بمخلوق يستخلفه الله في هذا المُلك العريض. ولما كانت هذه الرغائب والدوافع - مع هذا - طبيعية وفطرية، ومكلفة من قبل الباريء - جل وعلا - أن تؤدي للبشرية دورا أساسيا في حفظ الحياة وامتدادها ، فإن الإسلام لا يشير بكبتها وقلتها ، ولكن إلى ضبطها وتنظيمها ، وتخفيف حدتها واندفاعها ؛ وإلى أن يكون الإنسان مالكا لها متصرفا فيها ، لا أن تكون مالكة له متصرفة فيه ؛ وإلى تقوية روح التسامي فيه والتطلع إلى ما هو أعلى . ومن ثم يعرض النص القرآني الذي يتولى هذا التوجيه التربوي .. هذه الرغائب والدافع ، ويعرض إلى جوارها على امتداد البصر ألوانا من لذائذ الحس والنفس في العالم الآخر، ينالها من يضبطون أنفسهم في هذه الحياة الدنيا عن الاستغراق في لذائذها المحببة، ويحتفظون بإنسانيتهم الرفيعة. وفي آية واحدة يجمع السياق القرآني أحب شهوات الأرض إلى نفس الإنسان : النساء والبنين والأموال المكدسة والخيل والأرض المخصبة والأنعام .. وهي خلاصة للرغائب الأرضية ... ثم يعرض في الآية التالية لذائذ أخرى في العالم الآخر: جنات تجري من تحتها الأنهار. وأزواج مطهرة. وفوقها رضوان من الله .. وذلك كله لمن يمد ببصره إلى أبعد من لذائذ الأرض، ويصل قلبه بالله ، يقول المولى جل وعلا: ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والخيل المسومة ، والأنعام ، والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب . قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج طهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد . الذي يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار . الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ). [آل عمران: 14-17]. عباد الله: الثقة بالله تعلق القلب به مع فعل الأسباب الشرعية.. ونزع الثقة بالمخلوق مهما كان. هي راحة في الضمير، وعلو في الهمة، وتجرد من المخلوقين، وسمو إلى الخالق جل وعلا. هي روح التوكل الذي هو جماع الإيمان وهي لبه وخلاصته. الثقة بالله: أمن العبد من أن يفوته ما قدره الله له وكتبه عليه؛ وهي قمة التفويض إلى الله، (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )[غافر:44]. قال الهروي: (الثقة: سواد عين التوكل، ونقطة دائرة التفويض، وسويداء قلب التسليم). الثقة أيها المسلمون هي الاطمئنان القلبي الذي لا يخالطه شك. والتسليم لحكم الله الديني الأمري، ولحكمه الكوني القدري فيما لم يؤمر العبد بمنازعته ودفعه، ولم يقدر على ذلك كالمصائب التي لا قدرة له على دفعها. (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)[النساء: 65]. لقد أوحى الله إلى أم موسى فقال: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص :7]. لم تكن لتلقي ولدها وفلذة كبدها في تيار اليم المخيف تتلاعب به أمواجه، وتلقيه إلى ما شاء الله لولا ثقتها بالله سبحانه. فكان جزاؤها أن قال سبحانه: (فرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [القصص: 13]. عباد الله: ولكم في رسول الله أسوة حسنة. لقد كان صلى الله عليه وسلم يصور لنا هذه الصفة الحميدة، والمنزلة الرفيعة، والخلق السامي: تصويراً حيا نراه في سيرته ، قولا وعملا. ففي هجرته صلى الله عليه وسلم إلى مكة لما طلبته قريش يقول أبو بكر: فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غيرُ سراقةَ بنِ مالك على فرَسٍ له. فقلت: هذا الطلبُ قد لحقنا يا رسول الله. فقال: بنفس واثقة بوعد الله، مطمئنة بحفظه سبحانه: لا تحزن إن الله معنا. أخرجه البخاري ومسلم. وفي الغار: يقول أبوبكر رضي الله عنه يا رسول الله : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال: ما ظنك يا أبا بكر باثنين، اللهُ ثالثهما. أخرجه البخاري ومسلم. قيل لإبراهيم بن أدهم: ماِ سر زهدك في هذه الدنيا فقال أربــعٌ: علمتُ أن رزقي لا يأخذه أحدٌ غيري فاطمأن قلبي، وعلمت أن عملي لا يقوم به أحد سواي فانشغلت به، وعلمت أن الموت لا شك قادم فاستعديت له، وعلمت أني لا محالة واقف بين يدي ربي فأعددت للسؤال جواباً. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: عباد الله: إن أكثر الناس شكوًى وتذمرًا، أصحاب الدنيا، وطلابها، الحريصون على متاعها، وامتلاكها. ومتى كان هم الإنسان دنياه، وطغى ذلك على الغاية التي خلق من أجلها، دخل في الحياة الضَّنك، ضنكِ الانقطاع عن الاتصال بالله والاطمئنان إلى حماه. ضنكِ الحيرة والقلق والشك، ضنكِ الحرص والحذر، الحرص على ما في اليد والحذر من الفوت. ضنكِ الجري وراء بارق المطامع والحسرة على كل ما يفوت. وما يشعر القلب بطمأنينة الاستقرار إلا في رحاب الله. وما يحس راحة الثقة إلا وهو مستمسك بالعروة الوثقى. إن طمأنينة الإيمان تضاعف الحياة طولاً وعرضاً وعمقاً وسعة، والحرمان منه شقوةٌ لا تعدلها شقوة: الفقر والحرمان. أخرج الإمام أحمد من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "من كان همه الآخرةُ جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا، فرَّق الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له". يا طالب الرزق إن الرزق في طلبك والرزقُ يأتي وإن أقللت من تعبك لا يملكنك لا حرص ولا تعــب فيُسلماك ولا تدري إلى عطبـك أيها المؤمن: ثق بالله خالقك، وكِلْ أمرك إلى رازقك، وأقلل من شغبك، وأجمل في طلبك، واعلم أنك بمرأًى من الله ومسمعٍ، قد تكفل برزقك، فيأتيك من حيث لا تحتسبه، وضمن لك ولعيالك قوتهم، فيدر عليك من حيث لا ترتقبه، وعلى حسب الثقة بالله يكون حسن المعونة، وبمقدار عدولك عن الله إلى خلقه يكون كلُّ المئونة. ومتى حلت بك ضائقة في مالك أو نفسك فاعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً إن مع العسر يسرا. إذا ضاقت بك الدنيا ففكر في ألم نشرح فعسر بين يسرين إذا تذكرهما تفرح
__________________
1) الملاحظات. 2) اقتراح موضوع خطبة مع دعمه بوثائق أو مراجع. الرجاء التواصل عبر البريد الإلكتروني: saleh31@gmail.com حفظكم الله ... |
11-03-2006, 06:43 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Feb 2005
البلد: واحة النجوم
المشاركات: 3,304
|
إذا ضاقت بك الدنيا ففكر في ألم نشرح
فعسر بين يسرين إذا تذكرهما تفرح .. بارك الله فيك شيخنا الفاضل ونفع بك ..
__________________
(يابني أركب معنا ) .. لم أعد أكتب بمعرف [ أبوفارس الخالدي ] وذلك لوجود من انتحل هذا الاسم في منتديات كثيرة وهو ليس لي مع فائق الود والتحية . |
الإشارات المرجعية |
|
|