[بارق]

حوار هادئ مع سلمان العودة
كم كنت أتمنى لو قرأ الكثير من دعاتنا وقادة الفكر الإسلامي لدينا ذلك المقال الطيب الذي سطره الشيخ سلمان بن فهد العودة على بياض صحيفة المدينة يوم الاثنين الماضي داعياً فيه إلى مشروع لـ"توحيد الكلمة" داخل إطار العمل الإسلامي مبيناً أن "أولياء الإسلام هم أقل الناس إنتاجاً في ميدان الواقع" ومعيداً ذلك إلى التشرذم والخلاف الذي يجعل جزءاً غير قليل من الطاقة الإسلامية يدمر بعضه بعضاً. لقد استشهد بأنموذج من هذا الخلاف حين أشار إلى أن بعض المسلمين "يطبع من كتاب عشرين ألف نسخة ثم يطبع أربعين ألف نسخة للرد عليه فضاعت ستون ألف نسخة سدى... وكانت النتيجة ليست (صفرا) بل هي أقل من الصفر".
هذا الاستنتاج الجميل الذي أتحفنا به فضيلة الشيخ العودة يشير إلى نقطة جوهرية لابد أن الشيخ نفسه قد عقلها واستدركها بعد أن بلغ الأربعين وهي مرحلة نضج مشهودة في تاريخنا الإسلامي وفي سيرة الأنبياء والعلماء وأولياء الإسلام. أعود بالقارئ الكريم إلى سنين خلت, حين حضرت مؤتمراً إسلامياً في الولايات المتحدة وكان هناك توزيع هائل لكتاب سطره شيخنا الكريم سلمان العودة رداً على شيخ آخر هو محمد الغزالي وعنونه بحوار هادئ مع الغزالي. وبودي لو أجاب شيخنا الكريم عن نظرته تجاه ذلك الكتاب الذي حمل في حينه كثيراً من السطور الملونة باللون الأحمر وكيف سيكون موقفه منه لو أنه استدرك مما مضى ما أدرك وهل سيعيد النظر في التأليف وفي ذلك الإصدار بالذات تمشياً مع ما سطره أول من أمس؟ أحسب أن شيخنا الكريم قد وصل اليوم إلى مرحلة النضج التي تتيح له أن يكون في موقف الموجه والمرشد للذين مازالوا اليوم في أول الطريق وفي مقتبل العمر يدفعهم الحماس والغيرة, ولكن بنبرة عاطفية قد يكون لحيوية الشباب جزء في أساسها ومنطلقها. لايزال في أذني اليوم شيء من خطب عصماء رنانة يصم فيها بعض "أولياء العمل الإسلامي" غيرهم بكثير من النعوت ويقدحون في معتقداتهم ومع ذلك فإن نفس الخطباء قد غيروا من نبرتهم حين بان لهم الحق و"النضج" لكن هذا يحمل في ثناياه خطورة بالغة لأجيال تتربى وتسمع من مشائخهم شيئاً لا يلبثون أن يعودوا لينقضوه في مرحلة لاحقة.
توحيد الكلمة ليست إلا مرحلة تالية لتوحيد الصفوف, لكن توحيد الصفوف لن يتم إلا عبر نموذج ثابت لا يتغير في الجوهر ولهذا آن لنا أن نستمع لصوت شيخنا الكريم. مطلبنا أن يتم توجيه شباب الصحوة عبر قيم ثابتة لا تخضع لمقولة تساق اليوم لنخرج غداً بما يقضها من الأساس ومطلبي أن يتسع صدر شيخي الكريم لكل كلمة لن أملك لها جواباً إلا من قلمه الذي دعا بكل صدق إلى "توحيد الكلمة".

علي سعد الموسى