[خالد بن عبدالله المشوح]

--------------------------------------------------------------------------------
حــول الــمرأة


خالد عبدالله المشوح
تحتل المرأة الجدل الأكبر ليس لدى التيارات الدينية الإسلامية فحسب بل على مستوى سياسات الدول وتقييم قيم الانفتاح والمعاصرة لدى أي منها , ولست بصدد مناقشة الأطروحات الغربية تجاه المرأة فهي ومهما اختلفنا معها تنطلق من ثقافة تلك الشعوب سواء كانت الدينية التي اعتبرت المرأة والرجل جسدا واحدا، لا قوامة ولا تفضيل بل مساواة تامة في الحقوق والواجبات. وحرمت الطلاق وتعدد الزوجات، وأعطت قيما روحية اكبر. وأعطت لمؤسسة الزواج تقديسا خاصا ومساواة في الحقوق بين الطرفين من منطلق إنجيلي مقدس , أو الثقافة المادية التي تعتمد على المرأة كعنصر سحري جذاب لشتى المقومات المادية المعاصرة فذلك شأنهم وتلك ثقافتهم ولكل حريته.
أعود إلى الجدل الدائر عن المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية فحقيقة أنني متعاطف جدا مع المرأة ووضعها المأساوي في بلادنا فهي أداة حادة تستخدمها التيارات المتصارعة في مجتمعنا لتحقيق ذاتها ومكاسبها الفكرية على حد سواء دون الإمعان في احتياجات المرأة وحقوقها، فالشكليات الخارجية وما يهم الرجل منها، هو محل الجدل، فاللباس وأشكاله وطرقه، وقيادة المرأة للسيارة وعملها مع الرجال، هما المسيطران على المشهد الحقوقي للمرأة من شتى التيارات, بخلاف حقوق المرأة المادية والظلم الواقع عليها من بعض أطياف المجتمع، فالحديث يكون فيها من باب تحلة القسم.
فمن الناحية الدينية نجد أن المرأة خُنقت بعادات اجتماعية باسم الدين وقداسة الديني وهي في حقيقتها قيم اجتماعية وتقاليد قبلية خاضعة لمستجدات المجتمع وتناغمه مع مبادئ المدنية الحديثة, ومع ذلك نجد المحافظة والصراع عليها أشد وأقسى من الصراع على بعض الثوابت والأسس في الدين الإسلامي، والمشكلة أن كثيراً من الدعاة والعلماء يقرون بأن هذه الأشياء ليست من الدين, ويظل الإسلاميون قلقين من مصطلح تحرير المرأة ومرتابين منه بغض النظر عما يحمله من توافق أو اختلاف مع الشرع.
وعلى النقيض من ذلك هناك أصوات تطالب وبقوة وتدعو إلى احتذاء مسلك المرأة الغربية ومجاراته بكل علاته لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الرجل والمرأة وزيادة الإنتاجية الاقتصادية والحد من هدر الدخل القومي بتفعيل نصف المجتمع من خلال كسر المنظومة الاجتماعية والتلاحم الأسري دون الأخذ بعين الاعتبار المستوى الثقافي لدى الأسرة ما يعني تمرد أو تسلط أفراد الأسرة بعضهم على بعض وهو ما شاهدناه من خلال أخبار هروب الفتيات من المنازل أو الحبس القسري للمرأة في البيت!
وبالإجمال فهي دعاوى فيها الصحيح وفيها المعلول وفيها المرفوض مطلقاً، فالتفوق الغربي جاء في ظل منظومة فكرية متناسقة غير متناقضة والمرأة جزء من تلكم المنظومة.
وهي في قيمها المعتبرة دينيا وثقافيا ليست عائقا للمجتمع في نموه ولا أدل على ذلك من تجربة المرأة اليابانية التي تعد مختلفة بشكل كبير عن تجربة المرأة الغربية من خلال اختلاف الثقافة بين المنظومتين، حيث لا يتجاوز عدد العاملات 38% فقط من النساء مع أن كثيرا من اليابانيات يفضلن المنزل عن العمل للقيام بمهمة التربية، لاسيما إذا كان الرجل الياباني يقضي معظم يومه في العمل, ومع ذلك يمكن أن نقول للكل (رفقا بالقوارير).
http://www.alwatan.com.sa/daily/200...s/writers07.htm