بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » نار العنوسة .. أم عار الزواج من غير القبلي؟ .. أشيروا علي

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 27-11-2006, 04:01 PM   #1
هند الودعاني
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 24
نار العنوسة .. أم عار الزواج من غير القبلي؟ .. أشيروا علي


هل كانت جرأة وشجاعة من الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي أن يكتب عن هذا الموضوع الشائك والحساس " العصبية القبلية " ويفند ما يثار من الشبهات التي تكرس في أذهان الناس وتصوراتهم أسس الطبقية والعصبية القبلية التي هدمها الإسلام؟.

كم فرحت بصدور كتاب كهذا مدعم بالدليل والتعليل وكلام العلماء لأنه وضع اليد على جرح غائر في بلاد نجد التي تفتخر بوجود أكابر العلماء والدعاة والتي كانت بداية لانطلاقة دعوة غيرت نظام الحياة في الجزيرة العربية كلها ألا وهي دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب .

قبل أن أتحدث عن " العصبية القبلية " وتداعياتها في بلادنا أحب الإشارة إلى أنني مصنفة بحسب التقسيم الدارج من القبليين وهو أمر لا أشعر معه بالترفع أو الزهو فحفظ النسب محمدة للمرء لكنه ليس مدعاة للفخر أو الخيلاء أو تنقص الآخرين أو حتى التعصب المجرد ضد الآخرين أيا كانوا.


وأنا إذ أكتب هنا باسمي الصريح أعلن عن رغبتي الشديدة في وضع لبنات لعلاج أزمة التعصب القبلي وآثارها السلبية في نسيج المجتمع المتلاحم إلا حين الوصول إلى قضية القبيلة فحينها تبدأ ظهور الرواسب الجاهلية لدى الكثير إلا من رحم الله منهم.

كما أنني بحمد الله أم لمجموعة من الأطفال الذين أحاول جاهدة تنشأتهم تنشئة صالحة على حب الخير للناس وعدم الافتخار عليهم بشيء إلا بما شرعه الإسلام ودعا الناس إليه.

الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي قام بتعليق الجرس ووضع حجر الأساس لمشروع الثورة الاجتماعية على العادات المخالفة لشريعة الله تلك الشريعة التي نتشرف بالانتساب لها وتطبيقها والحكم بها وهو موقف مشكور منه ومن بقية العلماء الربانيين الذين شاركوه في إبداء رأيهم بشجاعة وجرأة ليضعوا حدا للعديد من المشكلات الاجتماعية المنبثقة عن تلك التعصبات.

لقد كانت جزيرة العرب قبل ظهور الإسلام عبارة عن قبائل متناحرة، وكان الرابط بين هذه القبائل هو العصبية القبلية فحسب، حتى ظهر الإسلام وحكم بين الناس بالعدل، وساوى بينهم، فلم يفرق بين عبيد وأشراف، وأغنياء وفقراء، وآخى بين العرب وغيرهم، وجعل الرابط هو رابط التقوى والعقيدة، ومن معجزات هذا الدين هو توحيد المسلمين، وتوحيد العرب على العصبية الإسلامية، وذلك لكون هذه العادات مترسخة منذ مئات السنين وجاء الإسلام ليزيحها في سنوات قليلة.

قال الله تعالى: وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌسورة الأنفال 63.

ولكن و مع ضعف الوازع الديني ، وبعد زمن القرون المفضلة ، عادت ظاهرة العصبية القبلية بصورة أخرى تنتشر في أنحاء الجزيرة العربية ، وفي منطقة نجد بصورة أكبر، وقل أن نجد من تطرق لهذه الظاهرة، مع أنها ظاهرة تتنافى مع الشرع ، ويترتب عليها العديد من الآثار التي لا تحمد عقباها في الأوساط الاجتماعية.

ولئن أكن منطقية أكثر في الحديث فإن صلب الموضوع وأسه الأكبر هو قضية الزواج بين القبليين وغير القبليين وما يترتب على ذلك من الآثار السلبية وعلى رأسها قطيعة الرحم وانتشار العنوسة وتفشي الانحراف الخُلقي بين الشباب نتيجة للتشدد والتعصب في قضايا الزواج.

سوف أحاول في هذا الموضوع الحديث عن الآثار الاجتماعية السلبية لمثل هذه العادات الاجتماعية وأحاول أيضا تقريب وجهات النظر حيال هذه القضية لأن مقصدي هو تعزيز التماسك والترابط في المجتمع وليس زيادة الهوة والتفرقة.

بداية فأنا لست ضد اختيار الزوج أو الزوجة بحسب الأعراف الاجتماعية السائدة فإن للأسرة أن تنتهج ما تشاء في أمور الزواج فلهم أن يزوجوا من قبيلتهم أو من عائلتهم فهذا حق مشروع لهم وهم أدرى بمصلحتهم إنما الذي أريد الحديث عنه هو ما يجري من التشدد والتعنت والخلاف والفرقة بسبب خروج الزوج أو الزوجة أو أسرة ما عن تلك العادات السائدة مما يصل معه الأمر أحيانا إلى القتل والعياذ بالله.

وبصفتي أستاذة تربوية ، ومشرفة اجتماعية ، ولي اعتناء بأمور الأسرة ، وأقوم بحل لبعض المشكلات الاجتماعية ، فإنني وقفت على قصص ومواقف يندى له الجبين من نساء يعانين من ظلم مجتمعهن بمنعهن من تزويجهن من خارج العائلة ، أو القبيلة، وما يترتب على منعهن من آثار سأتطرق لبعض منها لاحقاً، وما أبغي من ذلك سوى الإصلاح ما استطعت.

ونظراً لأهمية الموضوع وخطورة الآثار المترتبة عليه فإن ثمة أفكارا جادة بإنشاء مركز خاص لدراسات تتعلق بالعصبية القبلية، يجمع فيه أكبر قدر ممكن من الآراء والحلول للمساهمة في حل هذه القضية.

أسأل الله التوفيق والإصلاح
هند الودعاني غير متصل  


قديم(ـة) 27-11-2006, 04:26 PM   #2
محمد الكويتي
عـضـو
 
صورة محمد الكويتي الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2005
المشاركات: 665
.
.
أهلا بأختي الفاضلة ..أولا العصبيه موجودة بكل الدول حتي بين الغير مسلمين ..ألا انها للاسف موجودة بقوة بين حتى المشائخ والعلماء وهي على التربية من الصغر...ألا انه في حقيقة الامر أستغرب أشد الاستغراب من المتفاخرين بالانسابهم يتزوجون فارسية أو روميه من الشام ..أما من ديرتهم فيرفضون ذلك أنا هذا الي محيرني ....ومشكورة يالدوسريه على طرحك مثل هذي المواضيع ..
.
.
اخوكم/ محمد الكويتي
محمد الكويتي غير متصل  
قديم(ـة) 27-11-2006, 04:47 PM   #3
هند الودعاني
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 24
شكرا لك أخي الكريم

أما وأن العصبية منتشرة بين غير المسلمين فليس بعد الكفر ذنب ، ولكن العيب هو انتشارها بين المسلمين وبين من تفضلت بوصفك إياهم مشايخ مما يزيد العار عار ، فأي مستند وأي شرع طبقوه حتى يتمسكوا بتلك العادات البالية الجاهلية!!!.

كما أن هناك ثمة فرقا كبيرا بين اختيار الأسرة لولدهم أو ابنتهم من يرونه من قريب أو حسيب ونسيب ، وبين التشدد والتزمت حيال من رغب الخروج عن مثل هذه العادات!!.

فنحن نريد التوسط ، لا إفراط ولا تفريط ، فلا إلزام لأحد أن يزوج من لا يرغب، وفي الوقت ذاته لا يجوز للناس أن تحارب من يخرج عن مثل هذه العادات والتقاليد

وشكرا لك
هند الودعاني غير متصل  
قديم(ـة) 27-11-2006, 05:19 PM   #4
الــنــهــيــم
عـضـو
 
صورة الــنــهــيــم الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
البلد: بين دفات الكتب !
المشاركات: 11,880


هذا الكتاب من وجهة نظري سيثير ضجة ولغطاً كبيراً بين الناس ، والإعتراف بالمشكلة [ علناً هكذا ] هو بداية الحل إن شاءالله ، نعم سيكون الأمرُ صعباً في البداية ، وسيواجهُ بعض المعارضة ، ولكن الحل سيأتي تدريجياً إن شاءالله ، رغم كل ذلك ، وحينها سينتصر أهل العقل والمتفهمين للإسلام كما يجب وتنتدثر تلك العادة المنتنة التي نهانا الرسول الكريم عنها .

كما إني أشيد بشجاعة المؤلف لإثارته موضوعاً حساساً كهذا .
__________________
[POEM="type=0 color=#000000 font="bold medium 'Simplified Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]لمتابعتي عبر التويتر أو الانستغرام: @ibradob[/POEM]
الــنــهــيــم غير متصل  
قديم(ـة) 27-11-2006, 06:00 PM   #5
سامي بريدة
مشرف الساحة المفتوحة
 
صورة سامي بريدة الرمزية
 
تاريخ التسجيل: May 2004
البلد: بريدة
المشاركات: 5,346
الله المستعان 00
مشكلة أزلية
وحلها يحتاج
لصبر ومصابرة ومثابرة وتوعية للمجتمع
ونبذ هذه العادة المقيتة في الإسلام
وبيان فسادها وضررها على الأمة
وما يذكر من خشية فساد العلاقة بين العوائل شيء وهمي
وأنا واحد ممن يرغب بهذا النوع من الزواج ولكن بحدوده المعقولة المقبولة بالعقل والمنطق
والله أعلم
سامي بريدة غير متصل  
قديم(ـة) 27-11-2006, 07:28 PM   #6
ابن الجهم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 5
موضوع مهم وجرأة تشكر عليها الكاتبة خاصة وهي تكتب باسمها الصريح.

لدي تعلقيات أؤخرها قليلا إن شاء الله تعالى.
ابن الجهم غير متصل  
قديم(ـة) 27-11-2006, 08:40 PM   #7
ابن الجهم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 5
رد منقول من مكان آخر


تحية طيبة لإخوتي الأكارم جميعا هنا.

سبق في مداخلاتي السابقة الإشارة إلى دفع شبه تعلق بها بعض من لا زال يرسخ في قيود العصبية القبلية وسوف أواصل العرض للبعض الآخر منها لتعم الفائدة والله المسئول أن ينفعني وينفع بي.

شبهة اختلاف العادات والتقاليد:

هناك من الناس من يتذرع حين المنع من التزاوج بشبهة واهية إلا وهي شبهة اختلاف العادات والتقاليد بين القبليين وغير القبليين مما يؤثر سلبا على مستقبل هذه الزيجة وقد يدفع بالأسرة إلى التفكك نتيجة عدم الانسجام بين الزوجين فدفعا لهذا الاختلال يجب المنع من التزاوج حتى لا ينفرط نظام الأسرة وتختل معه أواصر المجتمع وليبق الزواج مقصورا على محله وهو حصر التزواج بين القبليين فحسب دون دخول غيرهم معهم.

وقبل الجواب فلا بد من تمهيد يسير:

لا شك ولا ريب أن العادات واختلافها تؤثر سلبا على الزيجات فهناك الكثير من الروابط الزوجية تفككت مع مرور الوقت نتيجة ظهور عادات وسلوكيات غير مرضية لدى أحد الزوجين مما كانت خافية قبل الزواج ومثل هذه الأمور قد لا تظهر قبلا وإنما تظهر مع مرور الوقت ولكل واحد من الزوجين أن يحتاط ويتثبت من عادات الطرف المقابل لأن هذه رابطة زوجية قد تستغرق العمر كلها فوجب البحث عن العادات والسلوكيات والسؤال عنها قبل الزواج.

كذلك من حق أولياء الأمور أن يرفضوا زواج مولياتهم إذا علموا بوجود عادات وسلوكيات تخالف ما نشئوا عليه أو تربوا عليه لأن ذلك في الغالب بريد الخلاف والشقاق وقد ذكر علماء الشريعة قاعدة شهيرة تقول " الغالب كالمتحقق " فإذا غلب على الظن أن هناك عادات لدى أحد الزوجين تخالف ما نشأ ودرج عليه زوجه الآخر فإن الزواج في الغالب قد يتعثر أو تكتنفه الكثير من المشاكل والخلافات التي تئول به إلى الفشل والتهاوي.

هذا تمهيد أظن أنه متفق عليه.

أما الجواب:

نحن في حديثنا هنا إنما نتحدث عن عوائل كثيرة نشأت وتربت وعاشت متجاورة مع عائلات أخرى ولمدة مئات السنين لا نكاد نلحظ بينهم فروقا في عادات أو تقاليد أو سلوكيات ولولا وجود التقسيمات الحديثة في التفرقة بين القبيليين وغيرهم وإلا لما ظهر أثر مطلقا لهذا الأمر فعادات القبيليين وغيرهم متداخلة في الغالب الأعم ويشتركون في الكثير من العادات الاجتماعية ونشاهدهم يجتمعون ويلتقون في جميع شئون الحياة ولا تجد شذوذا بينهم أو مظاهر تفرقة مطلقا.

ولدى علماء أصول الفقه قاعدة مشهورة يقولون فيها " دلالة الحس تعتبر عن التعارض " ونحن نحتكم مع المخالفين إلى الحس والواقع فهل يجدون في الواقع أن للقبيليين عادات وتقاليد تخالف غيرهم ممن ساكنوهم وجاوروهم ونشأوا معهم ودرجوا معهم على أرض واحدة؟ بل الواقع يؤكد عدم التمايز أو الخلاف بل هم على درجة واحدة من الاشتراك في العادات والتقاليد المشتركة لأهل تلك المنطقة.

ثم إذا كان الحديث عن الخلاف في العادات والتقاليد فإن هذا أمر لا يختص به غير القبليين - فيما لو كان لهم عادات وتقاليد مخالفة مثلا - بل إن القبائل المتفرقة فيما بينهم يختلفون خلافات كثيرة حتى إننا نجد في الفرع الواحد من القبيلة خلافات كثيرة بل وحتى على مستوى الأسرة الواحدة لكن مثل هذه الخلافات اليسيرة لا تؤثر على موضوع التزواج بينهم فلماذا صارت العادات في غير القبيليين توجب عدم فتح باب الزواج منهم بينما غيرهم من القبائل يزوجون ويتزوجون حتى لو كان هناك فرق كبير في العادات والتقاليد؟.

إن الحديث هنا منحصر في غير القبيليين ممن نشأوا وعاشوا مئات السنين في بلادهم متجاورين مع إخوانهم من القبيليين ولربما كانوا من القبائل الكبيرة ولكن لسبب وآخر فقدوا اتصال نسبهم بأصولهم كما مر معنا ذلك في كلام العلامة حمد الجاسر فمثل هؤلاء لا يكاد يجد الناظر المنصف بونا كبيرا في العادات والتقاليد بينهم وبين من اشتهر بانتسابه إلى قبيلة معروفة فهم جميعا ينهلون من معين واحد ويتخلقون بأخلاق واحدة في الغالب.



ولعلي أعيد نقل كلام العلامة حمد الجاسر مرة أخرى وهو في هذا حجة ثبت يقول:



" إنني أعتقد جازمًا أن كل أسرة نجدية، كانت تقيم في هذه البلاد قبل أن يتم الاتصال بالعالم الخارجي بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري، كل أسرة هي ذات أصل عربي صحيح، إما بصلة نسب أو بحِلْف أو ولاء، وكل هذه الأمور تبنى عليها صحة النسب منذ أقدم العصور.

لكن كثيرًا من تلك الأسر جهلت أصولها لأسباب كثيرة:

منها: النسيان والجهل؛ متى ما أوغل المرء في التحضر، وارتبط بالأرض، وانعزل عن القبيلة التي تقوم حياتها على العصبية التي تستلزم حفظ النسب، لتتخذ من القرابة وسيلة لحمايتها وبقائها.

ومنها: الخوف مما قد يجره الانتساب إلى قبيلة ما من الضرر؛ كأن يجني أحد أفرادها جناية، أو يرتكب جريمة، أو يختلف مع قبيلته؛ فيأتي إلى إحدى القرى ليعيش فيها متخفيًا، فلا يخبر بنسبه، فيُجهل أصلُه حتى بين ذريته.

ومنها: الفقر الذي يُلجئ المرء إلى كثير من الأمور المذمومة من الناحية الاجتماعية؛ فقد يدفع الإنسان إلى ممارسة مهنة يترفع عنها ذوو النسب فيضطر إلى إخفاء نسبه، أو تضطره الحاجة إلى مصاهرة من هو أقل منه حسبًا؛ فيُخفي أصله خوفًا من أن يُلام أو يؤذى من القبيلة التي هو منها.

ومنها: الهجرة إلى خارج الجزيرة لسبب من الأسباب، فيضطر المرء للاندماج في المجتمع الذي انتقل إليه.

إلى غير ذلك من الأسباب التي دفعت بكثير من الأسر القديمة في هذه البلاد إلى نسيان أصولها، وهو نسيان ينبغي ألا يكون ذا أثر في حياتنا الاجتماعية ". "جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد" لحمد الجاسر، القسم الأول، (ص4-5).

بل حتى على مستوى المظهر والشكل الخارجي لا تكاد تجد تمييزا بينهم ولولا ذكر الأصول التي ينتسبون إليها لما استطاع المرء التفريق بينهم وكما في رسالة الأخ الذي من المجمعة فإن التمييز صعب بل متعذر بين القبيليين وغير القبيليين من ناحية العادات المستحكمة أو المظهر الخارجي بل هم متداخلين بطريقة معقدة في التركيبة الاجتماعية لبلاد نجد وغيرها.

ولعل القارئ الكريم يعذرني في ذكر أسماء بعض العوائل التي اشتهرت في عدم الانتساب مع كونها من الأسر العريقة والتي خرجت كبار العلماء والأعيان والوجهاء والمسئولين في المجتمع وعرف لهم الناس قدرهم ومكانتهم من أمثال عوائل : الخريصي والمشيقح والخليفي والعثيم والجريسي والباز والقعود والقصيبي والصانع وغيرهم.

أليس من الغريب يا أخوتي الأكارم أن يقوم العالم الرباني الذي لا يعرف بالانتساب إلى قبيلة بالحكم في الدماء والفروج والأموال ثم لا يكون كفؤا للزواج من امرأة تنتسب إلى قبيلة معروفة بسبب أن عادات ذلك العالم تخالف عادات تلك المرأة؟.

أليس من الغريب أن يكون القاضي الذي يفرق بين المرء وزوجه بحكم الطلاق والطبيب الذي يكشف العورات للعلاج وإصلاح الخلل الوظيفي للجسم والمصلح الاجتماعي الذي تظهر له خبايا الأسرة وحقائق حالها أليس غريبا أن يكون هؤلاء كلهم بهذه المثابة والمكانة والمنزلة مع القرب التام في العادات والتلاحم الشديد في نسيج الوطن والمجتمع والديانة أولا وآخرا ثم بعد ذلك لا يقبل زوجا!.

لقد كان الشيخ عبدالعزيز بن باز إمام الدنيا في زمانه وعالم أوانه وكذلك كان الشيخ عبدالله بن قعود ومثلهم الشيخ عبدالله الخليفي إمام الحرم المكي رحمهم الله أجمعين كانوا أهلا للفتوى ولنقل العلم ومنبعا للأخلاق الكريمة الحميدة ومدرسة لكل من يريد أن يتعلم منهم أصول العادات والتقاليد المستقاة من الكتاب والسنة فهل لدى من يمنع من التزواج بين القبيليين وغيرهم مبرر واحد في رفض تزويج هؤلاء من قبيليات معروفة بالانتساب؟.

إن القول بأن العادات والتقاليد تختلف بين من ينتسب للقبيلة وبين من لا ينتسب لها مما يوجب منع التزواج بينهم لهي حجة من لا يمتلك برهانا صحيحا بل يمشي وراء العصبية القبلية دون بينة أو رأي موافق للشرع وإنما تمشيا مع موروثه من كلام الآباء والأجداد.

فإن قال قائل:

إن العادات والتقاليد واحدة لكننا نريد الحفاظ على أنسابنا ولا نرضى باختلاطها حتى لا تضيع لاحقا وفتح باب التزواج بين القبيليين وغيرهم يؤدي إلى ضياع الأنساب لاحقا.

وهذه شبهة ثانية يتمسك بها أغلب من يتعصب لقضية التزواج بين القبيليين وغيرهم.

وقبل الدخول إلى صلب هذه الشبهة والرد عليها لا بد من تقرير ميزان الشريعة في الحكم على الناس وتقسيمهم والتفريق بينهم فقد جاءت الشريعة إلى مجتمع جاهلي يعيش على عصبية قبلية مقيتة جدا ويقسم الناس إلى طبقات عدة بحسب جنسه وعرقه ولونه وقبيلته فهدم ذلك كله وسوى بينهم وجعل أكرمهم أتقاهم ولم يميز أحدا عن أحد إلا بميزان التقوى الذي جعله الله أساسا لرفعة المرء أو ضعته عنده جل وعلا فقال تعالى :" إن أكرمكم عند الله أتقاكم "، وثبت بالتواتر في الشريعة أن أساس التفضيل في الدنيا والآخرة هو العمل الصالح فقط لا غير وهذا من المعلوم بالدين ضرورة ولا يجهله أحد ومن شكك في ذلك أو أنكره أو جحده فقد كفر ويجب استتابته وإلا قتل على الردة لأنه معلوم بالضرورة.

فإذا علم ذلك فإن ما جعله الله أصلا وأساسا لنيل جنته والفوز برضوانه يجب أن يكون هو كذلك أصلا للمعاملة في الدنيا فإنه من غير المعقول أن يكون الرجل صالحا تقيا نقيا ورعا عابدا ثم إذا جئنا لأمور الدنيا جعلناه غير صالح لها اللهم إلا إذا تخلف فيه شرط من شروط ذلك الأمر الدنيوي أما ما عدا ذلك فإن من رضيه الله لنيل رضاه وظهر لنا من حاله الخير والصلاح فإنه يكون مقدما على غيره.

يستوي في ذلك أمور الدين والدنيا وعلى رأس أمور الدنيا التي يقدم فيها على غيره هو الزواج وهذا قد ثبت في الأحاديث الصحيحة الصريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أساس القبول والرفض في أمور الزواج هو الصلاح والتقوى ولا شيء غيره.

فإذا جاء الرجل الصالح الكفء من جهة دينه وخلقه ومعاملته فهل يليق رده ورفضه بحجة المحافظة على النسب؟.

أولا:

المحافظة على النسب مع كونها مطلبا للناس إلا أنها لا تقدم على شريعة الله الآمرة بحفظ الأسرة باختيار الزوج الصالح ذي الدين والتقوى ومع تتبع الأحاديث والآثار وعمل السلف الصالح في قضية الاختيار في الزواج لم نجد دليلا واحدا يفيد بأن اختيار الحسيبة النسيبة مطلب شرعي يقدم على أمر الخلق والدين.

نعم لو كان الحسيب والنسيب ذا دين وخلق وصلاح وتقى فلا إشكال ولا خلاف وإنا القول في رفض ذي الدين والخلق بحجة عدم الانتساب.

ثانيا:

أن الدعوى بالمحافظة على النسب قابلها دعوات كثيرة إلى قطيعة الرحم والخروج على حد الشريعة ونظامها في الاعتداء على الناس واستباحة العرض والدم بحجة حفظ النسب وعدم التزوج من من غير القبيليين.

والحس والواقع شاهدان على ما نقول.

فإننا نرى الرجل يختار لابنه المرأة الكفء ولا تكون قبيلية أو يختار الزوج الصالح الكفء لابنته ولا يكون قبيليا وذلك استهداء منه بأمر الشريعة وسلوكا على نظامها فيقابل من أقرباءه وجماعته بالنكير والقطيعة والهجران وذلك لأنه خرج عن عرفهم ونظامهم الذي لم يبنوه على دليل صحيح أو نظر صريح وإنما بنوه على العصبية القبلية فتقطع الأرحام ويحصل التهاجر والتدابر والتقاتل كل ذلك لأن الرجل اختار لأبنائه الصالح الكفء.

فانظر كيف لبس الشيطان عليهم وفتح باب القطيعة والهجران موهما إياهم بالمحافظة على النسب ونقاءه في مقابل وقوعهم في الحرام الصريح والمنكر الواضح بقطع الرحم والدعوة إلى هجران القريب وربما وصل الحال إلى التهديد بالقتل واستباحة الدماء.

فهل المحافظة على صريح النسب وخالصه يوجب هذه الحرب الشعواء على الرجل الذي يريد اختيار الزوج الصالح الكفء والذي مشى على طريقة الشريعة ونظامها وأما أولئك فقد مشوا على طريقة الهوى والتعصب المقيت مما أوقعهم في المعصية بل في الكبيرة؟.

إن هناك قصصا كثيرة جدا فيها ما يندى له الجبين من أخبار القطيعة والهجران بل والتهديد بالقتل بل والله وصلت للقتل واستباحة الدم والوقوع في الحرام كل ذلك لأن الرجل قرر الخروج عن عرف القبيلة واختار الزواج الصالح ومثل هذه الأمور لم تنقرض بعد بل لا زالت تزداد ضراوة وقسوة ونسمع بين الحين والآخر أن القبيلة الفلانية بعثت وفدا إلى أحدهم لتحذيره من تزويج بنته أو ولده إلى غير قبيلي وقد يصل الحال إلى التهديد المباشر ومقاطعته فيما لو أتم أمر الزواج.

ويمتد الأمر سوءا إلى الحد الذي يصبح فيه أبناء ذلك الذي خرج عن العرف والعادة وزوج أبناءه من غير قبيليين يصبحون منبوذين ولا يزوجون ولربما عير أحفاده بأن أحد أبويه غير قبيلي.

فهل هذه الآثار المحرمة بالإجماع في جميع الشرائع والملل والأعراف أهون من قضية منع التزاوج بين قبيلي وغير قبيلي تحت ذريعة وستار المحافظة على النسب؟.

إننا عندما نشاهد ونرى مثل هذه الآثار التي تزداد صلابة وتجذرا في المجتمع مع مرور الوقت لنستيقن أن التمسك بالمنع من التزواج إنما مرده العصبية الجاهلية المقيتة لا شيء آخر وإلا فكيف يرضى المرء العاقل في نفسه أن يرتكب المحرم الصريح الواضح الظاهر من أجل المحافظة على نسب لم يرد في أصول الشريعة ما يشهد باعتباره وتقديمه على الحلال والحرام؟.

ثالثا:

لماذا التفريق بين غير القبيلية التي نشأت وترعرعت على الأخلاق والدين والعادات الحميدة وبين تلك التي تأتي من خارج البلاد فالأولى لا يسمح للقبيلي بأن يتزوجها بحجة المحافظة على النسب ونقاءه والثانية يباح له ولغيره أن يتزوجها بلا شرط ولا قيد بل ولا تجد من ينكر على القبيلي أن يتزوج امرأة من مصر أو الشام أو حتى من الغرب الكافر لا يعرف شيئا عنها ولا عن عاداتها ولا تقاليدها بل والله لا يعرف شيئا عن نسبها وحسبها لكنه يجد حشدا من وجهاء القبيلة وأعيان الناس ينكرون عليه أن يتزوج امرأة غير قبيلية.

أليست المرأة المجاورة في الدار والمماثلة في الخلق والعادات أولى بالسماح من الزواج منها من تلك القاطنة أقاصي الديار والتي لا تعرف لها عادات ولا تقاليد ولا حتى سلوكيات؟.

وهذا أيضا صالح في الرد على أولئك الذين يزعمون أن سبب المنع من التزواج هو اختلاف العادات والتقاليد فأين هم عن السماح بالزواج من الخارج مع وجود التباين الشديد والتنافر التام في العادات والتقاليد ويغلب على الزواج من تلك المناطق الفشل وعدم استمرار الرابطة الأسرية بسبب اختلاف العادات؟.

رابعا:

في سير العلماء والصالحين والملوك والنابهين أن أمهاتهم كن إماءا وجواري وأمهات ولد وذلك لم يؤثر فيهم أو في تبوأهم أماكن ومناصب رفيعة ولم يكن أولئك المذكورون يمتنعون من الاقتران بمن هم أقل منهم شأنا أو نسبا أو حسبا ولم يؤثر ذلك كذلك على أبنائهم فخرجوا وفيهم من النباهة وعلو القدر ما فيهم.

وهؤلاء أيضا كان نسبهم خالصا صالحا لم يؤثر فيه كون أمهاتهم أمهات ولد أو جواري وأيضا لم تتأثر أخلاق وعادات أبنائهم بدخول أنساب أخرى فيهم أو مخالطتهم لمن يرونهم هم أقل حظا من غيرهم في النسب والحسب.

هذا المأمون الخليفة العباسي كانت أمه أم ولد جارية طباخة اسمها مراجل وهو من هو في مكانته وسلطانه وهذا عبدالله بن عمر يتسرى ويأتيه من سريته أبناء أحدهم زيد بن عبدالله بن عمر من التابعين المشاهير وكان من أحب أبناءه إليه سالم بن عبدالله بن عمر وأمه أم ولد جارية معروفة وكان ابن عمر يحب ابنه سالم حبا جما وفيه يقول شعره الشهير:

يديرونني عن سالم وأديرهم ...... وجلدة ما بين العين والأنف سالم

وهذا سعد بن وقاص ابنه عامر بن سعد أمه أم ولد ومصعب بن عبدالرحمن بن عوف كان قاضيا على مكة ومن أهل الصلاح والورع المعروفين وأمه جارية والعباس بن عبدالمطلب له ابن اسمه تمام أمه جارية رومية وكذلك ابنه كثير كانت أمه أم ولد وهشام بن عروة بن الزبير من عوام من كبار أهل العلم أمه أم ولد وهذا إمام التابعين محمد بن المنكدر الصالح الورع أمه أم ولد هذا فضلا عن العديد من الملوك الذين حكموا في دولة بني عباس وغيرها كل ذلك لم يؤثر على سيرهم ومكانتهم وفضلهم وشرفهم بل ولم يؤثر حتى على صفاء نسبهم.

كل هذه الأسماء وغيرها ممن فتحوا باب الزواج من غير قبيلتهم أنجبوا أبناء صالحين ومشاهير وعلى قدر عظيم جدا من الخلق والدين والكفاءة ولم يؤثر اختلاف النسب بين والديهم شيئا على مستقبلهم وسيرهم في الحياة فلو كان انسب والحسب مؤثرا لكان الولد المولود لأبوين خالصين في النسب أكثر حظا وقدرا ومكانة من المولود لنسيب واحد منهما فالواقع يؤكد عم تأثير ذلك مطلقا على قدرات الولد أو نجابته أو تفوقه.

خامسا:

أن الزواج من غير القبيلية لا يؤثر مطلقا على النسب بخلاف ما يدعيه من يتعصب تعصب الجاهلية الأولى وذلك أن الرجل إنما ينتسب لوالده والمرأة وعاء فحسب.

قال ابن حيان في البحر المحيط: " ولذلك يتصرف الوالد في ولده بما يختار وتجد الولد في الغالب مطيعاً لأبيه ممتثلاً ما أمر به منفذاً ما أوصى به فالأولاد في الحقيقة هم للآباء وينتسبون إليهم لا إلى أمهاتهم كما أنشد المأمون بن الرشيد وكانت أمه جارية طباخة تدعى مراجل قال:


فإنما أمهات الناس أوعية ........ مستودعات وللابناء آباء "

انتهى كلامه.

وقال الجصاص في أحكام القرآن: " ألا ترى أن الهاشمي إذا استولد جارية رومية أو حبشية أن ابنه يكون هاشميا منسوبا إلى قوم أبيه دون أمه وكذلك قال الشاعر:

بنونا بنوا أبنائنا وبناتنا ......... بنوهن أبناء الرجال الأباعد "

انتهى كلامه.

ولهذا لا يدخل أبناء البنت في صلب الرجل ولا في ميراثه فهن في حكم أبيهن لانتسابهن إليه.

والمقصود مما سبق ذكره أن المحافظة على نقاء النسب وصفاءه إنما هي حجة واهية ضعيفة للاستمرار في باب التعصب وإلا فلماذا يصل الأمر إلى المنكر الأعظم بالتقاطع والتدابر وربما استباحة الدماء من أجل منع التزاوج بين قبيلي وغير قبيلي فأيهما أولى بالمحافظة نسب وحسب لم يأت في الشريعة ما يجعله أصلا يعتمد عليه؟ أم صلة الرحم والمحافظة على أواصر القرابة ووشائج العلاقة؟.

ولعلي في ردي اللاحق أستعرض بعضا من القصص الأليمة التي حصلت نتيجة التعصب في قضية التزواج بين القبليين وغيرهم.

والله الهادي إلى سواء السبيل.
ابن الجهم غير متصل  
قديم(ـة) 27-11-2006, 10:47 PM   #8
الفرحتين
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 64
ان معك اختى في طرحك الجيد لكن الا تلحظين معي انه فيه ظلم للاطفال اذا خرجوا من اب غير قبلي وامهم قبليه راح يعانوا منها طيلة سنوات عمرهم.ما ذنبهم الا ان امهم خرجت عن طوق القبيلية المقيت
الفرحتين غير متصل  
قديم(ـة) 28-11-2006, 01:44 AM   #9
راشد الصليحان
عـضـو
 
صورة راشد الصليحان الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2005
المشاركات: 1,239
ويقترن بفخر الجاهلية والتكبر توارث هذه الامور من السلف إلى الخلف والاباء يورثون ماوجدوا من جهل من أبائهم إلى أبنائهم فكل جيل يورث للذي بعده هذا الجهل ، وللاسف أن أكثر دعاة الجاهلية عندما يُدعون للحق وترك الباطل يقولون أنا أباءنا كانوا على ذلك فهل نترك ماكانوا عليه وننسى تاريخنا وتقاليدنا مع العلم بأن فيهم متعلمين ومتثقفين وطلبة علم ، وعرفوا الحق من الباطل والخطأ من الصواب ،
__________________
رأيت من يملكون ما لا أملك فوجدتهم لايملكون ما أملك...!

راشــــد
راشد الصليحان غير متصل  
قديم(ـة) 28-11-2006, 07:05 PM   #10
ابن الجهم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 5
جريدة المدينة تفتح ملف العصبية القبلية 1/2

http://www.almadinapress.com/index.a...ticleid=191035



يقول الدكتور الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين :" لقد قرأت هذه الرسالة القيمة التي بعنوان (العصبية القبلية من المنظور الإسلامي)... ويقول- أيضا-: " لقد أحسن فيما كتب, وجمع ما تيسر له من أقوال العلماء, ومن الأدلّة والأحكام والعلل في هذا الموضوع, الذي تمكَّن في هذه البلاد , وظهرت له آثار سيئة؛ من الفخر بالأحساب ,والطعن في الأنساب, والتمسك بالعادات المتلقاة من الآباء والأجداد, وما يترتب عليها من التحزّب والتفرُّق .." ويقول الشيخ عبد الله المنيع:" لقد قرأتُ فيه دراسة تحليلية للطبقية البشرية داخل الجزيرة العربية وخارجها, ومدى ظلم الأقوياء للضعفاء "

ويقول أيضا:" إنّ المؤلف وُفِّقَ في تأليف هذا الكتاب القيّم في معناه ومبناه؛ حيث أنّ الكتاب دعوةٌ صريحةٌ إلى نبذ ومقت العصبية... كما أن " الكتاب قيم في موضوعه, متميز في أسلوبه, قوي بمصادره وتوثيقه, ذو بعدٍ قوي في دعوته إلى نبذ العصبية, والعنصرية, والطبقية؛ باعتبار ذلك فيروس المجتمع البشري عامة, والإسلامي عامة".

وقول الأديب عبد الله بن خميس:" بين يدي كتاب جديد في موضوعه وفي جرأته, حساسية هذا الموضوع الهام وعدم تقبُّل الكثيرين له تنسحب على كتابة تقديم له, فنحن أمة تؤثِّر فينا تقاليدنا, وموروثاتنا الاجتماعية وأعرافنا تأثيرا كبيرا؛ حسنها وسيئها, فقد ورثنا– إلى جانب المروءة, والشجاعة, والكرم – العصبية القبلية؛ التي تكاد تعصف بكل موروثاتنا الحميدة الأخرى".

بهذه الكلمات يدلف القارىء إلى ثنايا كتاب جديد للدكتور خالد بن عبد الحمن الجريسي الذي حوى على مباحث عدة كلها تصب في بوتقة واحدة, وتعالج موضوعا حيويا لا يزال أثره إلى يومنا هذا وأعني به ( العصبية القبلية) وأثرها إلى المجتمعات والأفراد.

والكتاب على صغر حجمه, وقلة عدد صفحاته التي لا تتجاوز المئتين, قد أحسن مؤلفه التشخيص, وأجاد المعالجة, وحسبك أن تقرأ ما كتبه العلماء بدءا بالشيخ الدكتور عبد الله بن جبرين, ومرورا بالشيخ عبد الله المنيع, وانتهاء بالأديب والشاعر عبد الله بن خميس.

ومما يؤسف له حقًا أنْ يكون بين ظهراني المسلمين من يرغب عن تعاليم الإسلام, فيرجع القهقري؛ آخذًا بعادات وتقاليد اجتماعية جاهلية؛ تصنِّف الناس على أساس من العصبية التي كانت أساسًا للنظام الاجتماعي في العصر الجاهلي, وهي تعتمد– في تصنيف الأفراد-على مقاييس الجاه, والمنصب, والنسب, والحسب, والسيادة, والريادة, فلا تقيم وزنًا لصلاح الفرد, وتقواه, وخُلُقه الحسن, وتعامله السويّ.

الحق في ميزانه

هنا يأتي دور هذا الكتاب الذي بين يدي ليضع الحق في ميزانه الذي يوزن به, بعيدًا عن الأحساب, والأنساب, والجاه, والسيادة, والريادة, والعصبية القبلية التي هي الداء الذي يكاد ينخر في جسد الأمة خاصة في الجزيرة العربية. يقول الدكتور الجريسي:" وغيرة مني على مجتمعاتنا الإسلامية؛ التي أفرز التعصب القبلي في بعضها كثيرًا من الأمراض والعلل- من فرقةٍ وتنافر وعنوسة ومن ثم ( فتنة وفساد) .إلخ – ورغبة في إزالة العلل, وإصلاح الزلل, وسد الحلل, ولمّ الشمل, ودرء الفتنة- قدر الطاقة- فقد دونت هذه الوريقات؛ لعل الله – تعالى- أن ينفع بها من تبلغه من إخواني المسلمين"

وقد ضم الكتاب بين دفتيه ثلاثة فصول إضافة إلى مقدمة وخاتمة, حوى الفصل الأول مفهوم العصبية القبلية ومظاهرها, حيث عرّف المؤلف العصبية لغةً واصطلاحًا, ثم تحدث عن مفهومها الذي كان واسعًا في الجاهلية, ثم هذّبه الإسلام, فأقر بعضه, ثم يعدد المؤلف أبرز مظاهر العصبية في العصر الجاهلي؛ كالفخر بالأحساب, والطعن في الأنساب, والطَّبَقيَّة, والأخذ بالثأر, والحروب, والتحاكم إلى أهواء مشايخ العشائر والطواغيت والكهان, والتنقيص من قدر القبيلة التي لا تسعى إلى الشر, والتفرق الحسي والمعنوي, وعمية الراية, ورد الصاع صاعين على حد قول الشاعر:

ألا لا يجهلن أحدٌ علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

والتقليد في الباطل, واتّباع طريقة الآباء كما وصفهم القرآن بذلك.

حكم الإسلام

ثم يذكر المؤلف حكم الإسلام في العصبية الجاهلية حيث يقول:" وبما أن العصبية الجاهلية كانت بمثابة الأساس للأعراف القبلية السائدة آنذاك, كانت في الوقت نفسه, من أسباب الفرقة والتقاتل بين الناس؛ لذا فقد ركز الرسول صلى الله عليه وسلم عليها, وحاربها بكل قوة, ودون هوادة, وحذر منها وسد منافذها؛ لأنه لا بقاء للدين العالمي, ولا بقاء للأمة الواحدة مع هذه العصبيات." ثم ينتقل المؤلف إلى العصبية القبليّة المعاصرة وأبرز مظاهرها وهو عنوان الفصل الثاني, حيث يقول: " ليس مستغربًا أن توجد أو تتفشى العصبية القبلية في كثيرٍ من المجتمعات الإسلاميّة وبخاصة العربيّة منها, وفي جزيرة العرب تحديدًا".وقد استند المؤلف على قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" أربع في أمتي من أمر الجاهلية, لا يتركونهن: الفخر في الأحساب, والطعن في الأنساب, والاستسقاء بالنجوم, والنياحة".

التعليق على الحديث

ويعلق صاحب الكتاب على الحديث السابق بقوله:" إن كون التعصب القبلي خصلة مستمرة في أمّة الإسلام, كما أخبر بذلك نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام, لكن بقاءه لا يعني أنه أصبح أمرًا مقبولاً, أو واقعًا محتومًا يُعذر المسلم فيه إذا ما سايره, أو انخرط فيه, فليس ذلك قصد الحديث, بل القصد هو تحذير الأمّة من اتباع عادات الجاهلية, والانسياق خلف دعاواها الباطلة, ومع هذا التحذير النبوي الشريف؛ نرى كثيرًا من الناس متأثرين بالعصبية القبلية, حتى أصبحت حديثاً سامرهم, وشغل شاعرهم".

ويؤكد المؤلف على أنَّ عصبية اليوم امتداد لعصبية الأمس, وأن العصبية القبلية الحاضرة ماهي إلاّ بقايا لعصبية الجاهلية الغابرة, حيث مظاهرها هذه تكاد ألا تختلف عن سابقتها.

ويعدد المؤلف أبرز مظاهر العصبية القبلية في العصر الحديث, كالفخر بالأحساب, و كالطعن في الأنساب. حيث يقول المؤلف:" لا يزال كثير من الناس تدور بينهم المفاخرة بالآباء والأجداد, والتغني بمآثرهم وأمجادهم, وأصالة أنسابهم أوعظم أحسابهم, والتعالي بذلك على من يَعُدُّهم أقلَّ منهم نسبًا وحسبًا, وريادة وسيادة.

أمثلة حيّة

ويذكر المؤلف أمثلة حيّة على الطبقية في الجزيرة العربية تحديدًا؛ جاء المثال الأول في المجتمع اليمني, والثاني من نجد. وقد اختار المؤلف هاتين المنطقتين تحديدًا؛ لأنها من أكثر المجتمعات العربية تمسكًا بالأعراف القبلية؛ فإن اتخاذهما مثلين واضحين كما يؤكد المؤلف يغني عن تناول كثير من المجتمعات العربية؛ لأن التقاليد القبلية متشابهة.

ويستعرض المؤلف الطبقات والشرائح الاجتماعية في اليمن على أساس موقعها في السلم الاجتماعي, من الأعلى إلى الأسفل, وهذه الطبقات هي: طبقة السادة. طبقة المشايخ. طبقة القبائل. طبقة الضَّعفة والمساكين.

ويذكر المؤلف أبرز مكاسبهم الاجتماعية؛ حيث يحظى بالاحترام والتقدير, إما من حيث أعمالهم فهو الوساطة بين الأطراف المتنازعة؛ إضافة إلى تعليم العلوم الدينية, أما بخصوص علاقات الزواج فثمَّة قواعد يجب على أفراد السادة مراعاتها وتنفيذها بدقة, وهذه القواعد تقوم أساسًا على الزواج الداخلي؛ فالسيد أو الشريف لا يتزوج إلا بسيدة أو شريفة, والعكس صحيح.

أما بخصوص علاقات الزواج فليس هنالك ما يلزم بالاقتصار على الزواج بين أفراد هذه الطبقة, وإن كان محبذًا ومرغوبًا للمحافظة على المستوى الاجتماعي...

أما طبقة القبائل فيعد النظام القبلي والحياة القبلية في اليمن ظاهرة تاريخية, وسياسية, واجتماعية, ولهذا النظام القبلي سمات وخصائص تميز بها, ومن أهمها بحسب المؤلف: النزعة المطلقة للقبيلة وشيخها, والاحتكام للأعراف القبلية, وضرورة وجود شيخ ( رئيس) تصدر عن رأيه, واحتقار الأنشطة والأعمال اليدوية, وعلى وجه الخصوص الحرفية والمهنية منها. أما ما يتعلق بأعمالهم فقد ارتبطت منذ زمن بعيد بالأرض, وأصبحت تمارس الزراعة والرعي, فهم ما زالوا يعتزون بأنسابهم ويفاخرون بها , وينأون بأنفسهم عن العمل في الأعمال المحتقرة . أما علاقات الزواج فلا تختلف عن طبقة المشايخ. أما طبقة الضعفة والمساكين أو ما يسمى بـ(الطبقة المتدنية) فهي فئة مغلوبة على أمرها, فمعظم أفراد شرائح هذه الطبقة إما أنّهم ليسوا من القبائل أصلاً, وإما أنهم فقدوا أنسابهم فلا يعرفون إلى أي القبائل ينتمون, أو أنهم هبطت مكانتهم الاجتماعية بسبب خروجهم على الأعراف والتقاليد, إما بزواج من شريحة متدنية, أو امتهان حرفة محتقرة. ويقسم المؤلف هذه الطبقة إلى عدة شرائح من أبرزها: شريحة القَرَار, والصناع, وأصحاب الحرف والمهن التقليدية, والعبيد (الرقيق), وشريحة الأخدام.

العقبة الكؤود

ويخلص المؤلف أن المسألة الأكثر ثباتًا بين الفئات الاجتماعية, المكوِّنة للنظام الاجتماعي القبلي, والتي تُعدُّ العقبة الكؤود في سبيل الانفتاح الاجتماعي, والتلاقح الطبقي, هي(مسألة الزواج) حيث إن الزواج بين المراتب المختلفة ما زال– حتى بين صفوف المتعلِّمين– طاهرة قليلة الحدوث.

وينتقل المؤلف إلى المثال الثاني وهو عن الطبقيَّة في نجد, حيث يقسم المؤلف المجتمع في هذه المنطقة إلى فئات ثلاث: القَبِيليون, والخَضِيرِيون، والموالي .

وهذا ما سنستعرضه إن شاء الله في العدد القادم
ابن الجهم غير متصل  
قديم(ـة) 28-11-2006, 09:25 PM   #11
هند الودعاني
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 24
الفاضل النهيم

شكرا لمرورك،، وكلنا نتمنى الوصول إلى حل ، وصدقت يجب أن تندثر هذه العادة المنتنة
هند الودعاني غير متصل  
قديم(ـة) 28-11-2006, 09:36 PM   #12
أمل الحياة
عـضـو
 
صورة أمل الحياة الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2005
المشاركات: 946
مرحباً أختي .. هند

بصراحة أنا أعرف أن هذه العادة منتنة .. ولكني لا أستطيع التنازل عنها .. فكيف السبيل لترك ذلك ؟؟
وخصوصاً أني وجدت في مجتمع يمجد تلك العادة .. أنا أعلم ليس هناك من يفضل سوى بالدين .. لكني أعتقد أني وغيري ممن تربوا في المجتمع النجدي تحديداً نمقتها لكن نلتزم بها ؟؟
__________________


أختي |؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛|أصداف|؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛| جزاك الله خيراً على التوقيع
أمل الحياة غير متصل  
قديم(ـة) 29-11-2006, 08:21 AM   #13
هند الودعاني
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 24
الفاضل سامي بريده

بارك الله فيك وشكرا لطيب مرورك ،



وكل الشكر لابن الجهم إضافة مثيرة للموضوع ، جزاك الله خير الجزاء

آخر من قام بالتعديل هند الودعاني; بتاريخ 29-11-2006 الساعة 08:30 AM.
هند الودعاني غير متصل  
قديم(ـة) 29-11-2006, 02:16 PM   #14
أبوفارس الخالدي
عـضـو
 
صورة أبوفارس الخالدي الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2005
البلد: واحة النجوم
المشاركات: 3,304
الله أكبر ..

الحديث عنها كثر ..

وهذا مؤذن بإضمحلال هذا الفكر المتعكرف المنتن ..

أشكرك أختي هند على روعة موضوعك ..

قاعدة ربانية قالها الله عز وجل في كتابه (وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)

أريد أن أسأل هل يمكن التعارف بين القبائل في غير التناسب ؟..

الأمر واضح لكن لا العادة أهم شيء ؟؟؟؟؟.. قبح الله العادات ..
__________________
(يابني أركب معنا ) ..


لم أعد أكتب بمعرف [ أبوفارس الخالدي ]
وذلك لوجود من انتحل هذا الاسم في منتديات كثيرة وهو ليس لي
مع فائق الود والتحية .
أبوفارس الخالدي غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)