[أبوعمر السحيم]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. أما بعد ،،

فهذه مقالة يسيرة حول الأُخُوَّةِ والإِخْوَة .. حول حقوقها .. وما يجب فيها بيننا .. وسأكتفي بالاختصار والإيجاز .. حيث يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .. وخير الكلام ما قل ودل ..
 فأول تلك الحقوق : التعاون على الطاعات ..
فقد أقسم الله بالعصر .. إن الإنسان لفي خسر .. إلا المتعاونين على الطاعات .. المتواصين بالحق والصبر والصالحات .. وقد كان هذا ديدن السلف الصالح –رحمهم الله- حيث كان أحدهم ينادي صاحبه قائلاً : (( قف بنا نؤمن ساعة )) .. وكان بعضهم يقول لصاحبه : ألا أهديك هدية ؟ ثم يذكر له حديثا نبوياً يدل على طاعة ويحث عليها .. وفعلهم هذا نابع من قوله جل وعلا :  وتعاونوا على البر والتقوى  .. ومن رأى من صاحبه إعانة له على الطاعة فليحرص عليه ويتمسك به .. قال الإمام الشافعي –رحمه الله- : (( إذا كان لك صديق يعينك على الطاعة فشد يديك به )) ..
 ثانيها : التناصح في الله ..
فلو تهادينا بالنصح لصلحت كثير من أمورنا .. فالنصيحة سبب لحفظ الوداد والمحبة .. ومحو الشوائب التي في القلوب .. فمعاتبة الإخوان خير من فقدهم ..وقد أمر بذلك النبي  في حديث أبي رقية تميم بن أوس الداري وأبي هريرة وغيرهما رضي الله عنهم .. أنه  قال : (( الدين النصيحة ...ثم قال : ولعامة المسلمين )) .. والذكرى تنفع المؤمنين .. والمؤمن مرآة أخيه المؤمن .. وقال أبو حفص عمر بن الخطاب  : (( رحم الله امرأ أهدى إلينا عيوبنا )) .. ولا بد من مراعاة أدب النصح والنصيحة .. حيث يكون في الله ولله .. وأن يكون بأدب وإخلاص .. وأن يكون على الانفراد .. فنحن نريد التناصح لا التفاضح .. ونحو ذلك من آداب التناصح ..
 ثالثها : عدم كثرة العتاب ..
إذا أدرك المرء منا أهمية التناصح .. فيجب علينا معرفة أمر مهم .. وهو : أن الإكثار من العتاب أمر سيء مذموم .. حيث يقول حكيم : (( لا تكثرن معاتبة الإخوان ، فيهون عليهم سخطك )) .. وقال الشاعر العربي أبو العتاهية :


فلا تلم إلا لحاجة .. ولا تعتب إلا عند مهم .. حتى يبقى الوداد .. وتستمر العلاقة ..
 وهنا نقطة يحسن المرور عليها .. العفو والصفح والسمح .. وقبول الاعتذار ..
حيث إن العفو والصفح والسمح من حقوق الأخوة .. بل هي من أهم الـواجبات والحقوق بين الإخوة .. أيها الأخ الغالي : لا بد من الخطأ في الحياة .. ولا يوجد شخص بلا خطأ .. قال الإمام الفضيل بن عياض –رحمه الله- : (( من طلب أخاً بلا عيب صار بلا أخ )) ، وقال السِّباعي –رحمه الله- : (( لو أنك لا تصادق إلا إنساناً لا عيب فيه .. لما صادقت أحداً قط )) .. فإذا أخطأ عليك أحد فاعف عنه واصفح .. وسامح واغفر .. وتذكر قوله تعالى : وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  ، حيث أخبر الله أن العفو والصفح والمغفرة من الإحسان .. وأن الله يحب الذي يكظم غيظه .. ويعفو على من أخطأ عليه .. وإن أخطأ عليك أحد فاحملها على محمل حسن .. وبادر إلى البحث والتنقيب له عن عذر .. ولو كلفك ذلك سبعين عذراً .. فإن لم تجد ؛ فقل : لعل له عذراً أجهله ولا أعلمه .. فإن أتى إليك واعتذر منك : فاقبل عذره فوراً بلا تردد .. ولا تفتح للشيطان عليك باباً .. قال الأحنف : (( إن اعتذر إليك معتذر فتلقه بالبشر )) .. ولا تحمل في قلبك غلاً ولا حسداً ألبته ..
 خامسها : أن تذب عن عرضه .. وتدافع عنه حال غيابه ..
فهي من حقوقه العظام عليك حال غيابه .. أن تقف سداً منيعاً ضد من ينهش من عرضه .. أو يفتري عليه بذكر مساوئه .. وقد كثرت النصوص الشرعية في فضل الذب عن عرض الغائب .. حيث ورد أن من ذب عن عرض أخيه حال غيابه : رد الله النار عن وجهه .. وكانت له حجاباً من النار .. وكان حقاً على الله أن يعتقه من النار .. وأن ينصره في الدنيا والآخرة .. فمن يفرط بمثل هذا الأجر العظيم ؟
 سادسها : التدخل بين اثنين في خصومة ..
إن التدخل بين اثنين في خصومة بينهما على قسمين :
1/ أن تدخل بينهما بإصلاح ذات البين .. وهذا أمر محمود حثت عليه الآيات القرنية الكريمة .. والنصوص النبوية الشريفة .. فمن ذلك قوله  :  فأصلحوا بين أخويكم  .. وقال النبي  : (( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة )) ؟ قالوا : بلى رسول الله !! قال : (( إصلاح ذات البين ... )) .. فاحرص على أن تصلح بين المتخاصمين .. تنل أجراً عظيماً .. وثواباً جزيلاً ..
2/ أن تدخل بينهما بانتصار لأحدهما دون الآخر .. فهذه خصلة ذميمة .. وصفة مشينة .. قال أحد الحكماء : (( لا تعن أخاك على أخيك في خصومة .. فإنهما يصطلحان عن قليل .. وتكتسب أنت المذمة )) .. وقال الشاعر :

فانتبه من هذا .. حتى لا تفقد ود أحد .. ولا محبة شخص .. بل إن رأيت بينهما خصومة وعجزت عن الإصلاح : فقف بعيداً عن هذه الخصومة .. ولا تدخل فيها أبداً ..
 آخرها وهو أهمها : تذكير وتنبيه إلى فضل هذه الأخوة التي يجب أن ترعى .. فعن معاذ بن جبل  قال : سمعت رسول الله  يقول : (( قال الله  : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء )).. وروى مسلم عن أبي هريرة  أن النبـي  قال : (( إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي )) ..

 ختامها : اللهم اجعل محبتنا فيك ولك .. وعلاقتنا خالصة لوجهك .. واجعلنا ممن يتبعون القول فيتبعون أحسنه .. ويعملون به .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

[align=left]وحرر في 2/2/1428[/CENTER]

[الـصـمـصـام]

..


جزاكـ الله خيراً أستاذنا الفاضل ، و لقد تأملت في الصحبة التي بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين الصديق رضي الله عنه ، فوجدت فيها من المواقف ما يؤصل مبدأ الأخوة ، و كذلك من تأمل بين الصحابية كمالمهاجرين و الأنصار ، و رضي الله عن السلف فلقد عرفوا معنى هذه الكلمة درايةً و تطبيقا ..

جزاك الله خيراً ..

[أبوعمر السحيم]

السلام علكم ورحمة الله وبركاته ..

أخي الفاضل : الصمصام ..
شكر الله مسعاك .. وبارك فيك وفي جهودك .. ونفع بك ..

أحسنت الإضافة .. وأجدت التعليق : (( و لقد تأملت في الصحبة التي بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين الصديق رضي الله عنه ، فوجدت فيها من المواقف ما يؤصل مبدأ الأخوة ، و كذلك من تأمل بين الصحابية كمالمهاجرين و الأنصار ، و رضي الله عن السلف فلقد عرفوا معنى هذه الكلمة درايةً و تطبيقا )) فلعله تأمل موفق .. وتدبر ناجح ..

وفقنل الله للقيام بحقوق الأخوة على خير وجه وأتم حال ..

حفظ الله الجميع ؛؛؛