|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
08-04-2007, 10:08 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2003
البلد: بريدة العز
المشاركات: 1,329
|
أدواء التغريب (( د. سلمان بن فهد العودة ))
أدواء التغريب
د. سلمان بن فهد العودة ليس ثمة خلاف في أن العالم اليوم يعيش تقدماً حضارياً يتعلق بالتقنية والعلوم الطبيعية والإنسانية، وذلك مطلب ملح لكل الشعوب، فيما يمكن تصنيفه بالجوانب العلمية والمعرفية والتطبيقية، وهذه الأشياء حق للإنسانية جمعاء، وعملٌ للبشرية كلها، يشترك الناس في صناعته والاستفادة منه، وإن كانت مصادرها غربية، وأصحاب الإبداع فيها هم الغربيون. هذا شيء ينبغي تأكيده، ونحن نتحدث عن التغريب حتى لا يَهِم القارئ فيظن أن نقل الإبداع الحضاري الغربي أو الاستفادة منه عمل تغريبي، بل هو عمل إبداعي إنساني لتحقيق النمو الحضاري، ولمحاولة الوصول إلى مستوى التحدي والقوة الذاتية ولو بعد حين. إن (التغريب) هو نقل القيم الدينية والاجتماعية الخاصة، المتعلقة بالهوية واستنساخها بخيرها وشرها؛ لبذرها في الأرض العربية والإسلامية، وإن كان في ذلك مخالفة للثقافة الإسلامية والثوابت، والخصوصية الاجتماعية والهوية الذاتية، هذا بوضوح شديد هو: (التغريب) بنقل القيم الذاتية الغربية إلى المنطقة الإسلامية والعربية، حتى ولو خالفت النص، والحس والناس أجمعين. إن (التغريب) ليس عملاً جغرافياً يتعلق بمنطقة (الشرق أو الغرب)، بل هو نقل نموذج ثقافي أجنبي، واستنباته في بيئات مختلفة عنه في الثقافة والقيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية، وإن كانت تلك البيئات المختلفة تعيش مشاكل، مختلفة وقضايا مختلفة، وقيماً مختلفة فهي أشبه بالعملية القسرية بتحويل قيم إلى قيم أخرى، وثقافة إلى ثقافة أخرى، وهوية وخصوصية إلى هوية وخصوصية أخرى، ضارباً بالتاريخ والدين عرض الأرض! فالتغريب عملٌ مغاير لفكرة الحوار أو الاستفادة، والعالم اليوم كله يعيش في أرض واحدة، وكل الشعوب تكون في موقع التأثر والتأثير، وذلك شيء طبيعي، بل هذه سنة الشريعة ذاتها، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} «13» سورة الحجرات، فلم يقل لتعاركوا وتتحاربوا أو يكره بعضكم بعضاً، بل قال: لتعارفوا، فهذا التعارف هو الاتفاق على القضايا المشتركة، والتعاون وتبادل الخبرات والاستفادة من الآخر، ويقول الله: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} «2» سورة المائدة، والبر معنى واسع يدخل فيه التعاون مع غير المسلمين، يقول الله: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} «8» سورة الممتحنة. فذكر البر مع غير المسلمين، وفي علاقة الغرب بالعالم العربي والإسلامي (الشرق) التباس قديم وشديد تشعلها المناسبات، وتهرب بها الأيام إلى حيث يعلم الله، ويغيب عن بال الجميع قيم (التعارف) و(التعاون) التي ذكرها الله في كتابه بإشاعات غربية مغرضة تتحدث عن الصدام والصراع، وانطباعات عربية وإسلامية تتحدث عن الآخر على أنه شر محض، وفئة عربية وإسلامية أخرى منذ أكثر من قرن تبعدنا عن القيم الحضارية الحقيقية بخلق قيم الغرب بالإكراه في المنطقة الإسلامية؛ ليكون المثقفون المستغربون حرباً على الأمة، وتصبح النخبة المستغربة ضد الأمة المسلمة، وأقولها بكل جلاء: إن أي مشروع نهضوي أو تقدمي لا يعترف بقيم الإسلام ولا عقيدته، ولا يؤمن بدورها في المنطقة العربية والإسلامية فهو عمل محكوم عليه سلفاً بالفشل، ومشروع لا محالة مجهض؛ لأن الجسد الإسلامي لا يقبل جسماً غريباً عنه، والغرب اليوم يعيش نضوجه الثقافي والمعرفي، وصل لهذا المستوى التقني والحضاري عبر نقل الخبرات من الشعوب المختلفة وعبر اعتراف بتاريخه وثقافته الخاصة وقيمه هو، وذلك شيء يعزب عن بعض النخب التي تقرأ تاريخ التطور الغربي. إن بعض النخب في العالم العربي والإسلامي في العقود الماضية التي تؤمن بالعلمانية الغربية، والمشروع التغريبي لم تستطع أن تتواكب مع الجمهور أو تتعايش مع الناس؛ لأن الجمهور المسلم يؤمن بقيم الإسلام، وترتفع عاطفته الدينية كلما أحسّ بالتحدي أو الخوف على ذاته، ولا يمكن أن يقبل شيئاً لا يتفق مع تعاليم دينه، وقيمه، وخصوصيته. إن روح (الانبهار) بالغرب لا تفتح إلا الوجه الإيجابي فيه، وتجعله كله خيراً محضاً يجب نقله للبيئات الأخرى، وتعميمه على كل شعوب العالم، وكان لهذه الروح والنفسية المستكينة نتاجاً فكرياً هو رافد التغريب، ودافعه إلى ترويج أفكاره، والدعوة إلى التشبه الكلي بالإنسان الغربي في كل شيء. لقد كان للتغريب في القرن المنصرم في العالم العربي والإسلامي ثلاثة أوجه ظاهرة: الوجه الأول: وجه سياسي حاول فرض السمة الغربية وشكلها في التشكيك بجدية الحكم الإسلامي ووجوده، وفي جدوى الخلافة حينها بطريقة غير علمية ولا مدروسة، وتقدم بالنموذج الغربي كأساس في التقنين والتشريع والحاكمية دون اعتبار للفقه الإسلامي والمبادئ التشريعية والمحكمات الإسلامية. أما محاولة الاستفادة من الآليات السياسية كطريقة التقنين مع الاحتفاظ بالمضامين الإسلامية والذاتية، فهذا عمل تجديدي لا يعادي المنظمة الذاتية والقيم الإسلامية. الوجه الثاني: هو الوجه الثقافي الذي شارك فيه مجموعة من الكتاب والمثقفين والأدباء الذين يسعون إلى نقل الحضارة الغربية للمسلمين العرب، نقلها وأخذها كلها، بخيرها وشرها وحلوها ومرها، ويصرح بعضهم بأنه مؤمن بالغرب كافر بالشرق، فكأن هذه المفاهيم أرادت إحلال ثقافة محل أخرى، ونزع قيم لحساب قيم أخرى، وجعل الغرب هو المصدر الأوحد لكل جوانب الحياة. الوجه الثالث: الجانب الاجتماعي بالدعوة إلى إلحاق المجتمع ونظمه وتقاليده الخاصة بالمجتمع الغربي والنموذج الغربي، ومن ذاك: السعي لتبني النموذج الغربي في التعامل مع المرأة في اللباس والعمل والبيت بعيداً عن الأصلح لها، والأنفع بما يلائم مجتمعها ودينها، والمهم أن العادات ليست حكماً في هذا الشأن الحساس، فالعادات والتقاليد والأعراف لا تعني بالضرورة المفترض علمياً، بل تعني أن ذلك واقع موجود فقط، لكن المشكلة أن تغريب المرأة أوجد مساراًً خصباً وسط مجتمع يرى في حرمانها وهضمها واجباً اجتماعياً ينبغي الدفاع عنه وتبريره. وبعد هذه الأوجه الثلاثة روّج لتك الأفكار ضخ إعلامي عالي، يحاول تبديل الهوية الإسلامية أو طمسها، من خلال قنوات الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، مع وجود نخبة كبيرة، وجمهور عريض لا يزال يؤمن بقيم الإسلام وثوابته، ويدعو في الوقت نفسه لبعث نهضة حضارية وتنمية بشرية ومادية من خلال مشروع حضاري إسلامي ينطلق من ثوابت الماضي؛ ليقتحم متغيرات المستقبل، وهذا الجيل الواعي الذي يجمع بين انتمائه لدينه وثقافته ووعيه بعصره، وانفتاحه على الآخر، واستفادته منه هو الأمل القادم الذي يكافح التعصب الذاتي والتغريب في آن، والله المستعان. *** لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6847» ثم أرسلها إلى الكود 82244 salman@islamtoday.net جريدة الجزيرة
__________________
|
08-04-2007, 02:38 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2003
البلد: كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
المشاركات: 7,209
|
جزاك الله خير
__________________
يــــارب يــــارب يــــارب اشـفـي والـدتـي عـاجـلاً غـيـر آجـل |
08-04-2007, 03:26 PM | #3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jun 2006
المشاركات: 115
|
جزاك الله كل خير ياسيف الشجاعة
وجزا الله كل خير للدكتور سلمان العودة على هذا الطرح الرائع وشكرا |
08-04-2007, 07:11 PM | #4 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 239
|
كلا م يشكر الشيخ عليه
__________________
يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أوكلما اشتهيتم اشتريتم ) دعوة للإقتصاد وليست دعوة للبخل. |
الإشارات المرجعية |
|
|