|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
18-04-2007, 12:17 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2004
البلد: نجد
المشاركات: 23
|
أحداث القصيم... وتحــــاليل المجالس!! ماموقف المسلم منها؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .... أما بعد : أيها الأخوة في الله : بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت في القصيم ، كثر الكلام في المجالس وكثرت التحاليل لهذا الحدث ولم تقتصر المجالس على تحاليل فقط!! بل وصلت سب وشتم وجدال عميق ودخول في النيات واتهامات بالباطل و .. و .. مراد كلامي أن هذا الأمر وهذه المجالس لا تزيد الفتن إلا اشتعالا ولا تزيد المتابع لها إلا حيرة !! إذاً ما موقف المسلم في مثل هذه الأحداث والفتن ؟ هذا ما سأتكلم عنه : - لكن ما أجمل أن نستقرى التأريخ ليخرج لنا ما يخبئ في صفحاته الغابرة . أود أنقلكم إلى عصر من العصور التي عاشت أنواعاً من الفتن والمحن . في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- - خرج الخبيث ابن سبأ وأوصى أتباعه المجرمين في جمعيته السرية الخبيثة، المنتشرين في بلاد المسلمين، فقال لهم: انهضوا في هذا الأمر، فحركوه وابدءوا بالطعن على أمرائكم وولاتكم الذين يعينهم الخليفة، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتستميلوا الناس إليكم، وادعوهم إلى هذا الأمر. وبث عبد الله بن سبأ دعاته في الأمصار، وكاتب أتباعه الذين أفسدهم في الأمصار وضمهم إليه وكاتبوه، وتحرك أتباعه في البلدان بدعوتهم ودعوا مؤيديهم في السر إلى ما هم عليه من الخروج على الولاة والخليفة، والعمل على عزل عثمان عن الخلافة، وكانوا في الظاهر يظهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليؤثروا في الناس، ويستميلوهم ويخدعوهم، وصار أتباع ابن سبأ يؤلفون الأكاذيب والافتراءات عن عيوب أمرائهم وولاتهم، وينشرونها في كتب يرسلها بعضهم إلى بعض في الأمصار، وصار أهل كل مصر منهم يكتبون كتبا بهذه الأكاذيب إلى أهل مصر آخر، فيقرأ أهل كل مصر تلك الكتب المزورة على الناس عندهم فيسمع الناس عندهم عن عيوب وأخطاء الوالي في ذلك البلد فيقولون: إنا لفي عافية مما ابتلى به المسلمون في ذلك البلد، ويصدقون ما يسمعون. وبذلك أفسد السبئيون الأرض وأفسدوا المسلمين، ومزقوا كلمتهم، وزعزعوا أخوتهم ووحدتهم، وهيجوا الناس على الولاة والأمراء، ونشروا الافتراءات ضد الخليفة عثمان نفسه،وكانوا يقومون بهذه الجرائم المنظمة والمدروسة بمهارة يريدون غير ما يظهرون، ويسرون غير ما يعلنون، ويهدفون إلى عزل عثمان والقضاء على دولة الإسلام . [B]- كانت هذه البذرة هي الخطوة الأولى في نشأة الفتنة .[/B] - بعد هذا الأمر تنبه بعض الصحابة لذلك الأمر فدخلوا على أمير المؤمنين عثمان على عجل وقالوا: يا أمير المؤمنين، أيأتيك عن الناس الذي يأتينا؟ قال: لا والله، ما جاءني إلا السلامة. قالوا: فإنا قد أتانا، وأخبروه بما تناهى لسمعهم عن الفتنة التي تموج بها الأمصار الإسلامية، وعن الهجوم الشرس على ولاته في كل صقع، وقال: أنتم شركائي وشهود المؤمنين، فأشيروا عليَّ؟ قالوا: نشير عليك أن تبعث رجالا ممن تثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليك بخبرهم، وبعد رجوع ألئك الرجال من الأمصار تبين لعثمان الشائعات التي تحرض ضده . - أتى إلى عثمان معاوية بن أبي سفيان وقال له: يا أمير المؤمنين, انطلق معي إلى الشام، قبل أن يهجم عليك من الأمور والأحداث ما لا قبل لك بها. قال عثمان: أنا لا أبيع جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ولو كان فيه قطع خيط عنقي. قال له معاوية: إذن أبعث لك جيشا من أهل الشام، يقيم في المدينة، لمواجهة الأخطار المتوقعة ليدافع عنك وعن أهل المدينة، قال عثمان: لا، حتى لا أقتِّر على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرزاق بجند تساكنهم، ولا أضيق على أهل الهجرة والنصرة. قال له معاوية: يا أمير المؤمنين, والله لتغتالن أو لتغزين، قال عثمان: حسبي الله ونعم الوكيل. لكأنما معاوية t كان يعلم أن وراء تلك الفتن والشائعات يدا خبيثة تخطط لهدف مرهوب ليس دونه ضرب الخليفة والخلافة، لكن عثمان الخليفة الراشد كان له رأي آخر، فهو يريد أن يسير مع هؤلاء لآخر الطريق حتى لا يترك لهم حجة عند الله وعند الناس، فيفضحهم في الدنيا والآخرة، وتلك مصابرة عظيمة من هذا الإمام العادل العظيم -اتفق أهل الفتنة فيما بينهم على القيام بخطوتهم العملية النهائية في مهاجمة عثمان في المدينة، وحمله على التنازل عن الخلافة وإلا يقتل، وقرروا أن يأتوا من مراكزهم الثلاثة: مصر والكوفة والبصرة في موسم الحج، وأن يغادروا بلادهم مع الحجاج، وأن يكونوا في صورة الحجاج، وأن يعلنوا للآخرين أنهم خارجون للحج، فإذا وصلوا المدينة، تركوا الحجاج يذهبون إلى مكة لأداء مناسك الحج، واستغلوا فراغ المدينة من معظم أهلها -المشغولين بالحج- وقاموا بمحاصرة عثمان تمهيدا لخلعه أو قتله. - وفي شوال سنة خمس وثلاثين كان أهل الفتنة على مشارف المدينة, فقد خرج المتمردون من مصر في أربع فرق لكل فرقة أمير، ولهؤلاء الأمراء أمير ومعهم شيطانهم عبد الله بن سبأ وكان عدد الفرق الأربعة ألف رجل. وخرج المتمردون من الكوفة ألف رجل، في أربع فرق. وخرج متمردو البصرة ألف رجل، في أربع فرق. وكان عبد الله بن سبأ يسير مع هؤلاء مزهوا مسرورا بنجاح خطته اليهودية الشيطانية، وكان أهل الفتنة من مصر يريدون علي بن أبي طالب خليفة، وكان أهل الفتنة من الكوفة يريدون الزبير بن العوام خليفة، وكان أهل الفتنة من البصرة يريدون طلحة بن عبيد الله. وهذا العمل منهم كان بهدف الإيقاع بين الصحابة رضوان الله عليهم. - وقبل اشتداد الحصار كان عثمان -رضي الله عنه- يتمكن من الخروج للصلاة ودخول من شاء إليه، ثم مُنع من الخروج من الدار حتى إلى صلاة الفريضة، فكان يصلي بالناس رجل من المحاصِرين من أئمة الفتنة. - وبعد أن تم الحصار، وأحاط الخارجون على عثمان -رضي الله عنه- بالدار طلبوا منه خلع نفسه أو يقتلوه, فقد رفض عثمان -رضي الله عنه- خلع نفسه، وقال: لا أخلع سربالا سربلنيه الله. - إن الاستجابة لمطالب المتمردين، وهم فئة قليلة من الأمة ليسوا من أهل الحل والعقد، ولا من رجالات الإسلام وفقهاء الشريعة، ستكون لها آثار خطيرة على مسيرة الأمة، وهيبة الخلافة وعلاقة الراعي بالرعية، وكان ثمن دفع هذه الآثار السيئة أن دفع الخليفة حياته، وهو يعلم بمصيره ويستسلم له, وهو أمر ثقيل على النفس، ولكنه قدم مصالح الأمة على مصلحته الشخصية. - أرسل عثمان-رضي الله عنه- إلى الصحابة -رضي الله عنهم- يشاورهم في أمر المحاصرين وتوعدهم إياه بالقتل، فكانت مواقفهم كالآتي: 1- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- :فقد أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن عليا أرسل إلى عثمان فقال: إن معي خمسمائة دارع، فأذن لي فأمنعك من القوم، فإنك لم تحدث شيئا يستحل به دمك، فقال: جُزيت خيرا، ما أحب أن يهراق دم في سببي. 2- الزبير بن العوام -رضي الله عنه-:عن أبي حبيبة قال: بعثني الزبير إلى عثمان وهو محاصر فدخلت عليه في يوم صائف وهو على كرسي، وعنده الحسن بن علي، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، فقلت: بعثني إليك الزبير بن العوام وهو يقرئك السلام ويقول لك: إني على طاعتي لم أبدل ولم أنكث، فإن شئت دخلت الدار معك، وكنت رجلا من القوم، وإن شئت أقمت، فإن بني عمرو بن عوف وعدوني أن يصبحوا على بابي، ثم يمضون على ما آمرهم به، فلما سمع -يعني عثمان- الرسالة قال: الله أكبر، الحمد لله الذي عصم أخي، أقرئه السلام، ثم قل له: أحبّ إليَّ، وعسى الله أن يدفع بك عني، فلما قرأ الرسالة أبو هريرة قام فقال: ألا أخبركم ما سمعت أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى، قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تكون بعدي فتن وأمور»، فقلنا: فأين المنجى منها يا رسول الله؟ قال: «إلى الأمين وحزبه»، وأشار إلى عثمان بن عفان، فقام الناس فقالوا: قد أمكنتنا البصائر، فأذن لنا في الجهاد؟ فقال: (أعزم على من كانت لي عليه طاعة ألا يقاتل). 3- المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-:فقد ورد أن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- دخل عليه وهو محاصر، فقال: إنك إمام العامة، وقد نزل بك ما ترى، وإني أعرض عليك خصالا ثلاثة اختر إحداهن: إما أن تخرج فتقاتلهم، فإن معك عددا وقوة، وأنت على الحق وهم على الباطل، وإما أن تخرق بابا سوى الباب الذي هم عليه، فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة، فإنهم لن يستحلوك بها، وإما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية، فقال عثمان: أما أن أخرج فأقاتل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء، وأما أن أخرج إلى مكة فإنهم لن يستحلوني, فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم»، ولن أكون أنا، وأما أن ألحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة الرسول. 4- عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-: فقد قال لعثمان -رضي الله عنه-: قاتلهم، فوالله لقد أحل الله لك قتالهم، فقال عثمان: لا والله، لا أقاتلهم أبدا. 5- كعب بن مالك، وزيد بن ثابت الأنصاريان رضي الله عنهما: حث كعب بن مالك -رضي الله عنه- الأنصار على نصرة عثمان -رضي الله عنه- وقال لهم: يا معشر الأنصار، كونوا أنصار الله مرتين، فجاءت الأنصار عثمان ووقفوا بابه، ودخل زيد بن ثابت -رضي الله عنه- وقال له: هؤلاء الأنصار بالباب، إن شئت كنا أنصار الله مرتين. فرفض القتال وقال: لا حاجة لي في ذلك، كفوا. 6- الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما:وجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما، وقال له: أخترط سيفي؟ قال له عثمانt: لا أبرأ الله إذًا مِنْ دمك، ولكن ثم سيفك، وارجع إلى أبيك. 7- عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: ولما رأى الصحابة أن الأمر استفحل، وأن السيل بلغ الزبى عزم بعضهم على الدفاع عنه دون استشارته، فدخل بعضهم الدار مستعدا للقتال، فقد كان ابن عمر معه في الدار، متقلدا سيفه لابسا درعه ليقاتل دفاعا عن عثمان -رضي الله عنه-، ولكن عثمان عزم عليه أن يخرج من الدار خشية أن يتقاتل مع القوم عند دخولهم عليه فيقتل، كما لبسه مرة أخرى. 8- أبو هريرة -رضي الله عنه-:دخل الدار على عثمان يقول: يا أمير المؤمنين، طاب أمضرب، فقال له: يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعا وإياي؟ قال: لا، قال: فإنك والله إن قتلت رجلا واحدا فكأنما قُتِل الناس جميعا، فرجع ولم يقاتل. 9- سليط بن سليط:قال: نهانا عثمان عن قتالهم، ولو أذن لنا لضربناهم حتى نخرجهم من أقطارها. ويقول ابن سيرين: كان مع عثمان في الدار سبعمائة، لو يدعهم لضربوهم إن شاء الله حتى يخرجوهم من أقطارها، منهم: ابن عمر، والحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير. ويقول أيضا: لقد قتل عثمان يوم قتل وإن الدار لغاصة، منهم ابن عمر وفيهم الحسن بن علي في عقنه السيف، ولكن عثمان عزم عليهم ألا يقاتلوا. وبذلك يظهر زيف ما اتهم به الصحابة مهاجرين وأنصارا من تخاذل عن نصرة عثمان-رضي الله عنه-. 10- عرض بعض الصحابة على عثمان مساعدته في الخروج إلى مكة:ولما رأى بعض الصحابة إصرار عثمان t على رفض قتال المحاصرين، وأن المحاصرين مصرون على قتله، لم يجدوا حيلة لحمايته سوى أن يعرضوا عليه مساعدته في الخروج إلى مكة هربا من المحاصرين، فقد روى أن عبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، وأسامة بن زيد، عرضوا عليه ذلك، وكان عرضهم متفرقا، فقد عرض كل واحد منهم عليه ذلك على حدة، وعثمان t يرفض كل هذه العروض. - قال ابن تيمية -رحمه الله-: ومن المعلوم بالتواتر أن عثمان كان من أكف الناس عن الدماء، وأصبر الناس عمن نال من عرضه، وعلى من سعى في دمه فحاصروه وسعوا في قتله، وقد عرف إرادتهم لقتله، وقد جاء المسلمون ينصرونه ويشيرون عليه بقتالهم، وهو يأمر الناس بالكف عن القتال ويأمر من يطيعه أن لا يقاتلهم... وقيل له: تذهب إلى مكة؟ فقال: لا أكون ممن ألحد في الحرم، فقيل له: تذهب إلى الشام؟ فقال: لا أفارق دار هجرتي، فقيل له: فقاتلهم، فقال: لا أكون أول من خلف محمدا في أمته بالسيف، فكان صبر عثمان حتى قتل من أعظم فضائله عند المسلمين. -آخر خطبة خطبها عثمان -رضي الله عنه- :كان آخر لقاء عام لعثمان مع المسلمين بعد أسابيع من الحصار؛ حيث دعا الناس، فاجتمعوا له جميعا، المحارب الطارئ من السبئيين، والمسالم المقيم من أهل المدينة، وكان في مقدمة القادمين: علي وطلحة والزبير، فلما جلسوا أمامه قال لهم: إن الله -عز وجل- إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكم الدنيا لتركنوا إليها، وإن الدنيا تفنى والآخرة تبقى، فلا تبطرنكم الفانية ولا تشغلنكم عن الباقية، وآثروا ما يبقى على ما يفنى، فإن الدنيا منقطعة، وإن المصير إلى الله، واتقوا الله عز وجل، فإن تقواه جُنَّة ووقاية من بأسه وانتقامه، والزموا جماعتكم ولا تصيروا أحزابا، قال تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" [آل عمران: 103]. ثم قال للمسلمين: يا أهل المدينة: إني أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا، حتى يقضى الله فيَّ قضاءه، ولأدعَنَّ هؤلاء الخوارج وراء بابي، ولا أعطيهم شيئا يتخذونه عليكم دَخَلا في دين أو دنيا، حتى يكون الله هو الصانع في ذلك ما أحب، وأمر أهل المدينة بالرجوع وأقسم عليهم، فرجعوا إلا الحسن ومحمد وابن الزبير وأشباهًا لهم، فجلسوا على باب عثمان عن أمر آبائهم، وثاب إليهم ناس كثير، ولزم عثمان الدار حتى أتاه أجله. -استشهاد عثمان -رضي الله عنه-:وفضلا عن تحرك جيوش الأمصار منها لنجدة الخليفة، فقد كانت أيام الحج تنقضي سريعا وتوشك جماعات من هؤلاء أن تزحف إلى المدينة لنجدة الخليفة، وقدمت الأخبار إلى المتمردين بأن أهل الموسم يريدون نصرة عثمان، فلما أتاهم ذلك مع ما بلغهم من نفور أهل الأمصار إليهم أعلقهم الشيطان وقالوا: لا يخرجنا مما وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل، فيشتغل بذلك الناس عنا. - وفي آخر أيام الحصار - وهو اليوم الذي قتل فيه- نام -رضي الله عنه- فأصبح يحدِّث الناس: ليقتلني القوم، ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ومعه أبو بكر وعمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عثمان أفطر عندنا، فأصبح صائما وقتل من يومه. - صفة قتله:هاجم المتمردون الدار فتصدى لهم الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص، ومن كان من أبناء الصحابة أقام معهم، فنشب القتال فناداهم عثمان: الله الله، أنتم في حل من نصرتي، فأبوا، ودخل غلمان عثمان لينصروه، فأمرهم ألا يفعلوا؛ بل إنه أعلن أنه من كف يده منهم فهو حر. وقال عثمان في وضوح وإصرار وحسم، وهو الخليفة الذي تجب طاعته: أعزم على كل من رأى أن عليه سمعا وطاعة إلا كف يده وسلاحه. ولا تبرير لذلك إلا بأن عثمان كان واثقا من استشهاده بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، ولذلك أراد ألا تراق بسببه الدماء، وتقوم بسببه فتنة بين المسلمين. وكان المغيرة بن الأخنس بن شريق فيمن حج ثم تعجل في نفر حجوا معه، فأدرك عثمان قبل أن يقتل، ودخل الدار يحمي عنه وقال: ما عذرنا عند الله إن تركناك ونحن نستطيع ألا ندعهم حتى نموت؟ فأقدم المتمردون على حرق الباب والسقيفة، فثار أهل الدار -وعثمان يصلي- حتى منعوهم، وقاتل المغيرة بن الأخنس والحسن بن علي ومحمد بن طلحة وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم وأبو هريرة، فأبلوا أحسن البلاء وعثمان يرسل إليهم في الانصراف دون قتال، ثم ينتقل إلى صلاته، فاستفتح قوله تعالى: "طه ` مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ` إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَّخْشَى" [طه: 1-3] وكان سريع القراءة، فما أزعجه ما سمع، ومضى في قراءته ما يخطئ وما يتعتع، حتى إذا أتى إلى نهايتها قبل أن يصلوا إليه ثم دعا فجلس وقرأ: "قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" [آل عمران: 137]. وأصيب يومئذ أربعة من شبان قريش وهم: الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم, وقتل المغيرة بن الأخنس، ونيار بن عبد الله الأسلمي، وزياد الفهري، واستطاع عثمان أن يقنع المدافعين عنه، وألزمهم بالخروج من الدار، وخلى بينه وبين المحاصرين، فلم يبق في الدار إلا عثمان وآله، وليس بينه وبين المحاصرين مدافع ولا حام من الناس، وفتح -رضي الله عنه- باب الدار. وبعد أن خرج من في الدار ممن كان يريد الدفاع عنه، نشر -رضي الله عنه- المصحف بين يديه، وأخذ يقرأ منه وكان إذ ذاك صائما، فإذا برجل من المحاصرين لم تسمه الروايات يدخل عليه، فلما رآه عثمان -رضي الله عنه- قال له: بيني وبينك كتاب الله, فخرج الرجل وتركه، وما إن ولى حتى دخل آخر، وهو رجل من بني سدوس، يقال له: الموت الأسود، فخنقه وخنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: والله ما رأيت شيئا ألين من خنقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان تردد في جسده، ثم أهوى إليه بالسيف، فاتقاه عثمان -رضي الله عنه- بيده فقطعها، فقال عثمان: أما والله إنها لأول كف خطت المفصَّل؛ وذلك أنه كان من كتبة الوحي، وهو أول من كتب المصحف من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل -رضي الله عنه- والمصحف بين يديه، وعلى أثر قطع اليد انتضح الدم على المصحف الذي كان بين يديه يقرأ منه، وسقط على قوله تعالى:"فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [البقرة: 137]. وفي رواية: إن أول من ضربه رجل يسمى رومان اليماني، ضربه بصولجان، ولما دخلوا عليه ليقتلوه أنشد قائلا: أرى الموت لا يبقى عزيزا ولم يدع لعاد ملاذا في البلاد ومرتقى وقال أيضا: يبيت أهل الحصن والحصن مغلق ويأتي الجبال في شماريخها العلي ولما أحاطوا به قالت امرأته نائلة بنت الفرافصة: إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيى الليل بركعة يجمع فيها القرآن. وقد دافعت نائلة عن زوجها عثمان وانكبت عليه واتقت السيف بيدها, فتعمدها سودان بن حمران ونضح أصابعها فقطع أصابع يدها، وولت، فغمز أوراكها. ولما رأى أحد غلمان عثمان الأمر، راعه قتل عثمان، وكان يسمى (نجيح) فهجم نجيح على سودان بن حمران فقتله، ولما رأى قتيرة بن فلان السكوني نجيحا قد قتل سودان، هجم على نجيح فقتله، وهجم غلام آخر لعثمان اسمه (صبيح) على قتيرة بن فلان فقتله، فصار في البيت أربعة قتلى شهيدان، ومجرمان، أما الشهيدان: فعثمان وغلامه نجيح، وأما المجرمان فسودان وقتيرة السكونيان، ولما تم قتل عثمان -رضي الله عنه- نادى منادٍ القوم السبئيين قائلا: إنه لم يحل لنا دم الرجل ويحرم علينا ماله، ألا إن ماله حلال لنا، فانهبوا ما في البيت، فعاث رعاع السبئيين في البيت فسادا، ونهبوا كل ما في البيت، حتى نهبوا ما على النساء، وهجم أحد السبئيين ويدعى كلثوم التجيبي على امرأة عثمان (نائلة) ونهب الملاءة التي عليها، ثم غمز وركها، وقال لها: ويح أمك من عجيزة ما أتمك، فرآه غلام عثمان (صبيح) وسمعه وهو يتكلم في حق نائلة هذا الكلام الفاحش، فعلاه بالسيف فقتله، وهجم أحد السبئيين على الغلام فقتله، وبعدما أتم السبئيون نهب دار عثمان، تنادوا وقالوا: أدركوا بيت المال، وإياكم أن يسبقكم أحد إليه، وخذوا ما فيه، وسمع حراس بيت المال أصواتهم، ولم يكن فيه إلا غرارتان من طعام فقالوا: انجوا بأنفسكم، فإن القوم يريدون الدنيا، واقتحم السبئيون بيت المال وانتهبوا ما فيه. حقق الخوارج السبئيون مرادهم، وقتلوا أمير المؤمنين، وتوقف كثير من أتباعهم من الرعاع والغوغاء بعد قتل عثمان ليفكروا, وما كانوا يظنون أن الأمر سينتهي بهم إلى قتله، لقد استغفلهم شياطينهم السبئيون، واستغلوهم في الشغب على عثمان، أما أن يقتلوه فهذا ما استفظعوه واستشنعوه، وسقط في أيدي هؤلاء الغوغاء، وحصل لهم كما حصل لبني إسرائيل لما عبدوا العجل، ندم بعضهم، كما قال الله تعالى: "وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ` وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [الأعراف: 148، 149] وحزن الصالحون في المدينة لمقتل خليفتهم، وصاروا يسترجعون ويبكون، لكن ماذا يفعلون وجيوش الخوارج السبئيين تحتل المدينة، وتعيث فيها فسادا، وتمنع أهلها من فعل أي شيء؟ وكان الحاكم الفعلي للمدينة هو أمير خوارج مصر (الغافقي بن حرب العكي)، وكان معهم شيطانهم المخطط (عبد الله بن سبأ) وهو فرح مسرور لما وصل إليه من أهداف ومآرب يهودية شيطانية. هذه هي فتنة قتل أمير المؤمنين باختصار شديد. عثمان بن عفان الخليفة الراشد.. وزوج ابنتي رسول الله.. المبشر بالجنة.. يقتل وهو في بيت الخلافة !! وفي عهد الصحابة الذين هم أشرف وأفضل الخلق بعد الأنبياء والرسل !! انظر إلى الفتن كيف تفعل إذا أقبلت.. حتى أن بعض الصحابة هجر المسجد وبدأ يصلي في بيته خوفاً من الفتنة !! مابال أقوام يتصدرون المجالس في إثارة الفتن.. عجباًً لهؤلاء.. الصحابة اعتزلوا المساجد وتركوا الجماعات وبعضهم لا يستطيع أن يمسك على عظمة لسانه !! والله المستعـــــــان ..
من أهم المراجع كتاب : سيرَة عُثمَان بْنُ عَفان رضيَ اللهُ عَنه شخصيّته وعَصْره تأليف الدكتور علي محمد الصلابي كتاب الكتروني رائع مليئ بالتفاصيل حجم البرنامج 892 كيلوبايت حمل الكتاب من هنا أو من هنـــــــــــــــــا
__________________
{ مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }
آخر من قام بالتعديل HATM; بتاريخ 18-04-2007 الساعة 12:43 PM. |
18-04-2007, 12:18 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2004
البلد: نجد
المشاركات: 23
|
الإقبال على عبادة الله كفيل بالنجاة من الفتن
روى الإمام مسلم (18/392) عن معقل بن يسار ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : (( العبادة في الهرج كهجرة إليّ)) والهرج : القتل والقتال ، وماله من مقدمات من عصبية وحزبية ، وغير ذلك ، ولفظ العبادة هنا يشمل جميع أنواع العبادة من صدق وإخلاص ، ومراقبة لله وتقوى ، وورع وصبر وثبات على الحق ، ومحافظة على تعلم العلم النافع ، وتعليمه ، والعمل الصالح من صلاة وصيام ، وحسن معاملة ، وحسن خلق ، كل هذه وأمثالها من العبادات . فلو أقبل المسلم على العبادة كما أراد الله لم يبق معه وقت لضياعه مع الفتن والمراء والجدال ، وصدق النبي إذ يقول : ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)) من حديث ابن عباس عند البخاري. وقال : ((بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) عن أبي هريرة عند مسلم (2/300). الفضل لله وحده في النجاة من جميع الفتن الفتن كثيرة ومتنوعة ومستجدة ما بين الحين والآخر ، وكل واحد من المسلمين المتمسكين بدين الله معرض في كل وقت للفتن ، فمن نجا من الفتن فذلك بشيئين عظيمين: فضل الله عليه ، واستمرارية توفيق الله له. قال تعالى مخاطبا أصحاب رسول الله بعد حادثة الإفك :{ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء} [النور]، ولما حصلت الشائعة بين الصحابة أن رسول الله طلق نساءه جرى للصحابة ما جرى فذهب عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى النبي وقال : ((أطلقت نساءك ؟ قال : لا ، قال عمر : فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله نساءه ونزلت هذه الآية {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} قال عمر : فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر ، وأنزل الله عز وجل آية التخيير)) رواه مسلم رقم (1479) بهذا اللفظ . فهنيئا لمن وفقه الله لتجنب الفتن ما ظهر منها وما بطن. الفرار من الفتن ولزوم كل امرئ عمله روى الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)). وروى مسلم برقم (2887) عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : ((إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي فيها والماشي فيها خير من الساعي إليها ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، قال: فقال رجل يا رسول الله : أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض ؟ قال : يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء ، اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ فقال رجل يا رسول الله : أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين ، فضربني رجل بسيفه ، أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار)) . فهذا من العلاج العظيم وتعريف الناس ما ينفعهم فلو انصرف الناس إلى أعمالهم ما قامت فتنة كالمظاهرات والانقلابات ، فكل هذه من الفتن ، فما أعظم العلاج في الشرع ، وما أقل المنتفعين به. الفتن تنسف المتطلعين لها قال تعالى :{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [الأنفال]، فتأمل كيف أمر الله باتقاء كل فتنة فمن لم يخضع لأمره سبحانه فالجزاء كما قال الله :{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور]. والله ثم والله إننا لا نطيق فتنة ولا العذاب الأليم ، فواعجبا لعاقل يقدم نفسه لما لا تحمد عقباه ، وقد جاء من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله : ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم...)) متفق عليه. وكم رأينا ممن يستعجلون الفتن قد تغيروا عن الحق فبعد أن كانوا أهل صدق أُثر عنهم الكذب ، وبعد أن كانوا من أجل الإسلام فقد صاروا من أجل الأغراض النفسية ، وبعد أن كانوا يتحاشون مؤاذاة الناس والسب والشتم فقد صاروا يخوضون في أعراضهم. فالله الله في دينك يا مسلم إذا جاءت الفتن فصن لسانك وحافظ على سلامة قلبك ، ونزه سمعك فلا تتصدى للجدال فيما لا تحسن ولا تتكلم في ما لا تعلم ، ولا تشغف بسماع كل ما يدور ويقال فتصير في اضطراب وحيرة وشكوك ، والله المستعان. الذنوب داء الأخوة في الدين روى البخاري في "الأدب المفرد" من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله : ((ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما)) وهو حديث ثابت عن النبي . فانظر حفظك الله كيف يجلب الذنب الواحد الفرقة بين المتحابين ، فيكف إذا كثرت الذنوب ؟!، وسواء كان الذنب في حق أخيه أو كان في حق أخ آخر ، أو كان بين العبد وربه. فيا لله ما أخطر الذنوب علينا ، فيا علام الغيوب جنبنا الذنوب وسهل لنا أن نتوب ، وقنا شر أنفسنا والقلوب. فاحذر أخي أن تتعامل مع أخيك المسلم بالظلم أو الغيبة والنميمة ، أو سوء الظن أو الكذب عليه أو الغش له. ومما يجلب العداوة بين الأخ وأخيه التداخل في أمور الدنيا ، فكم من إخوة كانوا أحبابا فلما دخلوا في الشركة صاروا أعداء. قال تعالى :{وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم} [ص] عدم الإخلاص من أسباب السقوط في الطريق قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ : (إنما يتعثر في الطريق من لم يخلص عمله لله ) فلله در ابن الجوزي كيف كان خبيرا بالداء والدواء . والتعثر هذا قد يختم به للإنسان ، قال الرسول : ((إن العبد ليعمل عمل أهل النار وهو من أهل الجنة ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنما الأعمال بالخواتيم)) رواه البخاري عن سهل بن سعد رقم (6607) وهو عند مسلم بنحوه رقم (112) قال ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ : (خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك ، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت ـ إلى أن قال: ـ فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر) اهـ من كتاب "قال ابن رجب" (151-152) . قلت : الله الله في إخلاص العمل لله في قلبك وقالَبك. التفقه في الدين إن من فوائد التفقه في دين الله سلوك طريقة النجاة من الفتن ، وهي منحة إلاهية يتفضل الله بها على من يشاء من العباد ، قال الرسول : ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) متفق عليه من حديث معاوية. فإياك إياك واحتقار الفقه في الدين ، فقد قال بعض العلماء : (إن الله يرفع عن هذه الأمة العذاب برحلة أصحاب الحديث) نعم إن عظمة دين الإسلام تكمن في كل آية من كتاب الله وفي كل حديث صحيح عن رسول الله ، فالأمة الإسلامية قد تتجرع أنواعا من المصائب ، والحل موجود في أكثر من آية أو حديث ، والآية الواحدة والحديث الواحد فيه حل برأسه ، ولقد جاء الإسلام لكل فتنة بدواء ولكن قلَّ المداوون ، ولنضرب لذلك مثلا لما مات الرسول اختلف الصحابة في تجريده من الثياب فسمعوا قائلا يقول: لا تجردوا رسول الله . فتركوا تجريده ، واختلفوا فيمن يكون الخليفة بعده فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله يقول : ((قريش ولاة هذا الأمر )) رواه أحمد (1/5) ، فسلم الصحابة الإمامة لأبي بكر لأنه قرشي ، فانظر كيف حُسِم الاختلاف بسبب التفقه في الدين والتسليم للدليل ، وكم جرت من خلافات في الصحابة وكانت تزول وتنتهي إذا جاء الدليل والبرهان الشرعي ، فالتفقه في الدين أساس كل خير ولكن على يد من صح معتقده وسلم منهجه وحسن مقصده ، فاختيار الكتاب القيم والعالم الفطن للتفقه في الدين مطلب كل باحث عن الحق. الاعتصام بحبل الله وحبل الله هو اتباع القرآن الكريم والسنة المطهرة على فهم السلف الصالح ، والاعتصام بهما أمان من الزيغ والضلال ، قال تعالى :{فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى}. والاعتصام بكتاب الله كما أراد الله يكون بثلاثة أمور: 1- قبول آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول الصحيحة قبولا صادقا ظاهرا وباطنا فلا تردد في قبول شيء من ذلك ، وهذا القبول لا بد أن يكون قائما على الاعتقاد الجازم أن القرآن الكريم والسنة المطهرة محفوظان بحفظ علام الغيوب ، قال تعالى :{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر]. 2- فهم القرآن والسنة على فهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان إذ لا عصمة من الانحراف في فهم القرآن والسنة إلا بهذا ، وأكثر الفرق التي ضلت عن سبيل الله كان من أسباب ذلك عدم اعتمادها على فهم السلف الصالح ، وأهل السنة أسعد الناس بفهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان. 3- العمل بالقرآن الكريم والسنة المطهرة ظاهرا وباطنا على ما كان عليه عمل الصحابة ومن تبعهم بإحسان. والقيام بهذا أصعب من القيام بالذي قبله ، والمفرطون في هذا أكثر من المفرطين بالذي قبله ، ولم ينج من هذا التفريط إلا أفراد من عباد الله الصالحين ، والرجوع إلى ما كان عليه السلف من العمل عند الفتن أمر مهم ، وبالالتزام بهذه الأمور في جميع شؤون الحياة يتحقيق الاعتصام الحق بكتاب الله عز وجل . أهمية الرجوع إلى علماء الأمة عند الفتن إن علماء السنة والجماعة هم أعظم من يقف ضد الفتن قديما وحديثا ، وكم من فتن ظهرت في عصرنا فتصدى لها العلماء وكشفوا عوارها وأوضحوا أضرارها. فهم الذين وقفوا ضد الدعوات البدعية والأفكار المنحرفة بالمرصاد ينافحون في الليل والنهار عن الحق الذي جاء في القرآن والسنة المطهرة وسار عليه السلف الصالح ، فالذي لا يرجع إليهم إما أن يقول الكل على خير وحق . وهو يعني بالكل أهل السنة ودعاة البدع والتحزب وهو في الحقيقة يسوي بين الحق والباطل ، وإما أن ينحاز إلى فئة من فئات البدع والحزبيات ويحارب دعوة الحق ودعوة الله ورسوله وهو سائر في ذلك كما تريد الفرقة التي ارتمى بين أحضانها ، أما من رجع إلى علماء الحديث فإنه ينجو بحمد الله رب العالمين ، قال تعالى :{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء]. قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ : العالم يرى الفتنة وهي مقبلة والناس لا يرونها إلا وهي مدبرة .قال تعالى مخبرا عن موقف عامة الناس في قارون :{فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم} [القصص]. وقال في موقف أهل العلم من قارون : (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون} [القصص]. ثم تغير موقف عامة الناس ولكن بعد أن أهلك الله قارون ، قال تعالى :{وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون} [القصص]. ومواقف العلماء المعاصرين في إدراك الفتن والتحذير من الوقوع فيها كثيرة واعتبر بفتنة جهيمان وفتنة جبهة الإنقاذ في الجزائر ، وفتنة الانتخابات والتحزبات ، وغير ذلك كثير مما حذَّر منه العلماء فلم يقبل نصحهم فكان ما كان من المصائب العظام ، والغالب على المحبين للخير أنهم يستعجلون كما قال الرسول لبعض أصحابه : ((والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلى الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)) رواه البخاري (7/209) من حديث خباب. التمحيص للأخبار الشائعة خصوصا عند الفتن يجب على المسلم أن يتثبت من الأخبار الشائعة وأن لا يحدث بكل ما سمع وأن يردها إلى أهل العلم ، قال تعالى :{ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} ولهذا قال الرسول : ((كيف بكم بزمان يغربل الناس فيه غربلة وتبقى حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم فاختلفوا وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قالوا كيف بنا يا رسول الله ؟ قال تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون)) رواه ابن ماجه (2/3956) من حديث عبد الله بن عمرو . فالأخبار التي تنقل عبر كثير من الصحف والمجلات لايعتمد عليها لأن هذه المصادر ليست محل ثقة، وأيضا الكُّّتاب عندهم أفكار دخيلة واتجاهات في الغالب . فالأخطاء التي يتحدث بها الثقات عن فلان المعروف بعدم الوقوع فيما ينسبونه إليه يطالبون بالمصادر والنظر فيها ، وإذا لم يكن عندهم مصدر إلا الشخص يسأل عما نسب إليه فهذه الضوابط تقصم ظهور المروجين للفتن والساعين في الفرقة، فتسد عليهم الطرق وتغلق دونهم الأبواب وتفوت عليهم الفرص التي ينتظرونها ، والالتزام بهذه الضوابط شاق جدا لا يوفق لذلك إلا من وفقه الله ، ولا يستمر على ذلك إلا من ثبته الله رب العالمين جعلنا الله منهم. راجع كتاب : التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن
__________________
{ مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }
آخر من قام بالتعديل HATM; بتاريخ 18-04-2007 الساعة 12:21 PM. |
الإشارات المرجعية |
|
|