[ابوفارس2]

إلى كل من سل لسانه ، وبرى قلمه ، وجير منصبه فطعن وسخر ، وهمز ولمز في أمرٍ ليس لكاتب ولا قارئ هذه الكلمات منه شيء بل هو لخالق ومالك الملك . قال تعالى  ولتكن منكم آمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون  . نعم إنه جهاز الحسبة ، شرعه سبحانه لنتأمر بالخير ونتناهى عن الشر ، شرعه ليدفع الناس بعضهم بعضاً  ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون  .
وليس مقالي هذا هو لا ظهار ضرورة هذه الشعيرة مع أن هناك مَنْ ينكره وكلن لا ضَيْرَ :
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمدٍ وينكر الفمُ طعمَ الماء من سقمٍ
وإنما لأقول : لا يطعن في هذا الجهاز والعاملين عليه إلا واحداً من اثنين :
الأول : امروءً أخذ هؤلاء الرجال على يده فمنعوه من شيء أراده ، وجمحوه من شهوات أحبها ، فهم آمرون بالمعروف ناهون عن المنكر وهو متبع لشهواته ( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ) . وليس من العجب أن يعاديهم أمثال هؤلاء فلقد ودت الزانيةُ أن النساء كلهن زوانٍ . وإذا أردت أن تعرف فضل هؤلاء حراسِ الفضيلة فاسئل متعاطي المخدرات عن هيئة مكافحة المخدرات ، واسأل اللصوص وقطاع الطريق عن رجال الأمن ،واسأل الظالم للناس الآكل لحقوقهم عن القاضي العادل والذي يدفع الباطل فإذا هو زاهق ، واسأل المتسولين عن هيئة مكافحة التسول . وما أحسن ما قيل " وبضدها تبتين الأشياء " . ولكن هؤلاء القادحين ذوو دهاءٍ فهم لا يطعنون في أصل هذه الشعيرة ولكنهم يستغلون – بعد تواطءٍ بينهم – مواقف وقعت من رجال مجتهدين فهم بين الأجر والأجرين متقلبون يستغلون أخطاءً فردية لا تمثل ديناً ولا الجهاز الذي ينتسبون إليه . وياليت شعري من يسلم من الأخطاء . ولو صيرنا هذه القاعدة على كل عامل وموظف لَخَلتْ الأعمال والوزارات ، ولأُ بِعد أولُ من يُبعد القادح في هذه الرئاسة . فسبحان الله ، هل كل خطءٍ مغفور إلا خطأ هؤلاء !!! إن كان قد أساء بعضهم خطأ فقد قتل غيرهم خطأً وإن كانوا قد تكلموا عن غير عمد فهناك من سب وشتم عمداً . فيا تُرى بأي عذر يقابلون به الناس وربَ الناس .
الثاني : امروءً سماع لقوم آخرين يحرفون الحقائق عن مواضعها ، فهم لا للخير نصروا ولا عن الشر حذروا . وكثير من هؤلاء ما أرادوا إلا الخير – إن شئت فقل – لا للشر أرادوا . فيقال لهم : ألا نتأدب بما أدبنا به ربنا قال تعالى ( إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علمً وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ) فهؤلاء تلقوه بالألسن فلم يخالط عقولهم وقلوبهم . فهم ما كادوا يسمعونه حتى نشروه ناسين أو متناسين أثرها الوخيم . يا إخوتي وأخواتي لا نكن معادل هدم بل بُناة عاملين ناصحين للحق وللخلق . ويكفي من كل واحد منا إذا سمع مَنْ يقدح أو يحكي واقعة تسيءُ إلى هذا الجهاز يكفي أن يسأله عن صحة ومصدر الخبر فما هو إلا وقد انكشفت الحقائق فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .