![]() |
ابن خفاجــــة ...وقطاع غزة !
(روى لنا التاريخ في سيره أن هناك في مغرب الأرض كانت تقبع دولة مباركة كانت تحكم بالإسلام دينا عملاً وتطبيقا وتشريعاً , وكانت هذه الدولة منذ نشأتها تحاول مدّ الإسلام ونشره في أرجائها , وتؤصل العقيدة الصحيحة فيها كي تؤمن جانبها الفكري العقدي الذي هو بوابة الأمان بعد الله من أن يخطف العدو ملكها ويسبي أهلها ويغتصب نساءها , إن عقيدة مؤججة تسري في الضلوع ستحرق أي معتدٍ غشوم حقود ...
وتمر السنون تلو السنين ... وتصاب الدولة أو تلك الأمة بداء الضعف الذي هو سنة الله في خلقه وهو مما كسبت يد ابن آدم ... تنشق الدولة عن دويلات تسمى بملوك الطوائف هؤلاء الملوك الذين تنافسوا فيما بينهم أيهم يكون الخادم المطيع للعدو الصليبي ليرضى عنه فيفوز هو بضمان كرسيه ولا يمس هو وخدمه ووزراؤه بسوء وأما غيره فلا حرج عنده أن يدوس العدو حريمهم ويسبي رجالهم ويغتصب نساءهم لأنهم ليسوا من أفراد مملكته .... سلوا بلنسية وقرطبة وطليطلة وغيرها من الدويلات التي أنجبت الفحول من العلماء كابن حزم وابن عبدالبر والقرطبي وابن مالك النحوي والمؤرخ الكبير ابن حيان عن أخبارها بعد أن كانت منارة العلوم وحاضرة المستقبل المغربي... لقد حفظ التاريخ أن أولئك الملوك اهتموا بالنساء والجواري والقينات والخمور حتى بات الوحد منهم يصيبه الحسرة والألم إن فاتته جارية حسناء ولاتذرف له دمعة بل لا يعير بالاً إن سمع بدويلة قريبة مسلمة وقعت تحت سياط العدو وانتهك الحرمات فيها .. ياله من تاريخ ؟ كنا نسمعه ؟ ولم نره ؟ حتى صار العقل لايصدقه ويقول الإنسان في داخله لعل هذا من تدليس ومبالغة المؤرخين ... إن التاريخ لايكذب أهله ...فالتاريخ الذي روى لناما اقترفته يد أولئك الخائفين على عروشهم النائمين بفرشهم على أنغام القينات ورقص الجواري والذي عرفنا بالصليبي القذر ألفونسو وفرديناند والقائد الماكر الكنبيطور وغيرهم ممن اسعدهم تهافت رؤساء الطوائف على الدنيا حتى هجموا هجماتهم الصليبية وفعلوا فعلتهم في المسليمن , هو نفسه التاريخ الذي يعيد ألفونسو بصورة أخرى بصورة عظيم للروم ترهب ملوك الطوائف في القرن الواحد والعشرين وهو التاريخ الذي يصور فرديناند بصورة بلير الوقح وبخبثه الماكر في رغبته في سلب خيرات المسلمين , وهو التاريخ أيضاً الذي يذكرنا بقائد أعاد مافعله الكمبيطور بصورة طبق الأصل لما فعله بريمر وزمرته في العراق ... ومن ذلك التاريخ الغابر شواهد كثيرة تبكي العين لها ويدمى القلب ولكن من بينها صور ومشاهد تُبين أي درجة وصلها المسلمون ...اقتطع بعضاً منها : يقول ابن حيان واصفاً تبلد الإحساس عند المسلمين وغياب الهاجس ونصرة إخوانهم : " عدموا الراعي العنوف منذ حقب , فنبذوا السلاح , وكلفوا بالترميح , ونافسوا النشب , وعطلو الجهاد , وقعدوا فوق الأرائك مقعد الجبابرة المتفانين ... ينتظرون من ينبعث من أهلها للقتال حسبة , ولايرفدون المختل ممن رابط إليهم بعليقه ... فتياً لهم ! فتضعضع ثغرهم بتوالي النكبات " وقال ألفونسو السادس حين قدم إليه رسول المعتمد ابن عباد : " كيف اترك قوماً مجانين تسمَّى كل واحد منهم باسم خلفائهم وملوكهم ... ولكل واحد منهم لايسل في الذب عن نفسه سيفاً ولايرفع عن رعيته ضيماً ولاحيفاً , وقد أظهروا الفسوق والعصيان , واعتكفوا على المغاني والعيدان ! وكيف يحل لبشرٍ أن يقرمنهم على رعيته أحداً . وأن يدعها في أيديهم سدى " .. ويقول ابو عبدالله العسال واصفاً تلك الحال شعراً : " ولقد رمانا المشركون بأسهم *** لم تخط لكن شأنها الإصماءُ ""هتكوا بخيلهم قصور حريمهم *** لم يبق لاجبل ولابطحاءُ جاسوا خلال ديارهم فلهم بها *** في كل يوم غارة شعواءُ ماتت قلوب المسلمين برعبهم *** فحماتنا في حربهم جبناءُ كم موضع غنموه لم يرحم به *** طفل ولاشيخ ولاعذراءُ لولاذنوب المسلمين وأنــــــهم *** ركبوا الكبائر مالهن خفاءُ ماكان ينصر للنصارى فارس *** أبداً عليهم فالذنوب الداءُ وفي تصوير آخر يُبين بكاء الأدباء وحسرة الأمة لما حل يقول ابن خفاجه في شعره : " عثت بساحتكِ الظِّبا يادارُ *** ومحا محاسنك البلى والنّار ""فإذا تردد في جنابك ناظرٌ ***طال اعتبار فيكِ واستعبارُ أرض تقاذفت الخطوب بأهلها *** وتمخضت بخرابها الأقدارُ كتبت يدُ الحدثان في عرصاتها *** لا أنتِ أنتِ ولا الديارُ الدارُ هذه بعض من كل ... ماذا سيقول ابن خفاجة حين يرى التاريخ يعيد نفسه بل وأشد !؟ إن العراق ومن بعده فلسطين ... وهاهي (غزة ) تفتح عنوة وتصير للمحتل داراً ولا من مجيب أو من صوت ضمير ... نام الرجال وخافوا .. صار الجهادُ إرهاباً ...وصار ألفونسو القذر بوش يضحك ويعيد قولة سلفه ألفونسو السابق ... حقُ لليهود أن يرتعوا وأن يعبثوا ... ما دمنا لا نقرأ التاريخ ؟ ونستلهم العبر ؟ لن يوقف غاراتهم إلا سيف أملح ... وسيكتب التاريخ كما كتب تاريخ ابن حيان : " وحين دخل القرن الحادي والعشرين انغمس الناس في الدنيا والملوك بالعروش وجمع القروش ونفخ الكروش وأتت البواقع تترى على بلاد المسلمين نكبة تلوة نكبة حتى صار الأمر طبعياً لا يحرك ساكنا والذل مالوفاً والجهاد ممنوعاً ومحظوراً ... وقمع أشباه النساء في بيوتهم عند نسائهم وبين أبنائهم يطالعون مايحل بإخوانهم وكأن الأمر لايعنيهم ..ويطلبون من المحتسبين ردّ عدوهم وهم يهابون حمل السلاح ...فتياً لهم وتباً لأشباه النساء ...حتى تضعضع ثغرهم بتوالي النكبات " سميّة 1427هـ في ذكريات لأولادي ). |
حفظك الله سمية مقال رائع يحكي ذكريات أليمة من واقع معاصر ...
|
. . [poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"] كم صرفتنا يد كنا نصرفها = وبات يملكنا شغب ملكناه أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد = تجده كالطير مقصوصاً جناحاه [/poem] . . [poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"] أيها التاريخ لا تعتب علينا = مجدنا الموؤود مبحوح الحناجر كيف أشكو والمساجد مغلقات = والرجال اليوم همهم المتاجر ثلة منهم تبيع الدين جهراً =ترسم الحسناء والكأس تعاقر ثلة أخرى تبيت على كنوز = لا تبالي كان بؤساً أم بشائر لا تراعي فالحقائق مترعات = بالأسى يا أمتي والدمع ساتر [/poem] . . |
(سميّة 1427هـ في ذكريات لأولادي ). لقد هزني هذا التوقيع حتى لكأنني أسمع صوت أم أبي عبدالله الصغير تندب حضها والزورق الصغير يتهادى بها وبولدها قائلة : ابك مثل النساء ملكا مضاعا # لم تحافظ عليه مثل الرجال !! استلال هذه الصفحة الساخنة بالذات من التاريخ يجعلنا نمسك بطرف الخيط .. أختنا سمية .. شكرا لك ولموضوعك القيم في عين أمطار الصيف .. |
جزاك الله خيرا .
|
أقف مدهوشاً أمام هذا الإبداع وهذا السياق التأريخي .. عقد جميل .. وعبارات متناسقة .. وكلمات مؤثرة .. ووصف للحال والواقع المرير .. وتقريرٌ للسنن الربانية.. فلا فظ فوكِ أيتها الأخت المباركة ولا شلت يمينك .. ونرجو أن تتحفينا بالمزيد من اللالئ الحسان .. كما لايفوتني أن أشكر من ثبت الموضوع فجزاهـ الله خيراً |
خرج ابن أم مكتوم في أحد معارك المسلمين وهو ممسك الراية السوداء فقيل له ألم يعذرك الله عن الخروج للجهاد فقال نعم , ولكن لكي أكثر سواء المسلمين !! بهذه الهمم ترجع الأمة لعزها و مجدها أخوكم الجنــ( أبو خالد )ــرال |
اقتباس:
أهلاً وسهلاً بكَ أخي أبا نايف ... مرورك أ سعدني ولك كل الشكر , |
اقتباس:
أخي النهيم .. لا أدري لمَ هذه القصيدة تحديداً تأخذني لعالمٍ آخر ... رحم الله ذلك الشاعر , وهل ترى الشعراء عندنا ملوا من كثرة الخطوب حتى باتوا لاينظمون مايذكي الحماس ويدعوا للجهاد !؟ شكراً لمشاركتك الثريّة , |
اقتباس:
أخي كرمع .. هذا التوقيع سيكون بلا شك في داخل أوراقك التي تعلو سطح مكتبتك حتى إذاما اشتعل الرأس شيباً ودخل أبناؤك أو أحفادك مكتبتك وراحوا يعبثون بأوراقك وكتبك رحت تحمل (عصا ) رقيقة وتزجرهم وتأمرهم أن أخرجوا من صومعتي ففيها أوراق وذكريات بذلتُ فيها النفيس كي ألتقطها من الواقع لأكون ( شاهداً على العصر ) ... شكراً لمرورك من هنا .... |
سأدعها ذكريات لأولادي أستاذة سمية بل للتاريخ إن كان يحب ذلك اقتباس:
|
اقتباس:
بارك الله فيك أخي ... وشكراً لمرورك, |
اقتباس:
أخي راعي بريدة ... كل ماقلته يزيد من سروري وهوشرف لي أن ينال إعجاب كاتبٍ متميّز مثلك ... وأشكرك على ثنائك وأطالبك بما طالبتني به أن لاتفتر يمينك عن كتابة ماتسعدنا به .... شكراً لك ! |
اقتباس:
شكراً لك أخي الجنرال تعقيبك الطيب . |
اقتباس:
أكتب أبافارسٍ فتأريخك سيكون يوماً نبراساً لأبنائك في زمنن قلت فيه الحقيقة أو أُخفيت بين سطور التحريف والتغيير ... ولعل تأريخك يسطر أنه خرج في تلك الأيام ابن خفاجة من بين ركام الصمت .... شكراً لك ! |
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين
|
شكرا سمية والحمدالله على سلامتك ولاتنبتين إلا وقت الجراح عيشي حياتك طبيعية وستعطين أكثر من ماتظنين جربي وشكرا لك .
|
لا حول ولا قوة إلا بالله ...
كنت كثيراً ما أردد : التاريخ لا يغفل ولا ينسى ولا يرحم .. فما موقف أصحاب الكروش .. الخانعين على العروش .. المستميتين في الحفاظ عليها ولو ضاع ما ضاع .. من تراث الأمة .. ذلك التراث الذي توفر للأمة وكان ثمنه دماء الشهداء .. وجهاد الأولياء .. وتضحيات المخلصين الأوفياء .. الذي مضت الأمة في جمعه وإنجازه أربعة عشر قرناً من الصمود والجهاد .. ثم يأتي أصحاب الكروش .. وعباد القروش .. يضيعونه في سبيل تحقيق الشهوات والملذات .. من هذه الدنيا الرخيصة .. انتبهوا جيدا!! فعيون التأريخ مفتوحة .. وأقلامه سيالة .. وصفحاته وفيرة .. ولكن اطمئنوا !! فسيكتب جميع جرائمكم .. بمداد من دم .. وستكون لغته الصدق والبيان .. تلك الفضيحة التي لا تحبون .. ألم يأتي على من قبلكم عشرات .. بل مئات السنين .. وما زال التـأريخ يذكرهم ويكتب عنهم .. فلقد دخلوه من أقذر أبوابه .. وما زال قراء التأريخ والسامعين به يلعنون أولئك الأشخاص .. ولا تسمع عنهم إلا الذم والشتم .. وذلك في أحسن الأحوال .. إن القارئ للتأريخ يخاف ويحذر .. فلقد عرف عن التأريخ دقته وصدقه .. وأن هذه الجرائم الفضيعة لا تخرج حقيقتها إلا بعد فترة – قد تكون قصيرة - .. وكم سمعنا عن جرائم مخيفة أرتكبها بعض الحمقاء السفهاء .. فتلكم الناس عنهم في المجالس .. ومما زالوا في عداد الأحياء !! والله المستعان . فانتبهوا لأنفسكم من التأريخ .. فهو لا يغفل ولا ينسى ولا يرحم .. وإن غفل فهو من الإمهال لكم .. لتكشف له أثوابكم .. وتفضح له عوراتكم .. ويكتبها للناس .. والله المستعان .. الحديث ذو شجون .. ولو كتبت هنا لأطلت .. سلامي عليكم ورحمة الله ,, |
اللهم انصر أهل عزة ....
|
حقاً التاريخ لا ينسى .. والتاريخ يعيد نفسه .. وو .. فيه المواعظ والعبر ..! موضوع رائع بحق وقد أتى بوقته .. اشكرك أيتها الفاضلة .. |
.
. عَودَاً حَميداً لِِحُروفٍ تَشفي الغَليل تَمَنَّيتُ أنَّ مَا قَرَأتُ لَم تَكُنْ حُروفَاً مَاضيَةٍ ، مِنْ زَمَنٍ وَأنَا أنَتَظِرُ جَديدَكُم جَزَاكِ اللهِ خَيرَاً أيَّتُهَا الكَريمَة . . |
هنيئا لهذا المنتدى ب أخت الرجال
والله ان هذا المقال من اجمل ما قرأت ورغم علمي المتواضع أبدعتي يا أختاه نعم قد ابدعتي بكلماتك ... ولكن مع الأسف لا يوجد اي رد أو تعليق موضوعي (مجاملات ) من أي عضو !!! ربما لأنك أقتربتي من الخطوط الحمراء الا تعلمين اننا من جماعة ( خلونا نترزق الله ) الا تعلمين اننا ما نزال في عصر النفاق العربي .. ذكرتني ردود البعض بعبارة ( يسلمو ) ختاما وردا على موضوعك اقول ما قاله ابو مصعب الزرقاوي رحمة الله : (إن الدين لا يقوم إلا على أولي العزمات من الرجال ، ولا يقوم أبدا على أكتاف المترخصين والمترفين ، وحاشاه أن يقوم على أكتافهم ،فالدين العظيم لا يقوم إلا اكتاف العظماء من الرجال) |
الساعة الآن +4: 12:30 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.