بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   شروط المتصدي للدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=20617)

ناصرالكاتب 20-02-2003 09:55 PM

شروط المتصدي للدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
 
http://www.almeshkat.net/vb/images/bism.gif


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأعمال الواجبة الفاضلة بل هو من أوجب الأعمال وأفضلها وأحسنها ، والله تعالى خلقنا لعبادته وطاعته ليبلونا أينا أحسن عملاً كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك: من الآية2]. وحدُّ العمل الصالح الحسن المقبول عند الله ما كان خالصاً صواباً ، كما قال الفضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه ، فإن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون ( خالصاً صواباً ) ، والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة.

وإذا كان حدُّ العمل الصالح ما اجتمع فيه هذين الأمرين العظيمين ؛ أحدهما: أن يراد به وجه الله. والثاني: أن يكون موافقاً لشرع الله ، فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعي إلى الله يجب أن يتوفر في عمله هذين الأمرين ، ( الإخلاص ) و ( صلاح العمل ) ، ولا يكون عمله صالحاً حتى توجد فيه الشروط التالية:
العلم والفقه قبل الأمر والنهي ، فإن فقد العلم حلَّ محله الجهل والضلال واتباع الهوى ، وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: « العلم إمام العمل وتابعه » وقال عمر بن عبد العزيز: « من عبد الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح » وبالعلم والفقه يحصل الفرق بين أهل الجاهلية وأهل الإسلام ، والعلم في هذا المقام لابد منه ويكون في ثلاثة أمور:

أحدها: العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما.
ثانيهما: العلم بحال المأمور وبحال المنهي.
ثالثهما: العلم بإتيانه بالأمر والنهي بالصراط المستقيم الذي هو أقرب الطرق إلى حصول المقصود، وهو الصلاح ولهذا قيل: « ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر ».


الرفق مع الأمر والنهي ، فإن الاستجابة والانقياد والإذعان من المأمور والمنهي لا تكاد تتخلف إذا قارن الرفقُ الأمرَ والنهيَ والدعوةَ إلى اللهِ ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إنَّ الله رفيق يحبُّ الرفق في الأمر كله ، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف » [رواه مسلم،عن عائشة]. وقال في حديث آخر: « ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه ، ولا كان العنف في شيءٍ إلا شانه ». [رواه مسلم،عن عائشة].

الحلم والصبر على الأذى بعد الأمر والنهي ، فإنَّ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعية إلى الله لابد أن يحصل له أذى ، فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح ، ولهذا أمر الله الرسل ـ وهم أئمة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ـ بالصبر ، كما قال تعالى لخاتم الرسل: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: من الآية35].
بل الأمر بالصبر مقرون بتبليغ الرسالة حيث افتتح الله آيات الإرسال إلى الخلق بالأمر بالنذارة ، ونفس الإنذار أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، وختمها بالأمر بالصبر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِر ْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ، وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ، وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر:1-7]. فدلَّ ذلك أن الصبر يجب بعد الأمر والنهي ، وفي وصية لقمان لابنه الأمر بالصبر في قوله تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان:17]. وقد أمر الله بالصبر في آيات كثيرة كقولِهِ تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا }[الطور: من الآية48]. وقولِهِ: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} [المزمل:10]. وقولِهِ: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ}[القلم: من الآية48]. وقولِهِ: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّه} [النحل:127 ]. وقولِهِ: {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود:115].

فهذه الأمور الثلاثة لابد منها لكل داعٍ إلى الله وآمرٍ بالمعروف وناهٍ عن المنكر: العلم ، والرفق ، والصبر. وجاء الأثرُ عن بعض السلف: « لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهاً فيما يأمر به ، فقيهاً فيما ينهى عنه ، رفيقاً فيما يأمر به ، رفيقاً فيما ينهى عنه ، حليماً فيما يأمر به ، حليماً فيما ينهى عنه ».

المصدر: كتاب: ( القول البيّن الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) للشيخ: عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.


الساعة الآن +4: 06:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.