بسم الله الرحمن الرحيم

" نعم أنا مقصر لثوبي و مطول لحيتي لكني منيب مطوع " قالها متألماً ضائق بها فاعترضت عليه فقال :

أيا صاحبي :

ألستَ تتجنب الغيبة لأن الله حرمها و تقيم الصلاة لأن الله أمرك بها رغم أنك تحلق لحيتك والواجب عليك إعفاءها وتطيل ثوبك و الأولى تقصيره ومع ذلك لم يقال لك مطوع أو ملتزم ؟!

فلمّا تركتُ حلق لحيتي لأن الله حرم علي حلقها كما حرم علي الغيبة و رفعت ثوبي استجابة لأمره كما أمرني سبحانه بحسن الخلق أصبحت أنا ( المطوع ) النقي الطاهر وأنت الفاجر المنحرف , إعلم يا صاحبي أني لم أذكر ذلك تهوينا لأمر إعفاء اللحية و تقصير الثوب و أعوذ بالله من ذلك لكن لأذكرك أني مقياسك مختل و حكمك متسرع .

ستقول لي : نحن ليس لنا إلا الظاهر و الله أعلم بالمخبر .

نعم صدقت فليس لك إلا الظاهر لكن لِم حصرت الظاهر على اللحية و الثوب ؟!

نعم هما جزء من الظاهر لك و لكن هل نظرت لصلاتي و خُلقي مع الناس و أهلي , أليس الخلق و الصلاة من الأمور الظاهرة ؟! , فلما حصرتها في اللحية و الثوب , فأنا بشر مثلك تمر بي حالات ضعف فأرتكب حراماً و أعصي ربي جهلاً مني فيوفقني فاستغفره و تمر بي حالات غضب و ضيق و كرب و يقل صبري فتسوء أخلاقي ـ و لست أبرر لنفسي ـ لكن اهتم بالمسلمين كما تهتم أنت و أحب أن أقوم بما أمرني الله كما تحب, وحتى ـ لا قدر الله ـ حلقت لحيتي فهذا لن يعفيني مما أوجب الله علي فعله و حرم علي تركه وأتحمل إثم حلق لحيتي كما تتحمل أنت ذلك , فتوقف رحمك الله عن بث التزكيات بقولك ( مطوع ) من غير أن تعلم أمستحق لها أم لا ؟

هناك من ابتلي بحلق لحيته و لكن لو رأيته وتتبعت خبره في جانب الواجبات و النوافل لوجدته أفضل من مئة أمثالي , ولكنه لأنه حلق لحيته ( و هو آثم في ذلك ) و أطلت أنا لحيتي بينما تجدني لا آتي إلا في آخر الصلوات المفروضة مجاف للنوافل , أصبحت أنا المطوع و هو المنحرف ؟! , كف عن تبرير عجزك و اعلم أننا في الإسلام سواء و الأقرب لله الأتقى و كلنا بشر يعترينا الخطأ و الزلل جهلا و ضعف إيمان و نحن مأمرون بالإستغفار و التوبة , فأحسن الظن بكل مسلم و حين يمر بك موقف فترى ( مطوع ) يغتاب أو يسرق فاعلم أنه بشر مثلك و عليك الإنكار عليه و ألق باللائمة على نفسك و مقياسك الذي حكمت به عليه.

:)
:)

الأخ الكريم دفا /
نعم ذلك هو المعيار الذي نقيس عليه وهو الإتباع و هو الظاهر لنا أما الإخلاص فأمره إلى الله , أما قولك أن متبع السنة أقرب للقلب فهذا صحيح فكلنا كذلك , و إنما الحديث هنا عن المعيار الذي نحكم به و نزكي به الآخرين , فالمطوع أو الملتزم في نظر كثير من الناس يمثل الدين فلذلك يعظم منه الخطأ عندهم , لذلك تزكية الأشخاص ووصفهم بالمطوع بحاجة لترو أكثر .
شكراً لك


الأخ الكريم لسان مواطن /
أياً كان الصفة التي تطلقها عليه , يجب أن يكون معيارك دقيقاً و متوزاناً في حكمك على هذا الرجل
أما من ناحية المصطلح فالأحب عندي و الأفضل أن يطلق عليه ـ كما قال ابن عثيمين رحمه الله ـ ( مستقيم )

شكراً لك

الأخ الكريم لسان مواطن /
مرحباً بك مرة أخرى , في الرد لم أخطئك ثم عذراً ربما خفي علي قليلاً ما تقصد
نتفق إذا أردنا تفسير المعنى لغة لكن في عرف الناس ( مطوع ) يختلف تفسيرها وحينما نبحث في العمق نرى المشكلة أصلا في اختلال الميزان .

أشكرك كثيراً

الأخ الكريم فكر /
صحيح ربما قل عن السابق لكنه ما زال موجود في مكنون النفوس , و ربما تجد ذلك كردة فعل على بعض القضايا التي ظهرت مؤخراً .

شكراً جزيلاً

الأخت الكريمة شهر زاد /
نعم فله سبحانه الحمد و الشكر و نسأله الثبات عليه حتى نلقاه
صدقتِ فالمسميات ليس فيها محذوراً شرعياً و لا ترفع من درجة صاحبه و لا تنزله في ميزان الإسلام , أما في ميزان بعض الناس فهي تعطي انطباع آخر يرى فيه تصرفات الإنسان من خلاله وينطلق في الحكم منه , يرى هذا الشخص يمثل الإسلام وكأنه هو لا يمثله , يراها كأنها حجة لقول ما يريد و فعل ما يريد وحين تصدر من إنسان سيماه كذا و كذا يستنكر منه ذلك و كأن الإسلام محصور على ذلك الشخص دونه هو , فيعظم منه الخطأ ويستصغره من غيره .

ولو كانت نظرتُ هؤلاء كما تنظرين إليها أختي الكريمة لكان ذلك رائعاً و لأدرك الناس مسؤوليتهم تجاه أنفسهم و دينهم , تأملي فيمن حولك من الناس و أرعي إليه وتأملي أيضاً في القضايا التي يضبط بها من يتصف بهذه الصفات , حينها ستشعرين بذلك .

وفيك بارك و زادك , شكراً جزيلاً لك

أخي الكريم أوكسجين /
جميل جداً , و لذلك من أراد أن يقوّم شخصاً ما لا ينظر للحية و تقصير الثوب فقط بل ينظر لصلاته و أخلاقه ودينه , و لو نظرت أخي الكريم في صفات الزوج التي ذكرها الرسول صلى الله عليه و سلم في الزواج في قوله ( إذا أتاكُم من ترضَوْنَ دينَهُ وخلُقَهُ فزوِّجوهُ إلَّا تفعلوهُ تكنْ فِتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ ) وهل دين الشخص يقتصر فقط على اللحية و الثوب مع أهميتهما وهما جزء من دين الشخص و ظاهره .

جميل جداً هذا الإتزان في الحكم ولم تعمم حين رأيت خلق ذاك الرجل على رغم أنك وقعت في الخطأ أيضاً حين أذنت له بالغيبة بمجلسك , و كما قيل من يغتاب الناس أمامك لا تأمن أن يغتابك أيضاً .

شكراً جزيلاً لك