أبوس
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
حديثٌ حسنٌ مأنوسٌ ، والحاجةُ إليه ماسَّةٌ ؛ فقد ترى الأولينَ لهم من أنفسِهم نقدَةٌ عارفونَ ، يتلمّسون جوانبَ مجتمعاتِهم ، ويدركونَ محاسنَهم ، ولا يُفيتون مساوئَهم ؛ فألفوا في ( البخلاء ) ، و ( الحمقى والمغفلين ) ، و ( الأذكياء ) ، و ( الكرماء والأجواد ) ، و ( الحُفّاظ ) ، و ( الظرفاء ) .... إلخ
وتعجبُ كما تشاءُ حينَ ترَى مجتمعَنا معَ ما انتهَى إليهِ من تقدّمٍ ، وما أصابَ من رِفعةٍ ، وعلمٍ غَمرٍ = تجدُ بينَ كُتّابِهِ وأحوالِ عصرِهم حجابًا مضروبًا يحولُ بينَهم وبينَ معرفةِ بواطنهِ ، ودخائلِه ، والكشفِ عن مطاويهِ ؛ فهل رأيتَ مؤلّفًا أدبيًّا في أذكياء هذا العصر ، أو زُهّاده ، أو حُفّاظه ، أو ظُرفائه ، أو كُرمائِه ، أو (( بخلائه )) ؟!
إنك لن تجدَ ، ولو فَتشتَ .
وقد يجوزُ أن تجدَ ما سماهُ صاحبُه اسمًا من هذا القبيلِ ؛ ولكنه خِلوٌ من رُوحِ الأدبِ ، وجمالِ الأسلوبِ ، ولَطافةِ العَرضِ ، وسلامةِ اللغةِ .
- أما حديثُ الكرمِ ، والبخلِ ، فحديثٌ طَويلٌ ؛ غيرَ أنّ مما يُستحبّ الإبداءُ عنه أنّ كلَّ امرئ يُحبّ أن يدعى كريمًا ، ويأنفُ أن يُنسبَ إلى البُخلِ ؛ ولكنّ الناسَ في ذلكَ على فريقينِ ؛ ففريقٌ الكرمُ طبعٌ فيه ؛ يرتاحُ إليهِ ، وتهواه نفسُه . وفريقٌ آخرُ يتكلّف الكرمَ تكلُّفًا ، ويحملُ نفسَه عليهِ كرهًا ؛ فلا يلبثُ أن يستبينَ للناسِ ما يجتهدُ في طَيّه وإخفائِه ، إما في فلَتاتِ لسانِه ، وإما في تعابيرِ وجهِهِ ، وإمّا في نسيانِهِ أشياءَ من الكرمِ لا ينساها صادقُ الطبعِ !
- ومن شرّ البخلِ البخلُ بالسلام ، ولينِ الكلام ، وطلاقةِ الوجهِ ، وسَماحةِ المحادَثةِ ، والتهنئةِ ، والتعزيةِ . ومَن بخلَ بشيءٍ من هذا ، فهو أبخلُ الناسِ ، وأخبثُهم طبعًا ، وأصرحُهم لؤمًا ؛ إذ هذه الأمورُ مما لا تُكلّفُ صاحبَها مالاً ، ولا تُشرفُ به على فقرٍ ، ولا تُسأله جهدًا ولا نصبًا .
- أحدُهم زرتُه في بيتِهِ ؛ فبعدَ لأي قَدّم الشايَ وحدَهُ ، ووضعَه بينَ أيدينا ، ثم أخذتنا الأحاديثُ ، وخرجتُ ولم أشربْ شيئًا !
- وآخرُ من الأصحابِ على قربِ ما بيني وبينَهُ يبخلُ عليّ أن يدعوني إلى بيتِهِ ولو بالكلامِ ، معَ أنّ هذا لا يَنقصُ من مالِه شيئًا ؛ ولكنّه الطبعُ !
وأنا لا أحتاجُ إلى أكلٍ ، ولا شَربٍ ؛ ولكني أكرهُ أن يبلغَ بالنفوسِ اللؤمُ هذا المبلغَ .
هذا ، وهو يحضرُ إلى بيتي ما لا أحصي .
- ومن البخلِ البخلُ بشكرِ الكاتبِ إذا أحسنَ ؛ ولذا أشكرُ للفاضلِ / تأبط رأيًا كلَّ الشكرِ ، وحديثُه هذا بحقّ حديثٌ رائقٌ مهِمّ .
- أخي ، تأبط رأيًا ،
ما رأيك أن تؤلف كتابًا في بخلاء هذا العصر ؟ فقد اختلط الحابلُ بالنابل ، والتبسَ على كثير من الناس معرفةُ فرقِ ما بين البخل ، والكرم ، وما هو حقّ ، وما هو متكلَّفٌ مكروهٌ ! |
|
 |
|
 |
|
أخي الكريم :
أهلا بك ، سررت بتعليقك الذي ترك في أوارا لن ينطفئ .
البخيل بعيد عن الله بعيد عباده ويكفي فيه قوله تعالى :
( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )
ذكرت أن كتاب هذا العصر لم يؤلفوا في هذه الجوانب وصدقت وكأنها من سقط المتاع .
ولكنك رشحت العبد الضعيف ان يؤلف في ذلك وما أصبت ، فليس كل ما يلمع ذهب ، وفي المثل المحدث :
وما كل من طبّ المدارس أستاذ .