مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 15-12-2006, 12:25 PM   #12
ابن الجهم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 5
نقاش على صفيح ساخن



http://www.ecoworld-mag.com/Detail.a...sItemID=207305

[align=justify]نقاش على صفيح ساخن العصبية القبلية من المنظور الإسلامي

العصبية القبلية من المنظور الإسلامي.. كتاب جديد صدر في العاصمة السعودية الرياض للدكتور خالد عبدالرحمن الجريسي. والكتاب جديد في موضوعه وفي جرأته وعدم تقبل الكثيرين له، فنحن أمة تؤثر فينا تقاليدنا وموروثاتنا الاجتماعية وأعرافنا، تأثيراً كبيراً؛ حسنها وسيئها. فقد ورثنا، إلى جانب المروءة والشجاعة والكرم، العصبية القبلية؛ التي تكاد تعصف بكل موروثاتنا الحميدة الأخرى.

وهي، في الواقع، ربما لم تعد عصبية بالمعنى الذي كان سائداً قبل توحيد الجزيرة، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود، يرحمه الله، بل أضحت تصنيفاً إجتماعياً قاسياً يؤخذ به أكثر من العدالة الاجتماعية الإسلامية؛ في الزواج والعمل والتعليم، بل وحتى في التعامل اليومي بين أفراد المجتمع.

وبعد أن ودعنا زمان الاقتتال والحروب بين قبائل يجمع بينها بلد واحد ودين واحد ولغة واحدة، إذ بنا ننقل المعركة إلى ميدان آخر، وهو ميدان الحياة الاجتماعية؛ فهذا قبيلي، وذاك خضيري، والثالث لا هذا ولا ذاك، وكأن الله سبحانه وتعالى قد أعطانا الحق في تقسيم الناس تقسيماً لم يقره هو سبحانه، ولم يسنه لنا النبي المصطفى سيدنا محمد ، وأصبحت لنا شريعة أخرى غير شريعة الله، وبتنا نخش الناس والمجتمع أكثر من خشيتنا لله.

والآيات والأحاديث في هذا الشأن كثيرة، وصيغ الأمر والنهي فيها واضحة. ولم يأل الكاتب جهداً في تدعيم بحثه بها؛ فالله سبحانه يقول خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً (النساء - آية 1)، وفي هذا تأكيد على مساواة الخلق جميعهم؛ عربيهم وأعجميهم، ثم جاء التفضيل بعد ذلك بالتقوى، وليس بالنسب أو الجاه أو المال؛ إن أكرمكم عند الله أتقاكم (الحجرات - آية 13). وفي الحديث الشريف أيضاً "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه، فأنكحوه"، وجاء التوجيه بصيغة الأمر، وليس التفضيل أو الندب أو الجواز.

ولما كانت الأسرة هي الأساس الذي يقوم عليه المجتمع المسلم، فقد خصها الرسول المصطفى سيدنا محمد بكثير من التوجيهات والأوامر، في بنائها واختيار طرفيها، وتنشئة أفرادها، على الخلق الإسلامي القويم.

واقتران العصبية القبلية بالجاهلية كاف لنبذ الناس لها، ولكنها لا تزال فيهم تصديقاً للحديث الشريف؛ "ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يتركهن أهل الإسلام..." وذكر منها "دعوى الجاهلية يا آل فلان، يا آل فلان". ومما ورد أيضاً في الحديث أن أبا ذر دعا بلالاً "يا ابن السوداء"، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، زجره قائلاً "إنك امرؤٌ فيك جاهلية"، فما كان من أبي ذر إلا أن وضع خده على الأرض، وسأل بلالاً أن يطأه بقدمه تكفيراً لذنبه

فكيف بنا ونحن يحقر بعضنا بعضاً كل يوم بسبب اللون، ونقلل من شأن بعضنا كل يوم بسبب العرق، ونمارس المحسوبية لأن هذا من شيعتنا وذاك ليس من شيعتنا، فتتأخر البلاد، وينقم على بعضهم العباد.

وما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من آيات وأحاديث شريفة كثير ومستفيض كما ذكرنا؛ لأن العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس هي إحدى الأسس التي قامت عليها الدعوة الإسلامية؛ فقد ساوى الرسول المصطفى سيدنا محمد بين عبيد مكة وأشرافها، وأغنيائها وفقرائها، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وبين العرب ومواليهم؛ من الأحباش والفرس والروم، ودروس السيرة النبوية في ذلك كثيرة. ويكفي حديث "سلمان منا أهل البيت".

الهدف من الكتاب

وعن سبب طرحه هذا الموضوع الحساس، يقول د. خالد الجريسي؛ "غيرة مني على مجتمعاتنا الإسلامية، التي أفرز التعصب القبلي في بعضها كثيراً من الأمراض والعلل، من فرقة وتنافر وعنوسة، ومن ثم "فتنة وفساداً"... إلخ، ورغبة في إزالة العلل وإصلاح الزلل وسد الخلل ولم الشمل ودرء الفتنة، قدر الطاقة، فقد دونت هذه الوريقات؛ لعل الله تعالى أن ينفع بها من تبلغه من إخواني المسلمين".

أقسام الكتاب

قسم المؤلف كتابه إلى مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة. وعرض في المقدمة "دعوة الإسلام إلى الاعتصام بحبل الله" والتوحد والاجتماع على الخير، وأن معيار العقيدة هو المعيار الأساس للعلاقة الإنسانية.

وركز الفصل الأول على توضيح مفهوم العصبية القبلية ومظاهرها في الجاهلية، وفي الفصل الثاني تم بيان مظاهر العصبية القبلية المعاصرة. أما الفصل الثالث فقد تناول معالجة الإسلام للعصبيات، والمبادئ التي رسَّخها في نفوس المسلمين في هذا الصدد. وقد تضمنت الخاتمة أهم النتائج التي توصل إليها المؤلف والتوصيات.


العصبية القبلية في العصر الجاهلي

في الفصل الأول بدأ المؤلف بتعريف مفهوم العصبية لغة واصطلاحاً، ثم عرج على توضيح مفهوم القبلية، مشيراً إلى أنه كان مفهوماً واسعاً في الجاهلية ثم هذبه الإسلام فأقر بعضه ونهى عن بعضه.

وقال الدكتور الجريسي؛ إن من صور النظام الاجتماعي في العهد الجاهلي؛ المستعربون الذين دخلوا الجزيرة العربية وخالطوا أهلها فصاروا من العرب وهم ليسوا بعرب خُلَّص، والحلفاء الذين كانوا يحالفون قبيلة من القبائل فيصيرون منهم، والموالي الذين طالهم السبي لأي سبب، والتبني الذي كان شائعاً في الجاهلية.

وعندما جاء الإسلام أقر صوراً ورفض أخرى مثل التبني الذي أبطله الشرع تماماً. ثم تناول بالشرح أنواع العصبيات ومظاهر العصبية القبلية في العصر الجاهلي من فخر بالأنساب وطبقية وأخذ بالثأر وحروب وغير ذلك كثير. وبين المؤلف حكم الإسلام في كل ذلك وأثره في إحداث "ثورة إصلاح" في هذا النظام الذي كان سائداً.

مظاهر العصبية القبلية المعاصرة

يقول المؤلف في الفصل الثاني؛ "ليس من المعيب أن يحفظ الإنسان نسبه وحسبه، لكن الزلل يكمن في أن يعتقد أن ذلك هو معيار التفاضل بين البشر، أو أن يتخذ ذلك سبباً للتعالي والتكبر على الآخرين، أو التفريق بين عباد الله المسلمين، وتصنيفهم إلى طبقات وفئات تفصل بينهم حواجز النسب وعوازل الحسب، فإن كان ليس محموداً للإنسان أن يفخر على غيره بما كان من كسب يده، فما بالك بما ليس من كسبه، وما لا جهد له فيه؟

إن معرفة الشخص لنسبه نعمة خالصة من الله؛ فهو سبحانه شاء لك أن تولد إبن فلان الفلاني، ولو شاء سبحانه وتعالى أن تولد من غير ذلك النسب لنفذت مشيئته، إذا فالنسب نعمة تستحق الشكر لا الفخر".

ولنا في رسول الله أسوة حسنة، حيث قال؛ "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ، آدم فمن سواه، إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر"، وقد بين القرآن الكريم الحكمة من جعل الناس شعوباً وقبائل، فقال تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (الحجرات - آية 13)، فالله سبحانه وتعالى يقول لتعارفوا وليس لتفاخروا وتعاظموا. فليس عيباً أن يعرف الناس أنسابهم؛ حتى يتحقق التعارف بينهم؛ شعوبهم وقبائلهم، ولكن العيب أن يكون ذلك مدعاة للتعاظم والتعالي على غيرهم.

فما بال أقوام ينحون هذا المنحى، ويدعون بهذه الدعوى، والله سبحانه وتعالى قد وضع الميزان القسط لذلك إن أكرمكم عند الله أتقاكم.

صور الطبقية في اليمن ونجد

ينقسم المجتمع في أنحاء كثيرة من الجزيرة العربية إلى فئات وطبقات، وهذا التصنيف الاجتماعي للناس في كل مجتمع منها إنما هو من موروثات عصور الظلام والتخلف الاجتماعي والتربوي الذي ورثه الأبناء عن الآباء والأجداد.

ولتوضيح ذلك، ألقى الدكتور الجريسي الضوء على مثالين للطبقية من مجتمعين مختلفين؛ أحدهما من مجتمع "اليمن"، والآخر من مجتمع "نجد"، ولا يعني الاكتفاء بهذين المثالين عدم وجود الطبقية في بقية أنحاء الجزيرة العربية وخارجها أو ضعف تمكنها، وإنما اقتصر عليهما؛ لأنه لاحظ من واقع بحثه أنهما من أكثر المجتمعات العربية تمسكاً بالعادات والأعراف القبلية، وبالتالي اتخذهما مثلين واضحين، في نظره، يغني عن تناول كثير من المجتمعات العربية، لأن التقاليد القبلية متشابهة.

أولاً مثال واقع للطبقية في اليمن

إن انقسام المجتمع، أياً كان، إلى طوائف وطبقات اجتماعية، مرتبة في تدرج معين؛ هو ظاهرة اجتماعية شغلت الكثير من المفكرين والدارسين عبر العصور. ودراسة هذه الظاهرة تعد من أكثر الدراسات إثارة للجدل والخلاف.

وقد أخذ بعض المفكرين والباحثين في دراسة هذه الظاهرة الواضحة في المجتمع اليمني؛ من حيث نشأتها وأسبابها وتطورها وسبل معالجتها؛ فقد أشارت دراسات سابقة في هذا المجال إلى وجود ظاهرة الطبقية الناتجة عن سيادة النظام القبلي منذ القدم، قبل الإسلام، منذ عصور الحضارات اليمنية السالفة (معين، وسبأ، وحمير)؛ حيث كانت الأمة مؤلفة من طبقات عدة تتمثل فيما يلي الحكام والأشراف والكهان والعلماء والمشايخ وهذه الطبقة يعود إليها أمر التشاور، والإشراف على سير الأعمال، وسن التشريعات في السلم والحرب.

حملة السلاح وهؤلاء يحمون البلاد ويحفظون الأمن ويحرسون القوافل، ومنهم تتكون حاشية الملك وأعوانه وحراسه.

الزراع وهؤلاء عليهم فلاحة الأرض وزراعتها، وحفر الترع وإقامة السدود لحفظ السيول، ثم توزيعها على المزارع والحقول.

التجار وأهل الحرف ومن يلحق بهم كالعمال.

ثانياً مثال واقع للطبقية في نجد

حسب الأعراف والعادات القبلية؛ فإن المجتمع في قلب الجزيرة العربية "منطقة نجد" ينقسم إلى ثلاث فئات رئيسية وهي القبيليون، الخضيريون، والموالي.

القبيليون جمع قبلي؛ وهو من ينتسب إلى قبيلة معينة بصلة نسب صحيحة، أي أن قبيلته وجماعته معروفون، ولا خلاف في انتسابه إليهم.

الخضيريون جمع خضيري؛ وهو من انقطع نسبه عن قبيلته المعروفة لديه، أو جهل أصله تماماً، لسبب أو لآخر، كامتهانه صنعة لم ترض عنها أعراف قبيلته، أو ارتكابه جناية وتخفيه بسبب ذلك، أو زواجه من غير القبيليين، وغير ذلك مما تعارفت عليه القبائل.

وبمراجعة معاجم اللغة من أجل معرفة أصل كلمة "خضيري" ومن أين اشتقت؛ لم نجد فيما اطلعنا عليها منها، معنى في اللغة يقابل كلمة "خضيري" تماماً، وإنما وجدنا ما يؤيد معناها المتعارف عليه عند كثير من الناس في "نجد"، وهو أن الخضيري هو من جهل أصله أو انقطع نسبه عن القبيلة، فقد جاء في لسان العرب، اختضر الشيء قطعه من أصله، واختضر أذنه قطعها من أصلها. وقال صاحب القاموس المحيط؛ اختضر الكلأ جزه، وهو أخضر. واخضر اخضراراً انقطع، كاختضر. وخضر النخل، قطعه.

الموالي وهم من جرى الرق على آبائهم أو أجدادهم ثم نالوا حريتهم عندما أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز، يرحمه الله، أمراً بإلغاء الرق وتحرير العبيد حيث ورد في البيان الوزاري الصادر في 6-11-1962م النص التالي:

"عاشراً ومن المعروف أن موقف الشريعة الإسلامية من الرق يحث على فك الرقاب. ومن المعروف أيضاً أن الرقيق الموجود في العصر الحاضر قد تخلفت فيه كثير من الشروط الشرعية التي أوجبها الإسلام.

وقد واجهت الدولة السعودية منذ تأسيسها مشكلة الرق والرقيق وعملت بجميع الوسائل التدريجية للقضاء عليه، فمنعت أول الأمر استيراده، وفرضت العقوبات على ذلك ثم منعت مؤخراً بيعه أو شراءه، وتجد الحكومة الآن الفرصة مواتية لتعلن إلغاء الرق مطلقاً وتحرير جميع الأرقاء، وستقوم الحكومة بتعويض من يثبت استحقاقه للتعويض".

ولم يترك الملك فيصل، يرحمه الله، المشكلة لإجراءات الروتين، حيث سارع إلى الأمر بإحصاء الرقيق فوراً، ومنحهم الجنسية السعودية وحقوق المواطنة. وقد بلغ ما دفعه ثمناً للعتق 60 مليون ريال سعودي حينذاك، للتعويض على أصحاب الرقيق. وآثر آخرون عتق الأرقاء استجابة للوازع الديني، أو الشعور الإنساني، وبلا تعويض. [/CENTER]
ابن الجهم غير متصل