مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 02-03-2007, 03:08 PM   #75
النادم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 434
كنتُ على سفر ، وهذه عودة أخرى لبيان ما قد يقع في الكلام من تلبيسٍ وخلط .

قولك :
اقتباس
أنا قيدتُ ذلك بالحوار الثنائي – لو تنبهتَ – ..
فما شأن تأليف الكتب ونقل " الفصول " من الكتب ؟؟؟!!!

لاحظ الهروب من الكلام عن المنهج العلمي إلى الإيراد الذي أوردتُهُ .

والاعتذار بأنها جمل عابرة أبرد من أخيه .

قولك :
اقتباس
لم تبين خطأك من نفسك كما تقول , بل بينتـَه بعد أن قلبتُ عليك سؤالك .
وهذا الاستدراك منك ( بعد بياني لك ) يؤكد وقوعك في التناقض من قبل .

فهل فعلتَ مثلي لما بينتُ لك ما فعلتَ ؟

والتناقض أخف مما قمتَ به - في نظري - .

ولو سلمتُ لك بتناقضي ؛ فقد تناقضتُ ، ثم رجعتُ ؛ فكان ماذا ؟!

بالنسبة لحديث الخضاب بالسواد ، فقد نقلتَ عن ابن الجوزي في فهم الحديث ، ولكنك لم تنقل :

1- أن النسائي بوّب عليه بقوله : ( النهي عن الخضاب بالسواد ) ، فذكره أولَ حديث في الباب ،

2- وأن المنذري بوّب عليه في الترغيب والترهيب بقوله : ( الترهيب من خضب اللحية بالسواد ) ،

3- وأن ابن قدامة ذكره دليلَهُ الثاني على كراهة الخضاب بالسواد ،

4- وكذا ابن مفلح في الآداب الشرعية ،

5- وأن ابن حجر قال في الفتح - بعد قوله الذي نقلتَهُ - : "ولهذا اختار النووي أن الصبغ بالسواد يكره كراهية تحريم" ، وعبارة النووي - كما في المجموع - : "وظاهر عباراتهم أنه كراهة تنزيه ، والصحيح بل الصواب أنه حرام ، وممن صرح بتحريمه صاحب الحاوي في باب الصلاة بالنجاسة ، قال : إلا أن يكون في الجهاد" ، ثم قال : "ودليل تحريمه ..." فذكر حديثًا في مسلم ، ثم ذكر هذا الحديث .

6- وأن ابن حجر الهيتمي قال في الزواجر عن اقتراف الكبائر : "الكبيرة الحادية عشرة بعد المائة : خضب نحو اللحية بالسواد لغير غرض نحو جهاد ، أخرج أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد ، وزعم ضعفه ليس في محله ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ) .
تنبيه - والكلام للهيتمي - : عَدُّ هذا من الكبائر هو ظاهرُ ما في هذا الحديث الصحيح من هذا الوعيد الشديد ، وإن لم أر من عدَّهُ منها" .

7- وأن الشوكاني ذكره في نيل الأوطار ضمن أدلة كراهة الخضاب بالسواد ، بعد أن نقل كلام النووي السابق ،

8- وأن أبا الحسنات اللكنوي الحنفي قال في التعليق الممجد : "وأما الخضاب بالسواد الخالص ؛ فغير جائز ، لما أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم وقال : صحيح الإسناد ، عن ابن عباس مرفوعًا : ( يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام ، لا يريحون رائحة الجنة ) " .

فهل خفي على أحد هؤلاء أن الحديث جاء بصيغة الإخبار ؟!

وهل ترك أحدٌ منهم - وهم كبار فقهاء هذه الأمة ومن كبارهم - الاستدلال به على حكم شرعي ، متعللين بأنه "من أحاديث أشراط الساعة وآخر الزمان" , وأن تلك الأحاديث "وصفية خبرية أكثر منها تشريعية بحد ذاتها" ؟!

وإذا قلتَ : إنهم لم يستدلوا به وحدَهُ ، بل به وبغيره ، فليس حكمهم من أجله ، بل هو دليلٌ ضمن أدلة .
فالجواب :

- أن النسائي قدّمه على غيره ، والمنذريَّ لم يذكر إلا هو في الباب الذي بوّبه ، وابن حجر الهيتمي اعتمدَهُ وحده ليس على تحريم الخضاب بالسواد فحسب ، بل على عدِّهِ من الكبائر ، رغم أنه لم يسبقه أحدٌ إلى ذلك - كما قال هو - ،

- وأنه لو كان ما تقول صوابًا ؛ لما ذكروه أصلاً ضمن أدلة التحريم ، لأنه - على كلامك - مجرد إخبار عما سيكون في آخر الزمان .

- وأن المعازف ليست محرمةً بهذا الحديث وحدَهُ ، ولن أذكر أدلةً أخرى تطيل بنا النقاش .

وابن الجوزي مجتهد ؛ يصيب ويخطئ ، لكن المشكلة في انتقاء قوله من بين أقوال عديدة تخالفه ، وكأنْ لا قول غير قوله في المسألة .

وأما قولك :
اقتباس
الأحكام الشرعية يا أخي لا تؤخذ من الافتراضات والتخيلات !!

فيبدو أنك لم تجد جوابًا ؛ إنْ من عندك ، أو في كتب الجديع = فكتبتَ هذه العبارة .

ولا زالت كتب الأصول مليئة بالاحتمالات والافتراضات ، ولا يبني الأحكامَ من الأدلة إلا من درس كتب الأصول .

على أني لم أفترض شيئًا مستحيلاً ، فجائزٌ جدًّا أن يكون حكمُ مسألةٍ جاء في أحاديث ، ويصل إلينا أحدها ، ويكون هذا الواصل بصيغة الإخبار - أو أشراط الساعة - ، ويُنسخ لفظ بقية الأحاديث ، وبهذا يتحقق المراد بقوله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ؛ وهو إيصال شريعة الله - عز وجل - إلينا .

وأما قولك :
اقتباس
طيب :

بما أنك ترى أن لفظة " يستحلون " في هذا الحديث تدل على تحريم جميع الأمور الأربعة المذكورة كلاً على حدة وتساويها في الحكم .. فهل نفهم من كلامك هذا أن المرأة إذا لبست الحرير تكون قد اقترفت محرماً ؟؟!!

لازم كلامك أن يكون الجواب : نعم !!

وهذا لم يقل به أحد .

فإن قلتَ : إن لبس الحرير جائز للمرأة ( وهو المتفق عليه ) , لزمك أحد أمرين :

إما أن تستثني النساء من حكم " التحريم " الوارد في الحديث ( حسب فهمك ) ..

أو أن تتراجع عن قولك بتساوي هذه الأمور الأربعة في التحريم . وتقول باختلاف حكم كل واحد من هذه الأمور ( أي أن لكل صنف من هذه الأصناف حكم خاص به إذا افترق عن الأصناف الأخرى )

انتبه معي :
الحديث : "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" .

الحديث عام ؛ فيفيد أحكامًا عمومية في كل أمرٍ فيه :

1. الأصل في الحر أنه محرم . ولا يمكن للمرأة أن تستحل الحر ، فخرجت النساء من هذا الأصل ؛ لاستحالة جريانِهِ عليهن .

ولا تقل لي : يحل الحر للرجل بالنكاح ، ففهم العلماء يكاد يطبق على أن المراد هنا : الزنا ، إلا المرعشلي طبعًا !!

2. الأصل في الحرير أنه محرم . وورد في حديثٍ آخر استثناء النساء ، فخُصّت النساء بحكمٍ ، وهو الحلّ ، وبقي الحكم العام ( التحريم ) مستمرًّا فيما عدا النساء - وهم : الرجال - ، وعليه ؛ فتخرج النساء من هذا الأصل .

3. الأصل في الخمر أنه محرم .

4. الأصل في المعازف أنها محرمة . وورد في أحاديث أُخَر استثناء بعض أحوال الدف ، فخُصّت تلك الأحوال بحكمٍ ، وهو الحلّ ، وبقي الحكم العام ( التحريم ) مستمرًّا فيما عدا تلك الأحوال .

وأما قولي سابقًا : بأن الحديث للرجال ، فأعني ما كانت النساء مخصوصاتٍ بحكم منه . وعبارتي كانت عامة ، وكان ينبغي أن أقيدها بهذا .

قولك :
اقتباس
طيب :

هل يشمل هذا الحديث النساءَ ؟؟

إن قلت : نعم , لزمك القول بأنه قد جـُمع في هذا الحديث بين محرم ومباح بالنسبة للنساء ( الخمر والحرير مثلاً )

الأصل في الحديث العموم ، واستُثنيت النساء من عموم تحريم ( الحر ) ، ومن عموم تحريم ( الحرير ) ، فكانت لفظة تحريم الحر والحرير موجهةً للرجال فقط .

ولذا فليس في الحديث جمع بين محرم ومباح بالنسبة للنساء .

اقتباس
وإن قلت : لا , لزمك إباحة المعازف للنساء بل واستثناءهن من الوقوع في الوعيد الذي ورد في الحديث , فتكون العقوبة خاصة بالرجال فقط !!

الحديث لا يشمل النساء فيما استحال شموله إياهنَّ فيه ، وفيما ورد الدليل بعدم ذلك .

قولك :
اقتباس
إذا كنتَ ترى أن الاستحلال يكون للحرير والمعازف بإطلاق كما هو الحال بالنسبة للخمر , فيلزمك القول ببقاء حرمة الحرير والمعازف تماماً كالخمر !!
وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم .

أنا قلت : بإطلاق ، ولم أقل : بالإطلاق ( أي : بدون استثناءات ) .

وأعني بـ "بإطلاق" : بإطلاق الحديث ، يعني : بعمومه الذي لا يُخص منه ما لم يرد فيه دليل .

وأما الحرير للنساء ؛ فحرمته غير باقية للدليل ،

والدفوف في أحوال حلِّها ؛ فحرمتها غير باقية للدليل .


قد قلتُ :
اقتباس
والمرادُ بذكرِ الأمور المُستحلَّة في الحديث : الأصلُ فيها ، لأنه أطلق ، فوجب الرجوع إلى الأصل ؛ لأن الأصل هو المعهود الذي ينصرف إليه الذهن عند إطلاقه .

فقلتَ :
اقتباس
وهل الأصل في لبس الحرير للنساء هو التحريم ؟؟!

وهذا يوضح مدى التخبط الذي لا زلت تتخبطه مذ بدأ الحوار في مسألة الخصوص والعموم .

وسبق بيان أن لا شأن للنساء بهذا الحديث فيما خرجن فيه منه .

ومما تخبطتَ من ذلك فيه شديدًا كذلك ، قولك :
اقتباس
كلامك هذا يـُستدل به عليك بأن الدف ليس من عمل الشيطان بل هو من مداخل الشيطان فقط .. والدليل أن الدف ليس من عمل الشيطان هو عدم وجود حديث نبوي صحيح يشير إلى إن الدف من عمل الشيطان .
بل بالعكس , كثير من الأحاديث النبوية تبيح الدف وتشير في نفس الوقت إلى أنه من مداخل الشيطان , وهذا يؤكد الكراهة على أبعد تقدير ولا يفيد الحرمة , فتأمل .

فبينما كان دليل الإباحة خاصًّا بحالةٍ معيّنةٍ ؛ وسائر الأدلة تدل على عموم التحريم = جاء الشيخ ( المتزن ) فأخذ حكمَ الإباحة ( أو الكراهة ! ) فجعلَهُ في عموم أحوال الضرب بالدف !!

وسبق ويأتي ما يقطع بأن الأصل تحريم الدف ، إلا ما جاء فيه استثناء الإباحة ( وليس الكراهة ، لأن ما حضره النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضيه لا يكون مكروهًا ، وإن كان مدخلاً للشيطان ) .

وقولك :
اقتباس
وجود الشيطان في حالة يكون الحكم فيها الإباحة بصريح السنة الصحيحة , يعني بالتأكيد أن وجوده ( لنفس العلة ) في حالة أخرى لا يدل على التحريم .
بل أقصى ما يمكن أن يقال في الحالات الأخرى هو الكراهة .

هذا استمرار لمسلسل التخبط في مسألة الخصوص والعموم .

فوجود الشيطان في حالة الإباحة يعني أن أصل العمل ليس منه ، بل من إباحة الشارع ، وسيكون حضوره محدودًا بتحيُّن الفرص للانتقال بالعمل من الحلّ إلى الحرمة ( بعبارة أخرى : مدخل له ) ،

وأما وجوده في غير حالة الإباحة ؛ فيفيد أن أصل العمل منه ، لأنه في غير حالة إباحة الشارع ، أي : في حالة تحريمه ؛ فهي معصية ، والمعاصي من الشيطان .

وأما ذكرك لحادثتي عمر - رضي الله عنه - ، ثم قولك :
اقتباس
الإنكار ليس بالضرورة أن يكون معناه التحريم , بل قد يكون معناه الكراهة وقد يكون معناه عدم مناسبة المقام وقد يكون معناه عدم توقع صدوره من مثل هذا الرجل أو ذاك .. فلماذا تحجر واسعاً أخي الفاضل ؟؟؟!!!

فبقية كلامي في ردي السابق تُبيّن قصدي بقولي :
اقتباس
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - على جلالة مكانته وفقهه وعلمه ، هل كان سينكر شيئًا مباحًا ؟!

لكنك هربتَ منه وراوغتَ ؛ فقلت :
اقتباس
أما بقية كلامك عن مسألة الدف والشيطان , ففيه تكلف واضح ولف ودوران في الاحتجاج من أجل القول بأن الدف من عمل الشيطان وبالتالي هو محرم !!

وللتوضيح أقول : إنه لا يصح قياس إنكار عمر في القصة الأولى على إنكار أبي بكر - رضي الله عنهما - هنا ؛ لأنه قياس مع الفارق .

فأما إنكار عمر - رضي الله عنه - في القصتين ، فهو كما يلي :

- فأما في الأولى ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : "دعهم يا عمر" ، ولم يبيِّن له علةً ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر على عمر - رضي الله عنه - إنكارَهُ ، فثبت أن عمر - رضي الله عنه - أنكر أمرًا مباحًا ؛ اجتهادًا منه - إذ له جلالة المكانة والفقه والعلم والورع - ، فلم يوافقه النبي - صلى الله عليه وسلم - على إنكاره ، بل نهاه عنه .

- وفي الثانية قال له : "خلِّ عنه , فلهو أسرع فيهم من نضح النبل" ، فبيّن له علةَ أمرِهِ لَهُ أن يخلّيَ عنه ، وهي أن شِعرَهُ ( بهجاء المشركين ) ( بين يدي رسول الله ) و ( في حرم الله ) أسرع فيهم من نضح النبل .

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أقرّ عمر على إنكاره الشعر بين يدي رسول الله وفي حرم الله ، لكن لما لم يكن إنكارُهُ في محلِّه ، أمره أن يخلي عنه .

وإنكار أبي بكر - رضي الله عنه - قريبٌ من إنكار عمر - رضي الله عنه - في القصة الثانية .

وإنكارهما - رضي الله عنهما - في الثلاث الأحوال كلها = اجتهادٌ منهما ، والمجتهد يبني إنكاره على ما يظهر له من أدلة الشرع ، فإما أن يصيب ، وإما أن يخطئ .

وقد ظهرت إصابة أبي بكر - رضي الله عنه - وعمر - رضي الله عنه - ( في الثانية ) بإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - لهما ، إلا أنه بين لهما أن إنكارهما ذلك يصح أن يكون في غير هذين الموضعين .

وأما اجتهاد عمر - رضي الله عنه - في القصة الأولى فتبيّن أنه اجتهد فأخطأ ، والمجتهد يجوز أن يجتهد فيخطئ ؛ ويجتهد أخرى فيصيب ، ولا يُقاس على خطئِهِ سائرُ أحوال اجتهاده .

ثم أمرٌ آخر زائد في قصة أبي بكر على ما في قصتي عمر - رضي الله عنهما - :

فإنكار أبي بكر - رضي الله عنه - لم يكن مجردًا كإنكار عمر - رضي الله عنه - ، بل كان قال فيه : "أمزمارة الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟!" ، فدلَّ أنه كان مستندًا في إنكاره إلى دليل شرعيٍّ قائمٍ عندَهُ يحكم بأن الدف ( مزمارة الشيطان ) ، ولهذا قلتُ :
اقتباس
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - على جلالة مكانته وفقهه وعلمه ، هل كان سينكر شيئًا مباحًا ؟!

أعني : هل كان على جلالة فقهه وعلمه سينكر شيئًا ؛ ويزيد على إنكاره بوصفه أنه مزمارة الشيطان = وهو شيء مباح أصلاً ؟!!

والمعاني التي ذكرتَها للإنكار قد تتجه في إنكار عمر إنشاد الشعر بين يدي رسول الله وفي حرم الله ، أما وقد وصف أبو بكرٍ الأمرَ المنكَر هنا بمزمارة الشيطان ، فلا شك أن له مستندًا شرعيًّا في إنكاره ؛ هو أن هذا الأمر من أمر الشيطان .

وعودةً إلى قولك :
اقتباس
أما بقية كلامك عن مسألة الدف والشيطان , ففيه تكلف واضح ولف ودوران في الاحتجاج من أجل القول بأن الدف من عمل الشيطان وبالتالي هو محرم !!

فبيّن لي أين التكلف الواضح ، واللف ، والدوران في الاحتجاج ؟!

إنما أطلت وفصّلت لتفهم ويفهم غيرك ، وإلا فبعض العلماء الأئمة الكبار فهم فهمي هذا ، وبيّنه بكُليمات يسيرة ؛ ذلك أنه لا يُتصوَّر المنازعة فيه ؛ لوضوحه !

وقولك :
اقتباس
من أجل القول بأن الدف من عمل الشيطان وبالتالي هو محرم

اتهامٌ بأن الغاية عندي تبرر الوسيلة في أمور الشرع ، سامحك الله .

قولك :
اقتباس
1- من أين أتيتَ لنا بأن الدف من عمل الشيطان وبالتالي هو محرم ؟؟!!

أرجو ألا تذكر لي حديثاً من الأحاديث التي يجيز فيها النبي عليه الصلاة والسلام الدفَّ , لأن هذه الأحاديث أباحت الدف بالرغم من وجود الشيطان فيها ولم تـُشر إلى تحريمه في غير تلك الأحوال .

كما قد يقال لك إن هذه الأحاديث تشير إلى أن الدف من مداخل الشيطان وليس من عمل الشيطان .. فهل عندك نص نبوي يثبت كلامك وينفي كلام من يرد عليك ؟؟!

وماذا عليَّ إذا لم تفهم يا أخ ؟!!
إذا كنتَ لا تستطيع الفهم ؛ فلا تَدَّعِه !

بل هذا عين الهروب عن مقارعة الحجة بالحجة ، فقط ليس عليك إلا أن تقول : أنت تتكلف وتلف وتدور ، وأسقِطْ بذلك كلَّ الحجج والأدلة والاستدلالات ، ثم قل : لا تأتِ لي بها مرةً أخرى !!!

قد بيّنتُ لك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ أبا بكر على إنكارِهِ ووصفِهِ مطلقًا إلا في هذه الحالة - ويُقاس عليها ما شابهها - ، ونقلتُ لك عن ابن رجب وابن حجر فهمهما ذلك - ولا يعني أنه لم يفهمه غيرهما كذلك - ، فهل تريدني أن أترك تلك الأمورَ الواضحةَ كالشمس ، وفهمَ العلماء لها = إلى فهمك للأمور بأنها لف ودوران وما أدري أيش ؟!!

فناقش ما طرحتُهُ مناقشةً علمية ، ولا تتهرب باللف والدوران وغيره .

لكن يبدو - والله أعلم - أنك أُتيت من تجاهل - أو جهل - بمسائل العموم والخصوص ، وأنا لا أدعي الإحاطة بها ، لكنَّ ما بين يدينا منها أساسيات ومبادئ لا تخفى على صغار الطلبة .

قد كنتُ قلتُ :
اقتباس
ما لم يكن فيما أباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهو من عمل الشيطان وتلبيسه وإغرائه وكيده ومكره وصده عن سبيل الله وعن الصلاة .

فقلتَ :
اقتباس
فما هو دليلك النقلي على ما تقول ؟؟!!

إذ أن سماع النبي للدف وأمره به في حالات معينة , لا يعني أن يكون الدف محرماً فيما عدا تلك الحالات إلا بدليل آخر يدل على التحريم كونه من عمل الشيطان .

هل هذا يعني : أنه لا يستقيم في عقلك أن يكون الدليل فيه عمومٌ وخصوصٌ في آنٍ واحد ؟!!

أم يستقيم ذلك وتتجاهله ؟!

كيف يمكن أن نعمم حكم الأحوال الخاصة على عموم الأحوال ، مع أن الدليل لما بيّن إباحة الأحوال الخاصة = بيّن تحريم عموم الأحوال غيرها ؟!

اقتباس
3- لو كان هناك شريط تسجيل لحفلة زواج فيها ضرب في الدف , ثم سمعته امرأة بعد الزواج بفترة .. فهل يكون ضرب الدف في الزواج ليس من عمل الشيطان , وسماعه بعد ذلك عبر شريط التسجيل من عمل الشيطان ؟؟؟!!!

هل الشيطان إلى هذا الحد من الخلق الطيب بحيث لا يحضر ولا يستعذب ولا يستفز الناس بالدف عندما يكون في عرس .. ويلبـّس ويغري ويكيد ويمكر ويصد عن سبيل الله وعن الصلاة فيما عدا ذلك ؟؟؟!!!

هذه افتراضات وتخيلات ، الأصل أن لا تأتي بها في الاحتجاج على المخالف في أمور الشرع - على قاعدتك - !!

ويحق لي أن أقول هنا : إن الأحكام الشرعية لا تُرد بالاعتراضات العاطفية التي تهيج مشاعر الأغرار !

والشيطان يحضر ويستعذب الدف في الأعراس - كما سبق - ، ويحبها ، لكنها ليست في أصلها حينئذٍ من عمله وتدبيره وكيده وإغوائه ؛ لأنها من المباحات ، والمباح لا يُعاقب عليه فاعلُه ، وفاعل ما عمل الشيطان ودبّر وكاد وأغوى = معاقبٌ ؛ لمخالفته قولَهُ تعالى : ( لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) .

قلتَ :
اقتباس
4- لو قام مجموعة من الناس بضرب الدف بمناسبة نجاحهم وتخرجهم من الجامعة مثلاً ( وهذه حال فرح وسرور كما ترى ) .. فهل ضربهم للدف من عمل الشيطان وبالتالي هو محرم أم لا ؟؟!!

وما ينطبق على الفرح بمناسبة النجاح , ينطبق على أي حالة فرح أو حتى نذر .

ارجع إلى كلام ابن عثيمين - رحمه الله - المنقول آنفًا .

اقتباس
5- الحديث الذي رواه السائب بن يزيد أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عائشة , أتعرفين هذه ؟ قالت لا فقال هذه قينة بني فلان تحبين أن تغنيك ؟ قالت نعم – قال فأعطاها طبقاً – فغنتها فقال النبي عليه الصلاة والسلام قد نفخ الشيطان في منخريها "

سؤالي :

بما أن الشيطان قد نفخ في منخريها ( مع أنها كانت تغني بدون دف " على تضعيفك للعبارة " ) , فهل تقول بحرمة الغناء ولو بغير دف حيث أنه من الشيطان ؟؟!

لا يقول عاقل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حضر ورضي أمرًا محرمًا !

وما دام ظاهر العبارة أن الغناء - أعني : ما كان في عرفهم يسمى كذلك ؛ من حداء ونحوه - من الشيطان ، وحضره النبي - صلى الله عليه وسلم - مقرًّا إياه وراضيه = فلا شك أن الأمر ليس على ذلك الظاهر ؛ وإنما :

- المراد : أن القينات اللاتي اتخذن الغناء شغلاً شاغلاً = قد نفخ الشيطان في مناخرهن ؛ فألهاهُنّ ، فالإكثار من ذلك وجعله الشغل الشاغل هو الذي يوصف بأنه من نفخ الشيطان ،

- أو المراد : أن هذا الغناء من مداخل الشيطان على القينة وغيرها ولو كان مباحًا . والأول أولى .

ثم هذا الحديث جاء على صيغة الإخبار ، فهل تأخذ منه الحكم استقلالاً ؟!!

أرانا الله الحقَّ حقًّا ورزقنا اتباعه ، والباطلَ باطلاً ورزقنا اجتنابه .
__________________

كثرت ذنوبي ، فلذا أنا نادم .
أسأل الله أن يتوبَ عليَّ ، ويهديَني سبيل الرشاد .
وما أملي إلا ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ﴾ .

أبو عبد الله
النادم غير متصل