..
من المراحل التي مرَّ بها الفقه : مرحلة أو عصر الجمود و التقليد .
من منتصف القرن الرابع الهجري و حتى منتصف القرن الرابع عشر تقريباً ..
من سمات هذا العصر :
1- الدعوى إلى غلق باب الاجتهاد ن و ذلك من خلال شروط الاجتهاد التعجيزية ، و التي لا تكاد أن تتوافر في الصحابة ، و ظهر تقسيم المجتهد إلى قسمين : مجتهد مطلق ، و مجتهد في المذهب ، و لم يوضع قسم ثالث ، فالاجتهاد المطلق لا يمكن الوصول إليه ، حتى شيخ الإسلام ابن تيمية قالوا أنه لم يصل إلى هذه المرحلة ، وكل من لم يصل إلى درجة الاجتهاد المطلق فهو مجتهد في المذهب ، و المجتهد في المذهب هو الذي يقيس على مسائل الإمام و يخرج على قواعده فيستطيع أن يصل إلى معرفة المذهب في المسائل المستجدة .
و الحقيقة أن الاجتهاد قد يكون جزئياً و قد يكون نسبياً فقد يجتهد في مسألة ولا يستطيع الاجتهاد في الأخرى .
2- ظهور القول بوجوب التقليد ، و انتشرت مقولة الكرخي : كل دليل خالف قول الإمام فهو منسوخ أو مؤول ، و حقيقة هذه المقولة تقديم قول الإمام على قول الرسول - صلى الله عليه و سلم - عند التعارض . وقال بعض الغلاة في التقليد : يجوز التنقل بين روايات المذهب بالتشهي . وقال آخرون : لو ثبت للشيخ القول الراجح بالدليل في مسألة من المسائل ، كمسألة التلفظ بالنية في الصلاة و أن الراجح أنها بدعة ، فإنه ينبغي أن يدرس الطلاب المذهب وهو أن التلفظ بها مستحب .
3- ظهور القول بحرمة الخروج عن المذاهب الأربعة .
4- وجود التعصب المذهبي .
5- كثرة تأليف المختصرات و الشروح و الحواشي ، و قلة التحقيق العلمي فيها ، و إنما الترجيح فيها يكون بذكر الراجح في المذهب و المعتمد و المشهور ، و الاجتهاد يكون بالتخريج على أقوال إمام المذهب .
6- الاختصار الشديد في الجمل الفقهية ، في المختصرات و الشروح ، وقد أدى هذا الاتجاه إلى صعوبة فهم عبارة كتب الفقهاء ، فلا يستطيع فهمها إلا متخصص ، وكثيراً ما تنغلق عليهم بعض العبارات عليهم أيضاً .
مع أن هذا غير مقصودٍ في الشرع بل المقصود هي تيسير العلم و تقريبه إلى الناس .
7- قلة العناية بالحديث في كتب الفقه ، فيكثر الاستدلال بالأحاديث الضعيفة ، و أحياناً يستدل بأحاديث موضوعة ولا أصل لها ، و تورد الأحاديث دون بيان درجتها من حيث الصحة و الضعف .
ما ذكر من السمات إنما هو الأغلب ، فلا يفهم التعميم ، و إلا فقد وجد في هذا العصر عدد من أهل العلم و التحقيق و الاجتهاد كشيخ الإسلام ابن تيمية و ابن القيم و ابن دقيق و ابن حجر و غيرهم .
و من الأمور الإيجابية في هذه المرحلة ترتيب المسائل و جمعها و توضيحها ، و مراعاة طالب العلم في جانب التدرج في طلب العلم .
الفقه في المرحلة المعاصرة :
فإننا نعيش و لله الحمد و المنة صحوة علمية كبرى في هذا العصر ، في جانب إقبال الشباب على طلب العلم ، و كثرة الدورات العلمية المكثفة و كثرة المقبلين عليها ، و تميزت بالعناية بالدليل و البعد عن الجمود و التقليد ، و كان لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز و كذلك الشيخ ابن عثيمين و الشيخ الألباني - رحمهم الله - أثراً كبيراً في هذه الصحوة العلمية ، و ربط الناس بالدليل في معرفة الأحكام الشرعية .
من سمات هذا العصر :
1- العناية بالدليل و هذه أبرز سمة في هذا العصر بتحقيق المسائل و معرفة القول الراجح فيها ، و البعد عن الجمود و التقليد .
2- ظهور المجامع الفقهية و المجالس العلمية .
3- ظهور المجلات الفقهية المتخصصة .
4- البحوث المتخصصة في الجامعات ( الماجستير - الدكتوراه )
5- العناية بدرجة الحديث و الأثر من حيث الصحة و الضعف .
6- وجود الوسائل الحديثة في الوصول إلى المعلومات ( برامج الكمبيوتر كجامع الفقه الإسلامي ، وموسوعة الحديث الشريف وغيرها ، و الإنترنت ، و مركز الملك فيصل ن و مكتبة الملك فهد الوطنية ....)
7- الكتب الفقهية في هذا العصر غير ملتزمة بأحد المذاهب الفقهية ن و إنما يعني صاحبها الدليل و الترجيح غالباً .
8- كثرة النوازل الفقهية ..
و في النهاية أسأل المولى أن يبارك في كتبته و أن يجزي الشيخ يوسف الأحمد خيراً على بحوثه التي يستفيد منها طلبة العلم ..
و صلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ..
أخوكم /
الصمصامـ ،،،
|