( 4 )
والـحـــلّ ؟ ؟
نـعـم . .
لقــد نفــدت . . هـكـــذا وبلا مـقـــدمات . . ! !
ولكمـ أن تتصوروا مـدى الإحبــاط الذي أصــابنــا . . !
موســى . . وأمــام هـذا الوضع . . رأى العــودة إلى " السنغـــال " ، فالــرّحـلــة في نظره قـد فشلت
ولمّـا نجتز بعض عشرات من الكيلومترات . .
بينمــا أمامنا قرابة الخمسة آلاف كيلو متر إضافية . . ! !
موســى قال لي :
- يبدو أنه لا مـفــرّ من العـــودة ، نفدت النفقة ولمّـا نجتز بعض عشرات من الكيلومترات . .
- هــذا مـسـتـحـيـل ! !
- إننــا نـغـــامــر . .
- لن نــرجــع بلا حج . . !
- لكننـا معذوران بنص القرآن .
- اسمعني جيّــداً يا موسى . . لقــد خـرجــنا من قريتنــا والكــلّ يعـلـم أننــا ذاهبــان إلى الحجّ ،
فلن نرجــع إليهم إلا وقد حلقنــا رؤوسنا . . أو نمـــوت !
- ولكن . .
- الأمــر محسوم بالنسبة لي ، إذا كنت سترجع أنت فشأنكـ بنفســكـ ،
أما أنــا فلا ، ماذا سيكــون موقفــنا حين نعــود إليهمـ ننفـض غبــار الفشــل ،
لنقول لهمـ : إننــا لم نحج !
وافــق موسى على الاستمـرار بعد إصــرار شديد مني ،
ولا أكتمكمـ . . فقد كـنــت أنــا شخصيّــاً حـائــراً ، لا أدري ما يتوجّــبُ عليَّ فعله بالضبط مع نفــاد النفقـة .
ويـقــدّر الله عز وجـل أن يعرف بعض الأهــالي بأننّــا نجيد اللغة العربيّــة وقـراءة القــرآن ، فطلبـوا منا
تعليمـ أبنـائهمـ بمقــابـل .
وافـقــنــا على الـفــور . . وكــان لـهـمـ ذلكـ . .
فــاتـنــا موسمـ الحـجّ لذلكـ العــام . . ولم نتمكن في تلكـ السنة من أداء الحـجّ . .
لم نيــأس . . حتى صاحبي موسـى لم يفـاتحني بموضــوع العــودة ، فقـد أدركـ أن ذلكـ الأمر مستحـيـل
تطبيقـه قبل أداء الحجّ . .
ولــذا . . فإنني وإيــاه وضعنــاهــا نصب أعيننــا واضحــةً تمــاماً . . [ الحــجّ ] .
أمضينــا في " غينيـا " سنة ونصـف ، أو تـزيــد قليلاً ، نعلم فيهـا القــرآن ، وحصلنـــا خلالهــا على
مبلــغ منـــاسب استطعنـــا توفيـره خلال هذه المــدّة ، يؤهلنــا لمواصلــة المسيــر .
هـذا المبلغ يعـــادل تقريبـــاً ست مئـة ريــالٍ سعـــودي ! !
عزمنـــا أمــرنــا . . وأخبرنــا أهالي الأولاد بـنـيَّـتـنــا . .
لكنّـهـمـ . .
رفضــــوا . .
نعـمـ . . رفضــوا . .
حـاولنــا إقنــاعهمـ . .
فطلبــوا إمهــالهـمـ بعــض الــوقــت لـيـتـدارســوا أمـرهـمـ . .
لم نـكـن واثقين من ردّهـمـ . .
لذا . . وفـي إحــدى الليالي . . لملمنا أمتعتنــا . .
و . . وهـربــنـــا . . !
مـضـيـنــا باتجــاه الجنـوب الشرقــيّ ،
وبالتحديـد ، إلى " سـاحــل الـعـــاج " !
ولـم نـكــد نـلـتــقــط أنــفــاســنــا هــنـــاكـ . . فقد واصلنا المسيرة إلى " بوركينا فاسو " . .
ومن " بوركينا فاسو " توجهنـا مـبــاشــرة إلى " الـنّـيـجـر " !
لا أكـتـمـكـمـ . .
لقــد أحسسنـا بشيء من الأمـــل ، فقـد قطعنـــا مســافــة جـيِّــدة . .
لـكــن الـمـخــيِّــب للآمــال . . هـو أنَّ الـنَّـفـقـة كـانـت عـلـى وشـكـ الـنَّــفـــاد ! !
وللمـرَّة الثَّــــانيــة . .
ولم يتبقَّ إلا القليل . . والقليلُ جـــدّاً . .
.
.
.
* * * * *