..
من كان ذا ذنب و معصية فهو أولى بالاستغفار و التضرع إلى الله تعالى من غيره ، مهما كنت الظروف و الأحوال الأسباب و المسببات {
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، و يقول تعالى : {
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} , و أما ما ذكرته أخي المبارك بالنسبة للسبب الآخر المتعلق بولي الأمر ، هنا يجب أن أوضح عدة أمور :
أولاً : يجب إنكار ما يحصل من منكرات ، و تعلم السبل المثلى في ذلك ، و الإنكار بالتي هي أحسن ، و لو تبين للإنسان أن هناك منكراً أعظم يتولد بعد الإنكار ، فيُسكت عن أخف الضررين ، و يجب سلوك المسلك الشرعي في الإنكار على ولاة الأمر ، و كان ولا يزال العلماء ينكرون على ولاة الأمر ما يحدث ، و هذا و لله الحمد من علامات الخير في الأمة المحمدية ، و الإنكار على الحاكم علانية من غير سلوك مسلك السر ينافي فقه الاحتساب ، إلا في بعض الأمور .
ثانيا : المنكرات التي تحدث لا تسوغ لأحد أن يتمرّد على السلطان ، فالذي نهانا عن المنكر أمرنا بالسمع و الطاعة للأمير ، إلا في المعصية ، و حين يأمر بالمعصية فإنه يُناصح بالتي هي أحسن .
ثالثا : الكثير يتباكى على حال البلد ، و على تفشي المنكرات ، و هذا صحيح ، و لكن من الخطأ أن ننزوي كالبنات في الخدور ، و تتنوح نوح الثكالى ، و لم نفكر يوماً في صرف دعوة صالحة للسلاطين و الأمراء ، بأن يوفقهم الله لكل خير ، و أن يرزقهم بطانة صالحة ناصحة ، و لهذا حرص كثيرٌ من علماء السلف على الدعاء للحاكم كما رود ذلك عن الفضيل ، و الإمام أحمد و غيرهم من أئمة السلف و هو الذي رأيناه و قرأناه من أئمة الخلف ، لأن صلاحه صلاح لرعيته ، و من حقه علينا أن ندعوا له بالصلاح و الهداية .
فلنصل الاستسقاء ، و لنبك على حالنا ، و نعود إلى ربنا و نتضرع إلى الله ، و نتواصى مع حكامنا و إخواننا ، و أهلينا و ذوينا بالحق و الصبر ، و نسأل الله أن يغيثنا من فضله ، و أن يمن علينا بصلاح الراعي و الرعية .
فالتمرّد على الحاكم معصية لله تعالى ، يجب أن نستغفر الله منها ، و هو إن استمر و تمادى في الخطأ ، فحسابه على الله ، و هذا ما تقرر عند كافة علماء العقيدة من أهل السنة و الجماعة و هذا مستنبط من نصوص الوحيين ، و هو الذي طبقه علماء السلف ، كالإمام أحمد الذي جلد و سُجن بغير ذنب ، و كذلك شيخ الإسلام ، و العز بن عبد السلام ، و غيرهم من العلماء ، الذي سجنوا و فصلوا من أعمالهم ، و لن نر منهم إلا إصراراً على التواصي بالحق مع الحكام ، و الدعاء لهم بالهداية و الصلاح ، و الحق واضح أبلج و لله الحمد و المنة .
و هذا مقطع صوتي للإمام العلامة محمد العثيمين - رحمه الله -
يبين مكانة العلماء و الأمراء عند أهل السنة و الجماعة و كيفية التعامل معهم
و ما يترتب على التمرد عليهم من المفاسد الظاهرة ، بعد ما دافع عن الشيخ سفر الحوالي - حفظه الله -
للحفظ اضغط هنا