أنا : هل بالإمكان نشرُ هذه المواجع التي باتت تطعن في خلدي كل صباح ؟
رئيس التحرير : نعم . نحن نحبّ المرأة ، ونحب كلماتها البراقة ، وجملها الخلاّبة ، بل ونقدّمها على الرجال .
أنا : أنا ممتنة لك بهذا الإكرام .
رئيس التحرير : إذا سمحتي لي برؤية المقال .
أنا : بكلّ سرور .
رئيس التحرير بعدما تغيّر لون وجهه : سننشره في أقرب وقت ممكن بإذن الله .
أنا بعدما عرفتُ مقصده بـ(ممكن) : وانا بالانتظار . .
بعد أسابيع عدتُ إلى نفس الصحيفة متسائلة ، أين الكلام الصادق ، والرأي الباسق ، والسلام المعطّر ؟
أنا : أهلاً بك ، أطلتَ نشر المقال ونفدت دراهمي في شراء صحيفتكم ، ونظري في سبيل البحث عن مقالي ، هل نشرتموه ؟
رئيس الصحيفة بعدما (تنحنح) : الحقيقة لم نجدُ مكاناً فارغاً حتّى الآن !! ، وذلك بسبب غلاء الأسعار والظروف الاجتماعيّة في هذا الوقت بالذات ، وموضوعكِ لا يتعلق بها .
أنا بكل سخرية فقد طفح الكيل : أخشى أنكم ترجمتم المقال إلى لغة أخرى حتى تكسبوا من ورائه ، فقد تعبتُ في نقش ألفاظه ، وتحسين أسلوبه ، بما يتوافق مع صحيفتكم الحرة العلـ . . . أقصد الحرة.
رئيس التحرير (مقاطعاً) "وقد ظهر ماكان يُخفيه" : أنتِ في مقالكِ تنشرين موضوعاً يُناقض مقاصد الصحف والإعلام الحر ، ومنه قولكِ : (هذه قيود نفتخر بها ولا ينبغي لعاقل أن يحاول فكّها لمجرّد المحاولة ، والمحاولات معهودة للمتعالمين) فهل تقصدين بذلك أن فلان وفلان من الكتاب (متعالم) !!
أنا وكنتُ قد تعوّدت بالدربة على مناقشة أمثال هؤلاء ولكن حين يتبين لي ذلك : إذاً ليس هناك ما تدعيه بأنه الموضوع لا يسمح ، وأنه لا يتوافق مع الظروف الحالية من غلاء الأسعار ونحوها ، فقصدك اتضح لي أنه اختلاف في الرأي العام أقصد اختلاف في استساغتك لتلك الضوابط التي وضعها الله (وقد تعمدت في ذكر الله مجرداً من صفاته) ، سؤال بسيط : هل أنت مسلم ؟
رئيس التحرير : ماهذا الكلام ؟ ، أرجو أن يكون المكان محترماً على الأقل ، وهل هناك من لا يؤمن بالله ؟
أنا : نعم . هناك من يُؤمن بالله ولا يُؤمن برسوله ، فحينها لا يكون مؤمناً حقيقياً بالله . بل هناك من يُؤمن بالله ورسوله ولا ينقاد لطاعتهما فماذا يكون بنظركَ مسلم ؟ ، ماهو تعريف الإسلام ؟
رئيس التحرير وهو يرتشف الشاي : أنتِ معلّمة وتتقنين مهارات التدريس أخبريني ماهو الإسلام ، فأنا جاهل بالتعريف الحقيقي المزعوم ؟!!
أنا : إذا كنتَ جاهل بالتعريف الحقيقي لمَ تدّعي أنك مسلم ؟
رئيس التحرير : وهل كل مسلم يعرف التعريف للإسلام ؟ ، مما أعلمه أنّه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .
أنا بكل ازدراء : أحسنت . وماضمون هذه الشهادة ؟ أليست الاستسلام والانقياد لها بالطاعة ؟
رئيس التحرير : نعم . والآراء لا تتعارض مع هذا الانقياد ؟
أنا : أليس في كتاب الله أحكام تقتضي الانقياد لله وفي سنة رسوله كذلك ؟
رئيس التحرير : نعم .
أنا : إذاً لماذا تمنع نشر ما قال الله وقال رسوله في مقالي أم أنّك لا تؤمن بأن القرآن من الله والأحاديث متّصلة من رسوله ؟
رئيس التحرير بعد الهزيمة

: بلى . ولعلّي أفكّر مليّاً فأنا مرهق حقيقة لذلك لم أتجاوب جيداً في التحدث معكِ وأنا أعدِك على نشر ما خطته يدكِ.
أنا : أرجو أن تفي بوعدك وأنت مرهق !!.
رئيس التحرير ضاحكاً : لا عليكِ لا عليكِ.
لا أدري إن كنت سأكمل تبعات ما بدأتُ بهِ . .
* محبة العلم *