بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الطعن في مشاهير علماء العصر .. لماذا ؟!!

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 31-10-2005, 12:18 AM   #1
النادم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 434
الطعن في مشاهير علماء العصر .. لماذا ؟!!

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله . أما بعد :

فإن الله - تعالى - قد قسم الأرزاق ، وقدَّر المقادير ، وفارق بين الخلق ، فمنهم شقيٌّ وسعيدٌ ، ومنهم ذو الفضل والعلم ، ومنهم من يَنْعَم في جهالتِهِ ، ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ .

والحالُ الأصليةُ بين هؤلاء ، أن يستفيدَ الشقيُّ من عملِ السعيد ، ويستفيدَ الجاهل من علمِ العالم ، فالأولُ يسعى لنفيِ شقاوتِهِ عنهُ ، والثاني يسعى لرفعِ الجهلِ عن نفسِهِ .

ومَنْ سعى لرفعِ الجهلِ عن نفسِهِ إنما هوَ طالبُ العلمِ ، الذي يرجو كلُّ أحدٍ أن يكونَ هوَ ذاك الرجل ، للفضلِ والأجرِ المترتبِ على سبيلِهِ التي هوَ طارِقُها .

وليسَ بِرَافِعٍ طالبُ العلمِ الجهلَ عن نفسِهِ ، إلا بصُحبَةِ أهلِ العلم ، وملازَمَتِهِم ، والأخذِ الحَسَنِ عنهُم . ولا يَتَأَتَّى ذلك إلا باحترامِهِم ، وتوقيرِهِم ، وتبجِيلِهِم .

وفي الأخيرِ ظهرتْ فِئامٌ انتَسَبَت إلى العلمِ الشرعيِّ ، وأخَذَتْ تَتَشَدَّقُ بِهِ صباحَ مساءَ ، وتفتخرُ بِهِ ، وتَتَغَنَّى . وإذا أتيتَ حقيقَتَها وجدتَ أن غايةَ علمِهِم كتاباً قرؤُوهُ ، أو شريطاً سَمِعوهُ ، وكفى .

ثمَّ ليتَ الأمرَ اقتصَرَ على ذلك !!

فإنَّ بعضاً من أولئكَ - رَدَّني اللهُ وإياهُم إلى جادةِ الصواب - اتخذوا آراءً لا يحيدون عنها ، ويَتَمَسَّكون بها ، ولا يَتَزَحزَحُون قيدَ أنمُلةٍ .

ثمَّ ليتَ الأمرَ اقتصَرَ على ذلك !!

فقد بدؤوا بنشر آرائِهِم ، والتمكينِ لِوجهاتِ نَظَرِهِم بين الناس ( وهُم في ذلك مأجورون - إنْ شاءَ اللهُ - ، إذْ نَشَروا علمَهُم لم يكتُمُوهُ ، شَرْطَ أن لا يَتَزَبَّبُوا قبلَ أن يَتَحَصْرَمُوا ) ، لكنَّ الإشكالَ الكبيرَ ، والبليَّةَ والمصيبَةَ ، هي أنَّه صار عندَهُم : ويلاً لِمَنْ يُخالف !

فإنَّ مَنْ خالَفَهُم ( في مسائلِ الاجتهادِ التي تحتَمِلُ الإصابةَ والخطأَ ) ، فذاك هو الفاسقُ ، أو ذو الهَوَى ، أو طالِبُ مَصَالِحِ الدُّنيا ، أو عَدُوُّ الدِّينِ ، أو مُحَارِبُ المُسلِمِينَ ...

وَقَد عَمَّتْ هذه البَلِيَّةُ ، وَطَمَّتْ ، وصرنا - يا للأسفِ - نَرَى نَمَاذِجَ منها واضحةً بيِّنةً .

فيَا ترى .. لِمَ ؟ وكَيْفَ ؟ وما سَبِيلُ الخَلاَصِ ؟

لأجلِ ذا كتبتُ هذه الكلمات .

لمـاذا ؟


أولاً : دعوى النُّصحِ . وهذه دعوى فَضفاضَةٌ ، يتسَتَّرُ خلفَهَا الكُلُّ ، فَمِنْ مُقيمٍ بَيِّنَتَهُ على دعواه ؛ فهو بِهَا مُحِقٌّ ، وَمِنْ آخرين تَبقَى عليهِمُ البَيِّنَةُ ؛ وهم بِدَعواهُم مُبطِلون .

والصِّنفُ الثاني هُمُ المَعنِيُّونَ في موضوعِنا هذا .

وَمَنْ وَقَعَ في هذا السَّبَبِ ، فلا ضَيْرَ مِنْ أنْ يَجمَعَ غَيرَهُ مَعَهُ مِمَّا سَيَأتي .

ثانياً : الجَهْلُ . وهو هنا أقسامٌ :

1- الجهلُ بحقيقَةِ العالِمِ المَطعُونِ فِيهِ . فإنَّ بعضَهُم يُلقي الطُّعُونَ جِزافاً ، ويُشيرُ بأصابِعِ الاتِّهامِ إلى كُلِّ أَحَدٍ ، عَرَفَهُ أم لم يَعرِفْهُ . فإذا خالفَ ذلك العالمُ لَهُ مَنْهَجاً ، أَوْ جاءَ بِرَأيٍ مُعَارِضٍ لِرأيِهِ ، أَتَاكَ النَّيْلُ يَتَوالى ، وهو لا يدري عن ذلكَ العالِمِ وَقَدرِهِ ، وهل يَضُرُّ سَبُّهُ عَلَناً ؟ وهل يُعَطِّلُ مَصلَحَةً الكلامُ فِيهِ ؟ أَيَقْبَلُ هُوَ النُّصحَ سِرّاً ؟ وهل حَصَلَ مِنهُ ما يدعو إلى هذا الطَّعنِ - أصلاً - أو لا ؟!

2- الجهلُ بحقيقَةِ النُّصحِ . وهنا يأتي السَّبَبُ الأَوَّلُ ثانيةً ، فإنَّ النُّصحَ لَهُ فِقهٌ وطريقةٌ ، وسلوكٌ ومنهجٌ ، وليس كُلُّ مُرِيدٍ للنُّصْحِ يَصِحُّ أنْ يَنصَحَ ، وليس كُلُّ مَن نَصَحَ أَصَابَ في نُصْحِهِ .

وَمَنْ أرادَ أن ينصَحَ أَحَداً فَلْيَأخُذْ فِقْهَ النُّصحِ عن العُلَمَاءِ الأَجِلاّءِ الثِّقاتِ المأمُونينَ .

فَمَا هكَذَا النُّصحُ ، يا مُريدَ النُّصحِ .

3- الجهلُ بِمُتَرَتَّبَاتِ هذا الكلام . فإنَّهُ لا يدري عن كلامِهِ هذا ، هل سَيُشْغِلُ العالِمَ عن عِلمِهِ وتَعليمِهِ أو لا ؟ وهل سَيُنَفِّرُ عنهُ أُنَاساً كانُوا يَستَفيدُونَ مِنهُ أو لا ؟ وهل سَيُؤَلِّبُ عَلَيهِ أُنَاساً كانُوا تَارِكِيهِ أو لا ؟!

ثالثاً : الحَسَدُ . فإنَّ بعضَ مَنْ يَتَكَلَّمُ يَتَمَنَّى مَنزِلةَ هذا العالِمِ ، ويَرجُوها أو قُربَهَا ، وَليسَ ذلكَ بِحاصِلٍ لَهُ ، فَيُعمِي الشِّيطَانُ قَلْبهُ ، ويُغَطِّي عَقلَهُ ، ويأمُرَهُ فيُطيعَ، ويُرسِلَ الطَّعنَ والتَّجريحَ إلى ذلكَ العالِمِ ، يَرجُو زَوَال النَّاسِ عَنهُ ، وَشَكَّهُم فِيهِ ، وسُقُوطَهُ مِنْ أعيُنِهِم .

وَأَقبِحْ بهذا السَّبَبِ مِنْ سَبَبٍ !

رابعاً : الحَمِيَّةُ ( حَمِيَّةُ الجَاهِلِيَّةِ ) . فَإنَّ بعضَهُم يَتَتَلمَذُ على شيخٍ لَهُ ، يُحِبُّهُ وَيُجِلُّهُ ، ويُقَدِّرُهُ ويُبَجِّلُهُ ، فيجعَلُ رأيَهُ الرأيَ ، وقَولَهُ القولَ . فإنْ خالَفَهُ مُعاصِرٌ ، أو جاء برأيٍ غيرِ رأيِهِ ، أتاك هذا التلميذُ بقاموسِهِ ، وَنَصبَ نفسَهُ طاعناً في المُخَالِفِ ، فَوَيْلٌ لِمَن خالَفَ شَيخَهُ !

وما أَظُنُّ أَحَداً يَرضى بِهَذا ، حتى شَيخُهُ !

خامساً : قَصدُ الشُّهرةِ . ومَعلومٌ أنَّ المغمُورَ إذا أرادَ الشُّهرَةَ - بغيرِ حَقٍّ - ، سَجَّل اسمَ مشهورٍ - بِحَقٍّ - في قائمَتِهِ السَّوداءِ ، وأَخَذَ يتَكَلَّمُ فِيهِ في كلِّ مجلسٍ . فكذلك هنا .

وقد توجَدُ أسبابٌ أخرى .

كيـف ؟


يُسَطِّرُ صاحِبُنا طُعُونَهُ بأساليبَ عَديدَةٍ ، منها :
1- أسلوبُ الناصحِ المُشفِقِ . فيُظهِرُ نَفسَهُ ناصِحاً شَفِيقاً رَفِيقاً بالعالِمِ الفُلانِيِّ ، ويقولُ : أنت تفعَلُ كذا وكذا ، وهو خطأٌ ، فلا تفعَلْهُ ... ونحو هذه العِباراتِ . فهو بذلِكَ طَعَنَ فِيهِ ، وأبدَى مَسَاوِيهِ ، مُتَسَتِّراً بِدِثارِ النُّصْحِ والإِشفاقِ .

وَقد يَظهَرُ ناصِحاً مُشفِقاً على الناسِ ، فيَأخُذُ في النَّيْلِ مِن ذلك العالِمِ ، تحذيراً لطلبةِ العلم - مثلاً - مِن مَنهَجِهِ - بِزَعمِهِ - .

2- أسلوبُ المهاجِمِ . وهذا يبدُو فِيهِ طَعنُهُ صَريحاً ، فهُو يُظهِرُ التَّجرِيحَ ، ويُشَدِّدُ العبارةَ ، ويُؤَكِّدُ النَّيْلَ .

3- أسلوبُ المُقاوِمِ . وهنا يُظهِرُ نفسَهُ مُدافِعاً عن نَفسِهِ ، وربما عن شَيخِهِ ، أو أَحَدٍ ، فَيأخُذُ في الدِّفاعِ عن صاحِبِهِ ، ويَستَرسِلُ ، إلى أنْ تأخُذَهُ العباراتُ والكَلِماتُ إلى هاويةِ الطَّعنِ والنَّيلِ . يَحسَبُ ذلك دفاعاً ، أو يُحَسِّبُ نفسَهُ ذلك دفاعاً !

سبيـلُ الخَلاَصِ :


أولاً : صدقُ النِّيَّةِ في النَّصِيحَةِ ، والإخلاصُ بِهَا ، وَقَصدُ الخَيرِ والصَّلاحِ . وهذا لا يَكْمُلُ إلا بالثاني التالي :

ثانياً : فقهُ النَّصِيحَةِ ، وفهمُها ، ومعرفةُ أُسلوبِها وطريقَتِها الصحيحةِ السليمةِ ، بِتَلَقِّي ذلكَ عَمَّن ضَبَطَها ، وعرفها حقَّ المعرِفَةِ ، وأجادَ تَطبِيقها .

وهذان السَّبيلانِ هما شرطا قبولِ العَمَلِ في الدِّينِ ، والنَّصِيحَةُ دِينٌ ، بل هي الدِّينُ : «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» .

ثالثاً : تَوقيرُ العُلَماءِ ، وإجلالُهُم ، ومَعرِفةُ قَدرِهِم ، وإنزالُهُم مَنَازِلَهُم . وفي ذلك دُوِّنَتْ كُتُبٌ ، وسُطِّرَتْ أسفارٌ .

رابعاً : فِقهُ نتائِجِ العَمَلِ قبلَ الإقدامِ عَلَيهِ . فَزِنْ كَلِمَتَكَ قبلَ أن يَلفِظَها لسانُكَ ، وادرُسْها ، وَسَلْ نَفسَكَ : كيفَ ستَخرُجُ ؟ وأينَ سَتقَعُ ؟ وكيفَ سَتَصِلُ ؟ وما الذي سَيَتَرَتَّبُ عليها ؟

إنَّ مَن عَلِمَ أنَّ كَلِمَتَهُ التي سَيُخرِجُها ستُؤَدِّي بِهِ إلى المَهالِكِ والرَّزايا ، فأَخرَجَها ، لَهُوَ الجاهِلُ بِعَينِهِ .

خامساً : قبُولُ المُخالِفِ في مَسائلِ الاجتهادِ ، وعدَمُ التَّعنِيفِ عليهِ والتَّشدِيدِ ، وقد علَّمنا نَبِيُّنا صلى الله عليه وسلم أنْ نَقبَلَهُ بقوله : «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر» .

وراجِع هذهِ المسأَلَةَ في مَظَانِّها .

سادساً : انفِ عن نفسِكَ قَصدَ الشُّهرَةِ ، وَتَواضَعْ للهِ ؛ يَرفَعْكَ اللهُ ، فإنَّ «من سَمَّع سمع الله به ، ومن يراءِ يرائي الله به» .

سابعاً : لا تتكَلَّمْ إلا بدليلٍ ، فاجمعْ أدِلَّتَكَ ، واسبُكْ كَلامَكَ ، ولَطِّفْ عِبارَتَكَ ، كي تَصِلَ إلى مقصودِها بسَلامٍ آمِنةً .


تنبيه هام : لستُ بذلك أُعَمِّمُ الحُكمَ ، ولا أدخُلُ في النِّياتِ ، فلْيُعلَمْ .

خَلَّصَنا الله من الطعنِ والقدحِ والتشهيرِ بأهل السنةِ . آمين .


تَمَّ المقصُودُ ، وهو ناقِصٌ كنقصِ الإنسانِ ، فما كان فيه من صوابٍ فمِنَ اللهِ ، وهو بتوفيقِهِ وفضلِهِ ومَنِّهِ ، وما كانَ فيهِ من خَطَإٍ وخلَلٍ وزلَلٍ وخَطَلٍ فمني والشيطان . وأستغفر الله .

وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


النادم
ليلة 28 رمضان
1426
__________________

كثرت ذنوبي ، فلذا أنا نادم .
أسأل الله أن يتوبَ عليَّ ، ويهديَني سبيل الرشاد .
وما أملي إلا ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ﴾ .

أبو عبد الله
النادم غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 08:45 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)