مَا لَنَـــا وللـــديـــنِ مِنَّـــا ؟!!
.
.

مَا لَنَا وللدينِ مِنَّا ؟!!
كَثيرَاً مَا أعرِفُ نَفسيَ مَا تَشتَهيَ وَتُولولُ فيهِ وَعليهِ ، ولا عَجَبَ لأنَّ نَفسيْ مِنْ صُنعُ يَديْ .
ليسَتْ الشَّخصيَّةُ حُرِّيةٌ قَدْ أطلقنَاهَا تَسيرُ مَعَ مَنْ تَشَاءْ .. نَنْتَقيْ الأفَاضِلُ مِنْ أجلِ أنفُسِنَا كَما يَفعَلُ الصيَّادُ لا يَنثُرُ شِبَاكَهُ إلا في مَوطِنٍ عَلِمَ أنَّ مَا فيهِ إلا طَيِّبٌ .
لَيلَةٌ جَمعتنيْ بِأحدِ الأشخَاصِ مِمَّنْ تَروقُ ليَ شَخصيَّتُهم ، رَأيتُهُ مُتَكَلِّمَاً مُتَّزِنَاً ، وَصَاحِبُ فِكرٍ نَاضِجٍ ، وَعقلٌ نَيِّرٌ وقَلَمٌ مُبَاركٌ يَنثُرُ الخَيرَ مِنْ حُروفِهِ .
لا تـَربُطنيْ بهِ عِلاقَةُ صُحبَةٌ تَحكيْ سَنواتٍ عِشنَاها ، بَلْ هِيَ أيًَّامٌ سُرعَانَ مَا تُحصى .
كَانَ الوَقتُ يَرميْ ليْ بِأنَّ في خَاطِرِهـِ شَيءٌ يُريدُهـ ، فَارِقُ السِّن بَيني وَبيَنهُ سنواتٌ عَشرٌ أو تَزيدْ .
فِي إحدى الجَلسَاتِ الخَارِجيَّةُ في المَمَرَّاتِ أخَذْنَا مَقعدَنَا فيها .
ثُمَّ قَالَ لي :
سُؤالٌ سَأطرُحهُ عَليكَ ، مَللتُ مِنْ طَرحِهِ عَلى نفسيْ ولمْ ألقَ إجَابَةْ ، إنْ كُنتَ تَرى مِنْ سؤالي الحَيرَةُ فأًصنعْ مَعروفَاً وَدُلَّني .
مَالنَا وللدِّينْ ؟!!
حَقيقَةٌ هَالنيْ سُؤالُهْ ، كَمنْ سَلَّ سَيفهُ أماميَ تَرشُقُ عَيناهُ شَرارَةْ
أو ظَمآنَ يَبحثوا عنْ مَجرى مَاءٍ لِيرويْ نَفسَه .
حَيَّرنيْ سُؤَالُهُ كَرَجُلٌ سَئَلَ طِفلاً أيمَا تُحبُّ أباكَ أم أمَّك !!
بَقيتُ صَامتَاً .. فَقدْ أعدَانيَ مِنْ حَيرَتِه .
طَأطأَ رَأسَهُ قَليلاً ، وَأنَا كَأنِّ عَقليَ قَدْ أخَذَتهُ غَفوةْ .
قَدَّمَ ليْ كوبَاً وَقال : اشرَبْ عَلَّ البُرودَةُ تُعيدُ لَعقلِكَ فِكرَهـْ !!
ثُمَّ قَالْ :
هُنَا في بِلادٍ طُمُسَتْ مِنهَا مَعالِمُ الشَّريعَةُ الإسلاميَّةْ ، وكَثيرَاً مَا يُقابِلُنا أهلُ الكُفرِ والدِّيَاناتِ المُتَعدِّدَة ، وقَومٌ مِنْ ديننا قَدْ طَفَتْ عُقولُهم شَهوانيَّةً وانحلاليَّة ، وَغيرُهم يَصنعُ المَعروفَ ولا يَنسُبهُ لأخلاقِ الإسلامِ ، بَلْ مِنْ أجلِ الإنسَانيَّة .
وَنحنُ هُنَا نَكتُبُ ، وَنُدَافِعُ مِنْ أجلِ دينِ الأمَّةِ المُحمَّديَّةْ ، تُقَابِلُنَا الأمواجُ العَاصِفَةْ تَارَةً تَصرَعُنَا ، وَتَارَةً نَتَخطَّاها بِصُعوبَة .
وَفيْ أرضِ التوحيدِ والعَقيدَةُ ، وَسمَاءٌ شَقَّها الوحَيُ وَأرضٌ تَنبعُ بالطَّهَارَة ، لَمْ تَسلَمْ مِنْ هَاويَةٍ تُحفَرُ للأمَّة ، حَتَّى أهلُهَا بَقواْ يَعُضُّوا بِنواجِذِهـِم عَلى ما هم عَليهِ ، خَشيَتَ أنْ تُبَدَّلَ الأمورُ .
بَلْ وَجدواْ أمَامَ أعيُنِهمْ قولِهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ : [ فِتَنٌ كقَطَعِ الليلِ المُظلم ]
لا أتفاؤل بِصَلاحٌ للأمَّةِ مَا دَامَ أنَّ مَنبَعَهَا ومَوطِنَها وبَحرُ العِلمِ والرِّسَالةِ والتوحيدِ لَمْ تَصفوا !!
مَالنَا وللدينِ منَّا ؟!!
قُلتُ لَهُ : تَرَبَّيتُ عَلى مَقولَةٍ تُرَدِّدُها البيئَةُ التي عِشتُ فيهَا : [ مَنْ لا خَيرَ فيهِ لِدينِهِ ، لا خَيرَ فيهِ لِنَفسِه ] .
ونَحنُ نَعيشُ مِنْ أجلِ الدِّينِ الذي ارتَضَاهـُ اللهُ لنَا ، فاللهُ خَلَقنَا مِنْ أجلِ عِبَادَتِهِ ، وَفِعلُ الخَير لِدينَنَا مِنْ عِبَادة اللهِ سُبحَانه .
أمَّا كونَ مَنبِعْ التوحيدِ وَبحرُ العِلمِ لم يَصفوا ، فالنَّبيْ صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ قَالَ الَصِّرَاعُ بَينَ الحَقِّ والبَاطِلِ قَائِمٌ إلى قِيَامِ السَّاعة .. لَكِنَّ العَاقِبَةَ للمُتَّقينْ ، فَالدِّينُ قَدْ وَعَدَ اللهُ بِنَصرِهـِ .
تَنَهَّدَ تَنهيدَةً أوشَكتُ أن يُحرِقَ قَلبَهُ ثُمَّ قَال :
اللهمْ إنْ كَنتَ تَعلمُ أنَّ في نَفسيْ شَرَّاً على دينيْ فَاقبِضهَا إليكْ
يَا مُقَلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبي عَلى دينك .
يا اللهْ .. كَيفَ تَجرَّأتُ وَطَرحتُ هَذا السُّؤالْ ؟!!
قُلتُ لَهُ : هَوِّنْ عَليكَ ، الصَّدماتُ مَع الطَّبقاتُ المعاديَةُ ، هي مَا تَجعلُ النَّفسَ أكثرَ حزَازيَّة .
رَأيتُ مِنْ سُؤالِكَ ، تَذبذُبُ شَخصيَّةٍ ، أو وَاقِعٌ صَادَمتُهُ فَأنَهكتكَ مَتَاعِبُه .
أخرَجَ قَلَمَهُ مِنْ جَيبِهِ ، وَبَدأ يُخَاطِبُهْ .. كَأنَّهُ مِسكينٌ قَدْ فَقدَ عَقلَهْ
فَيقولُ مُخَاطِبَاً قَلمَهْ : إن لمْ تَكنْ لي حُجَّةً يَومَ القِيَامةِ ، لَنْ أجعَلَك حُجَّةً عليَّ .
إنْ كَانَ مِنْ أحَدٍ يَعرِفُ الإجَابَةَ على السُّؤالِ فلا يَبخَلْ علينا .
علَى عَجَلٍ نَقلتُ شيئَاً يَسيراً مِما دَارَ بيننا ولا أسمَحُ بِنَقلِ هَذا الموضوع
أخيرَاً فَمَا كَانَ مِنْ صَوابٍ فَمِنْ اللهِ وَمَاكانَ مِنْ خَطأ فَمِنْ نَفسي والشَّيطَانْ
عُذرَاً .. فَعُذرَاً .. ثُمَّ عُذرَاً على الإطَالةِ وَرَكَاكَةِ الأسلوب
دُمتم بِحفظِ الرَّحمنِ وَرِعَايَتِه
.
.
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
|