|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
28-10-2011, 05:31 PM | #1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
وقفات في آيات الحج ,,, حلقات متجددة .
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , وبعد
فهذه وقفات لغوية وبيانية في بعض آيات الحج أجعلها على حلقات هنا , لتسهل قراءتها , سائلا الله تعالى أن ينفع بها , وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم . الحلقة الأولى : قال الله تعالى : " {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} (197) سورة البقرة وقفات حول هذه الآية الكريمة : الوقفة الأولى : تكرار لفظ الحج ثلاث مرات , وهو في كل موضوع يختلف دلالته عن الموضع الذي قبله . فالحج في الموضع الأول : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ) المراد به : زَمَن الحج , وبين سبحانه أنه : أشهر معلومات , تبدأ من عيد الفطر المبارك , وتنتهي بآخر يوم من ذي الحجة , وقيل , تنتهي في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة , وهو آخر أيام التشريق . والحج في الموضع الثاني : ( فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) المراد به : الإحرام بالحج , أي من دخل في النسك , والدخول في نسك الحج يكون بالإحرام . والحج في الموضع الثالث : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) المراد به : أعمال الحج , أي لا رفث ولا فسوق ولا جدال أثناء أداء الفريضة . ومع تكرار لفظ الحج ثلاث مرات إلا أن القارئ لا يحس بأثر هذا التكرار , فلا تلحقه السآمة ولا الضجر , لما يُلْقَى في رُوعِه من جلال اللفظ , وتغاير المعنى . الوقفة الثانية : الحج ليس واجباً على الجميع كل عام , بل هو مرة واحدة على المستطيع , بدليل قوله : " فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ " والمعنى : أن مَن دَخَلَ في النُّسُكِ فَعَلَيْهِ الابتعادُ عن كذا وكذا , ويُفْهَمُ منه : أن هُناك أُنَاسٌ لن يدخلوا في النسك , ولن يفرضوا الحج . الوقفة الثالثة : الحج تربية وتهذيب للنفس من أدران السيئات , والأخلاق الفاسدة : ( فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) . وجاء النفي هنا بلا النافية للجنس ( لا رفثَ , لا فسوقَ , لا جدالَ ) ليكون النفي أعم وأشمل لجميع الأنواع التي يمكن أن تدخل تحت أي صنف من الأصناف الثلاثة المذكورة في الآية , والنفي يستلزم النهي , ولكن جاء التعبير بالنفي بدلا عن النهي – والله أعلم - لتكون الآية تصويراً مثاليا لما يسير عليه الحجاج , فهي تنفي وجود ما يمكن أن يخلّ بحجِّهم , لتبين أن الأصل في حج المسلمين كمالُ الأخلاق , وتمامُ النسك . الوقفة الرابعة : على كثرة عدد الحجاج إلا أنهم لن يعجزوا الله تعالى حفظا وعلما , فكل تحركاتهم وأقوالهم وأعمالهم يعلمها الله تعالى : " وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ " , فتأكد أنك مهما فعلت من الخير ولو كان يسيراً في الحج فإن الله يعلمه وسيجازيك عليه , ولن تختلط عليه الألسنة واللغات .. سبحانه وتعالى . الوقفة الخامسة : التقوى أساس الحج . ختم الله هذه الآية بالأمر بالتقوى , لأن الحج سبب للتقوى , فهو الطاعة العظيمة التي يطيع الإنسان فيها ربه , ولو كان فيه مشقة على نفسه . والتقوى ارتبطت بالعبادات كلها : الصلاة والزكاة والصوم والحج . ففي الصلاة والزكاة يقول تعالى : { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (3) سورة البقرة . وفي الصوم يقول سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة وفي الحج هذه الآية الكريمة . وقد بين سبحانه أن التقوى خير زاد للمسلم الذي يرجو ثواب الله , وهي خير دليل على كمال عقل المسلم ( يا أولى الألباب ) .أي : يا أولى العقول . والله تعالى أعلم . ملاحظة : يسعدني قراءة أي نقد أو إضافة . أبو سليمان 1/12/1432هـ
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
28-10-2011, 08:13 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jun 2011
البلد: الريــــــــــــــــاض
المشاركات: 271
|
وقفات مفيده
جزاك الله خير
__________________
عندما اقرا قوله تعالى { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} وأقـــــــــــــــول: من أنا حتى يذكرني صاحب العظمـــه... فأذكر الله"! سبحان الله والحمدلله والله اكبر لاالاه الاالله سبحان الله وبحمده لاحولا ولا قوه الا بالله |
28-10-2011, 08:27 PM | #3 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Guest
تاريخ التسجيل: Oct 2011
البلد: في كل مكان
المشاركات: 35
|
جزاك الله خير أولا أخوي بل والدي كبير المحايدين وجهدك واضح والله يوفقك لما يحبه ويرضاه. عندي استفسار
أنت فسرتها ووضحتها بعدها على طول وقلت :
فمثل الي جالسين عند البحر وحولهم خضره وأشجار قالوا لبعض واحد يصف لنا مانحن فيه .. فقام أحدهم فقال . كأننا والماء حولنا .. قوم جلوس وحولهم ماء دعابه بسيطه سيدي لكن استفساري أنا أسمع دايم العبارات هذا رفث وفسوق وجدال فما معناهن عربيا؟؟ ولك جزيل الشكر على مجهوداتك الواضحه |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30-10-2011, 01:40 AM | #4 | |||||||||||||||||||||||
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
شكرا أختي الكريمة أجمل ...
وفقك الله .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
|||||||||||||||||||||||
30-10-2011, 01:50 AM | #5 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
شكرا لك أخي قراقوش على إطلالتك فقد شرفتني ..
وأحترم نقدك عزيزي , ولكن ربما لو أعدت قراءة الموضوع لاكتشفت أنه لا يوجد تكرار ولا إعادة ,,, أما الرفث : فقيل هو الجماع لأن الحاج ممنوع من قرب النساء , وتفسير الرفث هنا بالجماع موافق لقوله تعالى : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " وقيل : هو الكلام الفاحش , وأشده ما كان في النساء ودواعيه . والفسوق : هي المعاصي بشكل عام وهو قول مجاهد وعطاء وطاوس وعكرمة وسعيد بن جبير وخلق كثير من المفسرين . وقال آخرون : الفسوق هو السباب , قال به ابن عباس وابن عمر وابن الزبير والحسن والنخعي ,, ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم : " سباب المسلم فسوق " ويرى ابن جرير بأن الفسوق هو ارتكاب محظورات الإحرام خاصة . ورجح ابن كثير القول الأول , ولعلك تراجعه لتستفيد من كلام ابن كثير , ففيه كلام نفيس . أما الجدال فهو معروف , وهو المراء ... لأن الجدال غالبا ينتهي بالخصومة ... تحية لك أخي العزيز .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
30-10-2011, 02:42 AM | #6 |
Guest
تاريخ التسجيل: Oct 2011
البلد: في كل مكان
المشاركات: 35
|
مشكور على التوضيح أخوي كبير المحايدين
وبارك الله بعلمك وعملك أنت انسان مفيد والانسان المفيد يستحق ان يسمى انسانا مشكووووور. |
30-10-2011, 03:48 AM | #7 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Nov 2010
البلد: |~ للـتـميـــز عـنــــوان ~|
المشاركات: 5,000
|
~ جزاك الله خير وجعله الله في موازين حسناتك ~ ***
__________________
إلهِي أظلّنِي بـ بُذورِ الأَمل وَ حثيثِ الدّعاءْ .!
|
30-10-2011, 07:32 AM | #8 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2011
البلد: بريدة.
المشاركات: 1,910
|
جزآكـ الله خيــر . .
زآد روحي ممتع
__________________
[FLASH="http://up.7cc.com/upfiles/Ey096011.swf"]width=480 height=320 t=1[/FLASH]
|
30-10-2011, 07:39 AM | #9 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
قراقوش : شكرا لعودتك , وحياك الإله .
صاحبة الامتياز : شكرا لك . راما : شكرا لك أيضا .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
30-10-2011, 07:40 AM | #10 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
الحلقة الثانية : قال تعالى : {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ , فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } (97) سورة آل عمران التعبير بالبيت هنا : فيه دلالة على ما يضيفه البيت لساكنيه أو زائريه من الأمن والأمان وطمأنينة النفس والاستقرار , فهو أول بيت تهوِي إليه القلوب { فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } (37) سورة إبراهيم . ومن المعلوم أن بيوت الناس لها حُرْمَةٌ وفيها الطمأنينة والسكن والأمن{وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } (80) سورة النحل , فهذا حال البيوت التي يصنعها الناس وتضاف إليهم , فكيف بالبيت الذي وضعه الله وأضيف إليه حين يقال : بيت الله ؟؟ وقوله سبحانه : " أول بيت " اختلف العلماء على قولين : فقال بعضهم : إنه أول بيت على الإطلاق وجد على الأرض قال به عبد الله بن عمر ومجاهد والسُّدِّي . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه والضحاك : إنه أول بيت وضع للناس مباركاً , فالأوليّة في قوله ( أول ) متعلقة بالحال ( مباركاً ) تعلقا معنويا وليس إعرابياً . ورجح ذلك ابن كثير . وقوله " للناس " اللام فيه للتعليل أي لهداية الناس جميعاً , فالبيت وضع من أجلهم . وإما أن تكون لشبه الملك أي أن البيت لهم يتعبدون فيه . " للذي ببكة " : اللام الداخلة على الاسم الموصول تفيد التوكيد , ويؤتى بها بعد ( إنَّ ) زيادة في توكيد الخبر , وتسمى المزحلقة . ببكة : البكُّ هو الزحام والضيق , وسميت بذلك لازدحام الناس فيها , وقد سمى الله مكة في القرآن بعدة أسماء : " مكة , وأم القرى , والبلد الأمين , البلدة " ولكن التعبير هنا جاء بفلظ ( بكّة ) لأن الحديث سيكون عن الحج وفرضيته على الناس , وهو موسم الزحام والضنك , فناسبَ اللفظُ الحال والسياق . " مبارَكاً " حال من الاسم الموصول " الذي " , وقد بارك الله في البيت الحرام من جميع النواحي , فجعله قبلة للمسلمين حتى قيام الساعة , وجعله مكانا لنزول وحيه , ومبعث خير أنبيائه , ومبنى خليله . والبركة في هذا البيت باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , بركة في الدين والمال والنفس والصحة والوقت . " وهدى للعالمين " هدى : معطوفة على مباركاً , ولعله من عطف الخاص على العام , لأن الهداية جزء من البركة , من بركة البيت الحرام أن جعله الله هداية للناس , يصلون إليه , وينبع منه نور الوحي , ويأوي إليه سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم . وقدم البركة على الهداية لأن البركة في البيت الحرام من عند الله تعالى ولهذا عبر عنها باسم المفعول , أي أن الله تعالى جعله مباركاً , وأما هدى فهو مصدر أسند إلى البيت نفسه , أي وهدىً هو للعالمين , وتقديم ما كان من عند الله أولى وأجل . وكلاهما من عند الله ولاشك , ولكن المسألة هنا مسألة لغوية , فالمبارك اسم مفعول أسند لما لم يسم فاعله , وأصل فاعله لو سمي هو الله تعالى , فوجب تقديمه . وأما هدى , فمصدر مبني للمعلوم , وفاعله ضمير يعود على البيت , فوجب تأخيره والله تعالى أعلم بالصواب . قوله تعالى : " فيه آيات بينات " الضمير في كلمة ( فيه ) يعود إلى البيت , والآيات البينات : هي العلامات الظاهرات على شرف هذا البيت وقدسيته , ومنها : مقام إبراهيم , والحجر الأسود , والحطيم , وزمزم , والمشاعر كلها .. [ تفسير البغوي ] قوله سبحانه : " مقام إبراهيم " للعلماء في إعرابها أربعة أقوال : الأول : أنه مبتدأ وخبره محذوف والتقدير : " منها مقامُ إبراهيم " . الثاني : أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره : " بعضها مقام إبراهيم " . الثالث : أنه بدل بعض من كل من كلمة ( آيات ) . وهذه الأعاريب الثلاثة ترجع إلى معنى واحد , وهو أن المقام بعض الآيات وليس كلها . الرابع : أنه عطف بيان ,, وهذا إعراب الزمخشري . ومعناه حينئذ إن الآيات هي المقام نفسه . لأن عطف البيان يأتي بيان لما قبله فيكون هو هو . وضعف العلماء القول الرابع لاعتبارات معنوية بأن المقام جزء من الآيات وليس هو الآيات كلها , ولاعتبارات نحوية بحتة مذكورة في كتب النحويين . " ومن دخله كان آمناً " الضمير في " ومن دخله " يعود إلى البيت , وليس إلى المقام , فالمراد أن من دخل البيت فهو آمن , وهذا استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا } (126) سورة البقرة , وكما قال عليه الصلاة والسلام عام الفتح : " من دخل البيت فهو آمن " . والتعبير بقوله : " كان " وهي تفيد الكينونة المطلقة التي لا ترتبط بزمن معين , وقوله ( آمناً ) جاءت بصيغة اسم الفاعل , وصيغة الاسم تدل أيضا على الثبوت والاستمرارية , وهي صفة ثابتة في الحرم بإذن الله تعالى , ولهذا من أراد أن يخرق هذه الصفة الثابتة فإن الله تعالى يصب عليه العذاب الأليم : " { وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (25) سورة الحـج ثم لما ذكر الله تعالى ميزات هذا البيت العتيق ( أول بيت وضع للناس , مبارك , هدى , فيه آيات بينات , فيه مقام إبراهيم , من دخله كان آمنا ) أنزل الله تعالى فرضية الحج إليه والزيارة لهذا البيت العتيق الذي هذه صفاته , فصارت صفة سابعة له . ومعنى قوله : " ولله على الناس " أي ولله فرض واجب على الناس . وهذا الأسلوب من أقوى أدلة الوجوب والفرضية , كما تقول : لله عليّ أن أفعل كذا , فهذا أسلوب نذر عظيم . حج البيت : الحج هو الزيارة في اللغة . والبيت : ( ال ) هنا للعهد الذكري : أي البيت المذكور آنفاً . ولأن زيارة البيت لن تكون بميسور الناس كلهم جاءت رحمة الله هنا بالتخصيص بعد العموم " من استطاع إليه سبيلا " أي أن الحج لا يجب إلى من وجد الاستطاعة , ووجد السبيل الموصل إلى البيت العتيق . و( مَنْ ) هنا من قوله : " من استطاع " بدل بعض من كل من كلمة " الناس " والتعبير بالناس هنا , والحج واجب على المسلمين فقط , ولا يجوز إلا من المسلمين فقط دليل على أن المسلمين هم الناس الحقيقيون وحدهم كما قال الشاعر : وإن الذي حانت بفَلْجٍ دماؤهم ,,, هم القوم كل القوم يا أم خالدِ ( ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) : أي ومن كفر بالبيت العتيق كُفْراً بأهميته , وكُفْراً بوجوب الحج إليه , وكفراً بعظمته , فإن الله تعالى غني عنه , كما قال سبحانه : {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ } (7) سورة الزمر . وناسب أن يذكر غنى الله تعالى عن الكافرين هنا بأن الله تعالى لم يوجب الحج على العباد لأنه محتاج إليهم سبحانه , بل ليعبدوه ويوحدوه , والحاجة في النهاية عائدة إليهم , فهم الفقراء إليه , وإلا فهو الغني جل جلاله , ولو اجتمع الناس قاطبة على عبادته فلن ينفعوه بشيء , ولو اجتمعوا كلهم على الكفر به لم يضروه بشيء . والله تعالى أعلم .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
30-10-2011, 02:23 PM | #11 |
.. فُــرٍجَـــتْ ..
تاريخ التسجيل: Nov 2008
البلد: خارج الخدمة مؤقتا-أعتذر
المشاركات: 3,091
|
فوائد جميلة ووقفات مباركة
نفع الله بك وجزاك الله خيراً
__________________
سبحان الله وبحمدهـ |
30-10-2011, 08:05 PM | #12 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
شكرا لك أخي مغترب على إطلالتك وتشريفك .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
30-10-2011, 10:44 PM | #13 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2009
البلد: بريدة
المشاركات: 8,223
|
جزاك الله خير
|
02-11-2011, 02:04 AM | #14 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
شكرا لك أخي أبا رامي .
الحلقة الثالثة : قال تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ , وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (26-27) سورة الحـج . ( وإذْ ) إذْ : هنا ظرف لما مضى من الزمان وهو معمول لفعل محذوف تقديره : " واذكرْ إذْ بوأنا " وهذا العامل يقدر في مثل هذه الآيات , والدليل على هذا التقدير قوله تعالى : {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ } (26) سورة الأنفال . ( بَوَّأْنا ) أي هيّأْنا , وجَعَلْنا ووطَّأْنا , والمراد : سهَّلْنا لإبراهيم تحديد مكان البيت , وهيّأنا له العثور على مكانه بعد أن رفع بعد الطوفان ( كما يقول أهل التفسير ) ( مكان البيت ) أي مكان الكعبة , والبيت المراد به هو الكعبة كما قال تعالى : {جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ } (97) سورة المائدة . ( أنْ لا تشرك بي شيئاً ) أنْ هنا تفسيرية لعلة التّبْوِئَة وتحديد مكان البيت , والمراد أن تيسير الله لإبراهيم مكان البيت يراد به الإخلاص لله تعالى ونبذ الشرك . وقوله ( شيئاً ) نكرة في سياق النهي فتكون عامة لكل ما يمكن أن يُشْرَكَ به مع الله تعالى , فالآية تنهى عن كل الشرك صغيره وكبيره , ظاهره وباطنه . قوله تعالى : " وطهِّرْ بيتي .. ) المراد تطهيرها من الأوثان والأصنام , وقيل من كل دَنَسٍ , وفي إضافة البيت إلى ضمير المتكلم العائد إلى الله تعالى تشريف لهذا البيت , وبيان علة التطهير من الشرك , وأنه بيت الله تعالى , المنَزَّهِ عن الشرك سبحانه . ( للطائفين ) للذين يطوفون بالبيت . ( والقائمين ) أي القائمين في للصلاة والعبادة . ( والركع السجود ) جمع : راكع وساجد , والمراد المصلِّين . فهذه ثلاثة أوصاف للمصلين : " القائمين , الركع , السجود " وهذا دليل عظيم على فضل الصلاة بشكل عام , وفضلها قرب البيت العتيق بشكل خاص . والتعبير باسم الفاعل هنا " الطائفين , والقائمين , والركع السجود " دال على ثبوت الصفة في هذا البيت , لأن اسم الفاعل يدل على الدوام , وهذا دليلٌ على أن البيت لا يخلو من طائف أو قائم أو راكع أو ساجد . وهل الطواف بالبيت أفضل أم الصلاة عنده ؟ خلاف بين أهل العلم . فالذين قالوا بأفضلية الطواف استدلوا بتقديم الله له هنا وفي سورة البقرة " { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة . ولأن الطواف لا يمكن أن يكون إلا بالبيت , فمن كان قرب البيت فالطواف به أولى لأنه لن يتمكن من الطواف في غير هذا الموضِع , في حين أن الصلاة تتم في أي مكان في الدنيا . والقائلون بأفضلية الصلاة بأن الله تعالى خصها بثلاثة أوصاف " القائمين , والركع السجود " . وما كان مذكورا بثلاثة أوصاف أفضل مما ذكر في وصف واحد . وتوسط بعضهم : فقال إن كان من أهل الأمصار فالطواف له أفضل , وإن كان من أهل مكة فالصلاة له أفضل . والخلاف مذكور في كتب الفقه والتفسير كما أشار إليه ابن كثير في تفسيره عند آية البقرة . والآية ردٌّ على قريش الذين ملؤوا البيت أصناماً وأوثاناً , بأن الله تعالى أمر إبراهيم وهو الذي بنى البيت بأن يطهرها من كل رجس , وأن يطهرها من الأصنام والأوثان , فكيف تدنِّسُونَه بها , وأنتم الذين تزعمون تعظيمَهُ وسدانتَه ؟ فلما تجهز البيت بناءً وتطهيراً لقاصديه جاء دور العبادة العظمى التي يحتضنها البيت العتيق , إنه الحج الأكبر , والزيارة العظمى لهذا البيت الكريم لأداء الأنساك تعبدا لله وتقربا إليه , وحيئنذٍ أمر الله تعالى نبيّه إبراهيم أن ينادي الناس بالحج . ( وأذِّنْ ) أمرٌ بالأذان , وهو في اللغة الإعلام , أي قُمْ بدور الإعلام الصوتي لجميع الناس بأن الله تعالى شَرَعَ لَهُمْ الحجّ فليحجوا . ومن إكرام الله تعالى لخليله إبراهيم أن جعل الناس يستجيبون لهذا النداء العظيم , الذي بلَّغه الله الآفاق , فأصبحوا يأتون أفواجا من كل مكان . ولذلك قال : " يأتوك " أي إذا أذَّنْتَ فإن المحصلة لهذا العمل أنهم سيأتونك على الحال التي وصفتها الآية . والفعل ( يأتوك ) مجزوم بحذف النون لأنه جواب الطلب ( أذِن ) , وجاء الجواب مضارعاً للدلالة على تجدد هذا الإتيان , وأنهم سيأتون ويأتون في كل وقتٍ وآن , وأنه سيذهب أناس ويأتي آخرون حتى يرث الله الأرضَ ومن عليها . وفي التفسير أن إبراهيم عليه السلام سأل ربه : كيف يؤذن في الناس كلهم وصوته لا يبلغهم , فأخبره الله تعالى أن عليه الأذان وعلى الله البلاغ .. رواه ابن جرير عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما . وهذا فيه دليل عظيم على فعل الأسباب , وأن الله تعالى يجري على عباده أسباب الأعمال , حتى ولو كانوا أضعف من القيام بها كلها , ولكنه سبحانه يعلمهم العمل والدأب وعدم الاتكال , وإنما بالتوكل على الله والقيام بما نيط بهم من عمل ولو كان يسيراً . ومثل هذا قوله تعالى لمريم : {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} (25) سورة مريم فالله تعالى قادر على أن يساقِطَ الرطبَ على مريم ولو لم تهز النخلة , ولكنه أراد لمريم أن تفعل السبب فتهز النخلة ولو باللمس , لأنه كيف بامرأة فيها المخاض وآلام الطلق والولادة أن تهز جذع نخلة , ومن المعلوم أن جذع النخلة من أقوى جذوع الأشجار الموجودة على وجه الأرض . ومع ذلك أمرها بأن تهز قدر استطاعتها , لما ذكرنا , وهو ما فسره الفاروق بقوله لمن بات في المسجد لا يعمل ولا يسعى في الرزق : أما علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ؟ ( رجالاً ) أي يمشون على أرجُلِهم , فهي جمع ( راجِل ) وهو الماشي , وليس جمع ( رجل ) كما يتوهم بعض العامة . وإعرابها ( حال منصوبة ) . ( وعلى كل ضامر ) الضامر هي الناقة الهزيلة ,, من ضمور البطن أي هزاله , وقد تكلق الضامر أيضا على الفرس , والمراد به هنا أنهم راكبون . وقوله ( على كل ضامر ) حال بعد حال , فكأنه قال : يأتوك ماشين وراكبين . ( يأتين ) الجمع هنا يراد به النوق أو الخيول الضامرة , لأنه جمعَ فقال " كلّ ضامر " . من كل فج : الفج : هو السبيل والطريق , وجمعُه : فِجاج كما قال تعالى : {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} (31) سورة الأنبياء . عميق : أي بعيد . وهذه النتيجة ( مجيء الحجاج راكبين وماشين من أقطار بعيدة ) استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام حين قال : " {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (37) سورة إبراهيم . وفي الآية دليل على فضل عبادة الحج , وأن الله تعالى أوجبها على الأنبياء من قبل محمد صلى الله عليه وسلم , فهذا إبراهيم أبو الأنبياء وسيد الحنفاء يأمره بالله بالحج وأن يأمر الناس به , وأولى الناس باستجابة دعوته هم الأنبياء من بعده ومن ذريته . وفيه دليل على فضل السير إلى الحج إما ركوبا وإما مشيا , لأنه استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام حين أمره ربه بذلك , وإجابة نداء إبراهيم الذي نادى بأمر الله تعالى هو استجابة لأمر الله تعالى أولا وأخيرا , ولهذا شُرعَ للحاج أن يقول ملبيا الدعوة : " لبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ " أي إجابة لك بعد إجابة . فالمسلم حين يلبي لله تعالى عليه أن يستشعر نداء إبراهيم عليه السلام في هذه الآية , ونداء محمد صلى الله عليه وسلم " أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا " رواه مسلم . والتلبية لنداء الحج هنا مشابهة لتلبية نداء الصلاة حين يقول المنادي : حَيَّ على الصلاة , حَيَّ على الفلاح , فيقول السامع : لا حول ولا قوة إلا بالله . فالحج والصلاة وشعائر الإسلام كلها قائمة على توحيد الله تعالى وطاعته والانقياد لأوامره , ونبذ الشرك والكفر . نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم , وأن يرزقنا الفقه في دينه , إنه قريب مجيب . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . كتبه الفقير إلى عفو ربه : علي بن سليمان الحامد . 5/12/1432هـ
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|