27-09-2008, 09:35 AM
|
#1
|
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2007
البلد: !!!
المشاركات: 2,024
|
( آمــنـــتُ أنَّ جِـــدَال الــنــاس مــنـقــصـة ٌ . . . )
آمنت أن جدال الناس منقصة !!!
قال الله تعالى { ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين } سورة العنكبوت .
إن من حكمة المولى سبحانه أن خلق الخلق وفرق بينهم في ألسنتهم وألوانهم فمنهم الأبيض ومنهم الأسود ومنهم العربي والفارسي والاوردي وغير ذلك من اللغات المنتشرة في أرجاء المعمورة , وكما أن انه فرق بين ألوانهم وألسنتهم فقد فرق أيضا بين عقولهم وأفها مهم مما نتج عنه خلاف في فهم بعض النصوص الفقهية لدى علماء المسلمين , أقول الفقهية لأن المسائل العقدية لا مجال للاجتهاد فيها البتة فليست العقيدة إلا قولا واحدا . .
إن تباين الأفهام أورثنا في هذا العصر تراث فقهي عظيم من اجتهادات السلف تعددت فيه الآراء حسب تخاريج العلماء للنصوص الفقهية وهذه التخاريج أو التآويل هي نتيجة توجه فهم الفقيه المستساغ شرعا وعقلا لمسألة من المسائل , فتجد مسألة من المسائل تتعدد فيها الأقوال حتى لتمر في بعض الأحيان بالأحكام التكليفية الخمسة كلٌّ حسب اجتهاده واستدلاله " المسوَّغ " . .
وان من القواعد التي قررها العلماء ومنهم شيخ الإسلام رحمه الله ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) وقد قال شيخ الإسلام (أما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهداً أو مقلداً. )
ومما عجبت له قبل أيام حينما صليت على جنازة لما سلمنا كان أمامي بالصف أخ من إخواننا المصريين فسلم تسليمتين ونحن على مذهب الإمام احمد نسلم واحده ترجيحا لأحد أقواله , فأسرع إليه احدهم وكان يظهر من هيئته وطريقة كلامه أنه جاهل متعجل , فأغلظ القول لهذا الأخ وقال له : لا يجوز وهذا حرام وبدعه !!!
فما ذنب هذا المسكين حتى يُبدَّع ويُفَسَّق وهو إنما اتبع مذهب من المذاهب التي استدلت بحديث ابن مسعود رضي الله عنه ( ثلاث خلال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن , تركهن الناس , إحداهن : التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة ) أخرجه البيهقي وقال النووي في المجموع " إسناده جيد " وحسنه الألباني في أحكام الجنائز . .
بل إن هذا القول رواية عن الإمام احمد رحمه الله كما جاء في الإنصاف ( 2/525)
وقد حصل لي في العام الماضي موقفا كهذا الموقف حينما ذهبت إلى مصلى العيد ومشهور عند الناس أن لا تحية لمصلى العيد وأنا قد قرأت في فقه الدليل للعلامة عبد الله الفوزان ترجيح خلافَ فعل الناس فقال : قال الحافظ ابن حجر : ( والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها ولا بعدها , خلافا لمن قاسها على الجمعة وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص , إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام ) " فتح الباري 21/1476"
قال الشيخ ـ الفوزان ـ : واختار هذا القول النووي وهو قول قوي لان الأصل إباحة الصلاة حتى يثبت دليل النهي , وعلى هذا فيصلي تحية المسجد ودليل ذلك الأمر بتحية المسجد للداخل ومصلى العيد مسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحُيَّض باعتزاله , قال صاحب المنتهى : ومصلى العيد مسجد . " منتهى الإرادات 1/ 83 " هذا إذا صليت العيد في المصلى , فإن صليت في المسجد لعذر من مطر أو رياح صلى تحية المسجد اتفاقا ثم جلس للتكبير والذكر ولا يشتغل بالصلاة والله أعلم ) فقه الدليل (2/ 341) .
وقرأت في كتاب ( النكت والفوائد السنية على مُشكل المحرر ) لشمس الدين محمد بن مفلح قوله ( وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي قتادة انه عليه الصلاة والسلام قال : " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " وهذا الدليل بفعل تحية المسجد بينه وبين دليل كراهة الصلاة قبل العيد وبعدها عموم وخصوص لكن هذا أصح وهي صيغة نهي فرجح لو تساقطا , فالأدلة المطلقة على استحباب الصلاة مطلقا تتناول هذا الفرد الخاص لا معارض لها فيه فيعمل بها ) . (المحرر ومعه النكت تحقيق د. عبد الله التركي 1/261 ) .
ففهمت من هذه الأقوال أن الأولى أن يحيا مصلى العيد بتحية المسجد وان كان غالب الناس لا يفعل فهذا لا يدل على ضعف هذا القول , فأديت التحية لله وحده في مصلى العيد بين المسلمين !!
لم أصلها إلى صنم ولا في حمام !! فشنع علي أحدهم وأقام الدنيا ولم يقعدها فأخبرته بما اعتقده وأنه لا مجال للإنكار في مثل هذه المسائل فكلنا نقلد العلماء المجتهدين , إلا أن صاحبي لا يرضيه إلا أن أقول له أنه على صواب وأني مخطئ , فطال نقاشنا وفاتنا عيدنا ـ لحقت عليه متأخرا ـ وانتهت تلك الجلسة بعد ذلك الكلام الطويل بقوله ( ولو ) وإذا قال لك أحدهم (ولو) فمد رجليك . . لا بل انسدح أرضا وأسمعه شخيرك !!
كان شيخ الإسلام رحمه الله تعالى شديد الإنكار على المتصدرين للكلام في الدين على غير أهلية منهم لذلك حتى قال له أحدهم : أجُعِلْتَ محتسبا على الفتوى ؟!
فأجابه : أيكون على الخبازين والطباخين محتسب ولا يكون على الفتوى محتسب ؟!!مشكلتنا أيها الأحبة في منهجية التعامل مع المخالف وقد نقل صاحب كتاب " أيها الأصدقاء تعالوا نختلف " في صفحة (45) كلاما جميلا جدا قال : جاء في كتاب ( الإمتاع والمؤانسة ) وهو مجموع مسامرات في علوم وفنون ومعارف شتى حاضر بها الأديب العالم الفيلسوف أبو حيان التوحيدي الوزير أبا عبدا لله العارض في عدة ليال , وكان مما دار بينهما في الليلة الأربعين سؤال الوزير : من أين دخلت الآفة على أصحاب المذاهب حتى افترقوا هذا الافتراق وتباينوا هذا التباين وخرجوا الى التكفير والتفسيق وإباحة الدم والمال ورد الشهادة وإطلاق اللسان بالجرح وبالقذع والتهاجر والتقاطع فكان من الجواب :
لما كانت المذاهب نتائج الآراء , والآراء ثمرات العقول والعقول منائح الله للعباد وهذه النتائج مختلفة بالصفاء والكدر وبالكمال والنقص وبالقلة والكثرة وبالخفاء والوضوح , وجب أن يجري الأمر فيها على الاختلاف والافتراق ومادام الناس على فطر كثيرة وعادات حسنة وقبيحة ومنا شيء محمودة ومذمومة وملاحظات قريبة وبعيدة فلا بد من الاختلاف في كل ما يختار ويجتنب . . وكل من حاول رفع هذا فقد حاول رفع الفطرة ونفي الطباع وقلب الأصل وعكس الأمر وهذا غير مستطاع ولاممكن . . )
هذا ما تيسر والحمد لله رب العالمين . .
__________________
مَـنْ يـُعَـمّـَرْ يـَجِـدْ أَحِـبّـَاءَهُ فِـيْ الأَرْضِ أَوْفـَى مِمَّنْ عَـلَيْـهَا وَأَحْـنَـى ..!
آخر من قام بالتعديل دعبل نجد; بتاريخ 27-09-2008 الساعة 09:48 AM.
|
|
|