هَيَّا خُذينيْ .. طَالتْ سنينيْ ، وامسحيْ خدي والجَبينِ..!!
.
.

هَيَّا خُذينيْ .. طَالتْ سنينيْ ، وامسحيْ خدي والجَبينِ..!!
الحَيَاةُ بِأيَّامِهَا عَلى أيَادِينا مُقَيَّدَة ، وَبِزَنَازِنِهَا وَوجوهـُ شَاحِبَةٌ ، وَدموعٌ ذَارِفَة ، حَتى الأقدَامُ كَأنَّهَا تُجَرُّ لِتَعيشَ كَأسيرٍ يُجَرُّ لِلمشنَقَة .
سَأُفيقَ لأكتُبَ حُروفٌ طَائَِشَةٍ ، وَصَاحِبٍ لَكُم أشَغلَكُم بِهَذيَانِه ، كَطِفْلٍ تَعَلَّمَ مَسكَ القَلَمِ وَبدأَ يَكتُبُ عَلى كُلِّ جِدَارٍ يُقَابِلُه .
مَا كَانَ لقَلميْ أنْ يَخضَعَ لأحدٍ وَيَترَجَّاهـ ، وَلا لِنَفسيْ أنْ تَتَحَسَّرَ وَتشكوا قَلبَاً أدمَاهـ .
مُؤِلمٌ أنْ يَبكي المَرءُ ولا يَعرِفُ مَا بِهِ مِنْ عِلَّه ، وَطَبيبٌ حَارَ في أمرِهـِ !!
آآهـٍ على الدُّنيَا لَمْ تَكُن وَردَةٌ نُغَذِّهَا مِنْ أرواحِنَا فَيَطولُ عُمرُهَا ، إنَّمَا أيَّامٌ مُقَدَّرٌ لَنَا أنْ نَعيشَهَا وَلا نَعلَمُ مَا تُخَبِّئُهُ لَنَا .
شَخْصٌ يَمشيْ وَيتَعَثَّر ، وَلِسَانٌ يُتمتِمُ وَيَتَعبَّر ، وَعَينٌ تَدمَعُ وَتَتحَدَّر ، وَقَلبُ يَنبِضُ وَيَتفَطَّر ، ألَماً بِأجسَادِنَا يَنخَر ، يَا حَيَاةٌ طَاَلتْ بِأيَّامِهَا تَصدِمُنَا وَتَحفِر !!
مَهَلاً مَهلاً بِجَسَدٍ ذَبلُ وَابيَضَّ الشَّعرُ وَانحنى الظَّهر ..!
هَيَّا خُذينيْ .. طَالتْ سنينيْ ، وامسحيْ خدي والجَبينِ.. !!
أسَتُصَالِحُنَا الحَيَاة ، أمْ أنَّهَا سَتَخوننا يَومَاً مَا وَ بِنَا تَغدِر !!
مَركَبُ الحَيَاةِ حُطَامٌ وَجَسَدٌ مُتَرَهِّل ، أيَّامُهَا ظلامٌ دَامِسْ ، وَمِنْ بَينِ سَرَادِيبِهَا صَوتُ أنينٍ مُوِحشٌ .
كَمْ مِنْ مَرَّةٍ رَكِبتُ مَركبيْ مُغَادِرَاً شَواطِئَهَا ، فَترمينيْ أمواجُهَا في أحضَانِهَا .
قابَلتُ طِفْلاً يَحمِلُ حَقيبَتَهُ خَلفَ ظَهْرِهـِ وَاقِفٌ عِندَ أحدِ المَرَاكِزِ الغِذَائيَّة ، يَكثُرُ الفُقرَاءُ في هًَذهـِ المَديَنة ، كَانَ يُغنيْ لِيجمعَ بِضَعَ دَرَاهِمٍ يَسدُّ بِهَا جوعَه .
سَمِعتُ مِنْه تَمتَمَةً وَهَفواتُ حُروفٍ رَقيقَةٍ خَجولَة !!
كَأنَّ نَفسيْ وَأحَسَّتْ بِجَرحٍ وَتَجَرَّعَتْ مَرَارَته .
أخَذتَنيْ إليِهِ إلتِفَاَتة .. تَقَدَّم نحوي وَقَالْ : أتُريدُ سَمَاعَ كلاسيكيَّةٌ أمْ رومانسيَّة ؟!!
قُلتُ لَهُ : سَمِّعنيْ بِصوتِكَ بِدونِ آلَة ..
وَضَعَ عَلى إصَبعَهُ بِأذنِهِ ، وَبَدأ أُغنيَتَهُ بِتَنهيدِةَ !!
جِرَاحٌ عَلى أصَابِعهِ ، وَثيَابٌ رَثَّةٌ بَاليَة ، وَشَفتانِ تَرتَعشَانِ بَرَاءَة ، وَجَسدٌ يَخبِّيءُ خَلفَهُ نِيرَانُ هَمٍّ مُحرِقَة !!
بَدأ صَوتُهُ الكَسيرُ يَرتَفِعُ وَكأنَّهُ قَدْ غَابَ عَنْ وَعيهِ وَلا يُبَاليْ بِمَنْ حَولَه ، حتى أمطَرت عَينُهُ بِدموعهِ !!
وَضَعتُ يَدي على كَتفِهِ لِيَتَوقَّف ، فَكَأنَّمَا أيْقَضتُهُ مِنْ نومِهِ !!
قُلتُ لَه لي سُؤالٌ هَلْ سَتَتَقبَّله ؟!!
طَأطأ رَأسَهُ بِالموَافقَه ، فَقُلتُ لَه : مُنذُ مَتى والرومَانسيَّةُ والكلاسيكيَّةُ مَعزوفَةٌ حَزينَة !!
لَمْ أجِدْ منه جَوابَاً فَغادَرتُه !
يَا الله ، أُنَاسٌ كَأنَّ ولادَتهم أتَتْ بِزفرَةٍ وَتنهيدَة ، وَحيَاةُ رَمتْهمُ بَينَ أَنيَابِ أيَّامٍ لا تَعرِفُ الرَّحمَةِ .
مَا ذنبُ هَذا الصَّغير وَمَنْ سَيُداويْ جِرَاحَهْ .. حَتى اخْتَلفَتْ مَوازينُ الحيَاةِ وَاختلَطتْ عَليهِ ألحَانَهْ .
تَجَاربُ الحَيَاةِ ، تَصنَعُ في المَرءِ شَخصيَّةُ أُخرى مُغَايرَةٌ تَمَامَاً
عَنْ الوَاقِعِ الذيْ كَانَ يُؤمِّلُهُ وَيَعيشُهُ بَلْ وَيحَلمُ بِهِ وَيَتَصوَّرُهـُ
وَقَدْ يَتنَازَلُ المَرءُ عَنْ شَيءٍ في شَخصهِ إِذَا ظَرفٌ مَا أجَبرَهـُ
عَلى ذَلِكْ .
يوَمَاً ما سَتَجِفُّ العُروقُ وَتَذبل الوُرودْ
والقَلَمُ إنْ صَاحَبَكَ يومَاً سَيُغَادِرُ غَدَاً
كُلَّمَا لَمَحتُ طَيفكَ ، فَاَضَ قَلبيْ بُحروفِهِ
لَكِنَّهُ مُقَدَّرٌ لَنَا أنْ لا تَرسوا مَرَاكِبَنَا .
حُروفٌ تَائِهَةٌ عَلى هَذهـِ الصَّفحَة ..
سَامحَ اللهُ مَنْ بِالمَاسِنجَرِ هَيَّضَ القَلبَ وَحرَّكَه .
حَلِّقْ بَعيدَاً يَا قَلبَاً سَكَنَ الفُؤَادَ وَزَلزَلَ عَرشَهُ وَأركَانَه
وَدُمْ بِحُبٍّ قُربَ ضَعيفٍ حَلَّقَ في سَمَا رُوحِك ، وَأنْهَكَتْهُ أشجَاَنَه ..!!
أحْرُفٌ تَحَكيْ عَنْ بَعضِ القُلوب ..!!
أُكَررُ .. مَا قُلتُه لكم حُروفٌ في مَركَبٍ بِلا أشرِعَة ، تَاهَتْ بَينَ أسْطُرٍ مُشَتَّتَةٌ ، وَبِضَاعَةٌ بَخِسَة ..!
رَزَقَكُم اللهُ حَيَاةً تَرفُلُ بِالهَناءِ والسَّعادَة
أستَودِعُكم اللهُ الذي لا تَضيِعُ وَدَائِعُه
أخيرَاً فَمَا كَانَ مِنْ صَوابٍ فَمِنْ اللهِ وَمَا كَانَ مِنْ خَطا فَمِنْ نَفسيْ والشَّيطَان
عُذرَاً عَلى الإطَالَةِ ورَكَاكة الأسلوب
دُمتم بِحفظِ الرَّحمنِ وَرِعَايَتهِ
.
.
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
آخر من قام بالتعديل قاهر الروس; بتاريخ 06-06-2009 الساعة 05:00 AM.
|