[أبو عمر القصيمي]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد :

مسألة ( حلق شعر الرأس ) مسألة مهمة وقد وُجد الخلط فيها وإطلاق الحكم من البعض إما بالمنع أو الإباحة ، وهذه المسألة فيها عدة بحوث ورسائل ولكني سألخص أبرز فوائد هذه المسألة معتمداً على الأدلة الشرعية وأقوال العلماء الموثوقين كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وبعض المعاصرين رحمهم
الله .

حلق الرأس على خمسة أنواع :

النوع الأول : حلقه في النسك الحج والعمرة ، فهذا مشروع ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، والحلق فيه أفضل من التقصير لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اغفر للمحلقين ) ثلاث مرات وفي الرابعة قال : ( والمقصرين )
ويلاحظ على بعض المقصرين في النسك أنه يستعمل المقص ويأخذ شعرات قليلة قد تكون من جهة واحدة ولا يعم جميع الرأس ، والأولى هو أن يأخذ من جميع رأسه وهو ظاهر النصوص والله أعلم .
فائدة : اختلف في ماكينة الحلاقة درجة صفر هل تعتبر من الحلق أو التقصير ، ذهب الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع إلى أن الحلق هو ما كان بالموسى وليس بالماكينة ، فالماكينة تعتبر تقصيراً حتى لو كانت على أدنى درجة ، ولأنها لا تأخذ الشعر من أصوله .

النوع الثاني : حلق الرأس للحاجة ، كأن يحلقه للتداوي ، فهذا جائز بالكتاب والسنة والإجماع .

النوع الثالث : حلق الرأس على وجه التعبد والتدين والتزهد من غير حج ولا عمرة ، كما يأمر بعضهم التائب إذا تاب بحلق رأسه ، أو أن يجعل حلق الرأس شعار أهل النسك والتدين ، أو يجعل من يحلق رأسه أفضل وأدين وأزهد ممن لم يحلقه ، فهذا النوع قال عنه شيخ الإسلام : بأنه بدعة لم يأمر الله بها ولا رسوله .
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن الخوارج وقال : ( سيماهم التحليق ) فهو شعار لهم ، ولأنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حلق الرأس إلا في النسك فكيف نتعبد به عندئذ ؟

النوع الرابع : حلق الرأس في غير النسك بلا حاجة ولا على وجه التقرب والتدين ، فهذا اختلف العلماء رحمهم الله فيه على قولين :
الأول : أنه مكروه وهو مذهب المالكية ورواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، ويستدلون بأنه تشبه بالخوارج ولأنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلق إلا في النسك .
الثاني : أنه مباح ، ويستدلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى غلاماً قد حلق بعض رأسه فنهاهم عن ذلك وقال : ( احلقوه كله أو اتركوه كله ) رواه أبو داود .
والأظهر والله أعلم في هذا النوع : أن الأفضل هو ترك الشعر لمن كان قادراً على القيام بمؤنته وتنظيفه وتعاهده كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل ، وإلا فليقصره ليخرج من الخلاف فيمن كره الحلق والله أعلم .

النوع الخامس : القزع وهو : حلق بعض الرأس وترك بعضه ، ويسمى بالتواليت وهو أنواع :
1 / أن يحلق غير مرتب ، فيحلق من الجانب الأيمن ومن الأيسر وهكذا .
2 / أن يحلق وسطه ويترك جانبيه .
3 / أن يحلق جوانبه ويترك وسطه قال ابن القيم : " كما يفعله السفل "
4 / أن يحلق الناصية ويترك الباقي .
وحكمه : الكراهة وهو مذهب الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن القزع ) كما في الصحيحين . وذهب ابن إبراهيم رحمه الله في الفتاوى إلى عدم جوازه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الممتع : " والقزع مكروه .. إلا إذا كان فيه تشبه بالكفار فهو محرم لأن التشبه بالكفار محرم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) وعلى هذا فإذا رأينا شخصاً قزّع رأسه فإننا نأمره بحلق رأسه كله ، ثم يؤمر بعد ذلك إما بحلقه كله أو تركه كله " انتهى .

هذا ما تيسر جمعه وترتيبه في هذه المسألة أسأل الله أن ينفعني والقراء به وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .