|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
نسألك يارب غيثاً مغيثاً
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: الرياض.
المشاركات: 7,025
|
أدب الـمنـاظـرة (2)
*ذكر مصطفى لطفي المنفلوطي في كتابه هذه القصة:
(( كان يقع بين ملك من الملوك ووزيره خلاف في مسائل كثيرة حتى يشتد النزاع بينهما وحتى لا يُسلِسَ أحدهما لصاحبه في طرف مما يخالفه فيه، فحضر أحد الحكماء في إحدى الليالي وهما يتناظران - أي الملك ووزيره - في المرأة يعلو بها الملك إلى مصاف الملائكة، ويهبط بها الوزير إلى منزلة الشياطين،ويسرد كلٌ منهما على مذهبه أدلته، فلما علا صوتهما واشتد لجاجهما خرج ذلك الحكيم وغاب عن المجلس ساعة، ثم عاد وبين أثوابه لوح على أحد وجهيه صورة فتاةٍ حسناء، وعلى الآخر صورة عجوز شوهاء فقطع عليهما حديثهما وقال لهما: أحب أن أعرض عليكما هذه الصورة ليعطيني كل منكما رأيه فيها، ثم عرض على الملك صورة الفتاة الحسناء فامتدحها ورجع إلى مكان الوزير وقد قلب اللوح خلسةً من حيث لا يشعر واحد منهما بما يفعل وعرض عليه صورة العجوز الشمطاء فاستعاذ بالله من رؤيتها وأخذ يذمها ذماً قبيحاً، فهاج غيظ الملك على الوزير وأخذ يرميه بالجهل وفساد الذوق وقد ظن أنه يذم الصورة التي رآها هو. فلما عادا إلى مثل ماكانا عليه من الخلاف الشديد استوقفهما الحكيم وأراهما اللوح من جهتيه فسكن ثائرهما وضحكا ضحكاً كثيراً، ثم قال لهما: هذا ما أنتم فيه منذ الليلة، وما أحضرت إليكما هذا اللوح إلا لأضربه لكما مثلاً لتعلما أنكما متفقين في جميع ما كنتما تختلفان فيه لو أنكما تنظران إلى المسائل التي تختلفان فيها من جهتيها، فشكرا له همته، وأثنيا على فضله وحكمته وانتفعا بحيلته انتفاعاً كثيراً فما كانا يختلفان بعد ذلك - أي الملك والوزير - إلا قليلاً... انتهت القصة))."*" * يغفل الكثير منا - وأبدأ بنفسي أولاً - أن كثير من الموضوعات التي تطرح للنقاش فيها أوجه اتفاق، وأوجه الاتفاق تساعد على أشياء كثيرة، سأذكر اثنين منها: * الأول: أن أوجه الاتفاق في الموضوع المطروح تساعد في ( بعض الأحيان) على الاتفاق في الأوجه المختلف عليها. * الثاني: فإن لم يحصل الاتفاق في الأوجه المختلف عليها، فإن أوجه الاتفاق في الموضوع المطروح لها دورها في حفظ الود والاحترام فيما بين المتناقشين. * فإن لم يكن في الموضوع المطروح أوجه اتفاق، فأرجع إلى ما ذكرته في الجزء الأول من أدب المناظرة وهو: أنه لابد لكل واحد منا أن يحترم من أمامه ولو خالفه في الرأي. * ولا تنسى عزيزي المُناظر أن تدعم نقاشك بالأدلة إن وجدت. "*" المصدر الذي نقلتُ القصة منه هو: الأعمال الكاملة، لمصطفى لطفي المنفلوطي، طباعة درا النموذجية صيدا - بيروت، صفحة (90 - 91)، والكتاب موجود في السوق. * هذا هو الجزء الثاني والأخير من أدب المُناظرة، وإلى موضوعات قادمة بإذن الله. * ودمتم بود.
__________________
. . (( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))
|
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|