بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » روح وريـحان

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 03-03-2009, 04:38 PM   #1
الكامل
عـضـو
 
صورة الكامل الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 319
روح وريـحان




قد اعتادتْ نفوسنا أن ألا تُبصر شيئاً قط إلا من قِبل مساوئه ، وتلك عادة ذميمة في تركها مئونة شديدة ، علينا أن نجبن عن فعلها.
كيف وبعض الناس قد نصب نفسه إماماً للعالمين ، يزدري من يشاء ، ويذمّ كيف يشاء ، إليه العقاب ، وإلى مَن أساء الثواب ،
فهذا لونه آدم ، وذاك ملبسه غير رتيبٍ ، وتلك كلامها ركيك ... حتى تجاوز بعضهم إلى ذمّ الصانع لا المصنوع ! فإن الله هو الصّانع ،
ثم يأتي غِرّ يستصغر رجلاً لخلْقته ، لا يصرف نظره إليه من شدّة ضحكه على تقاسيم وجهه ، و دمامته.
فليتقّ الله مَن كان في قلبه مثقال ذرّة إيمان بأن هذا خلق الله لا خلقه ، فإنْ يأمَن عقوبة ذلك المخلوق ، فأينه من خالقه.

ذكرتُ ذلك إذ كنتُ مع صاحب لي ، رأيتُ معه قمر يسير ، قد أُوتي شطر الجمال ، فوقع في نفسي أن أبتلي أباه ، والرّجال بذلك يميزون.
فقلتُ له: ما رأيتُ يوماً قط أحسن من ابنك هذا!.
فقال متضاحكاً : فكيف إن رأيتَ أمه؟.
فاستحييتُ ، وعددتُ ذلك من فساد طبعه ، وقلة مروءته.
فقالَ وقد بدا عليه الجِدّ: إني أكره الجمال! ، وربّة هذا الصبي أقبح النساء في أنظار الناس ، ولكنها كانت لي أحبّهم.
فبقيتُ كالمشدوه من عجيب ما أسمع وتكذيب ما أرى منه ، ثم قال: أنا من الناس الذي يرى الجمال بعينه لا بشكله ،
على حين أنّ الجمال الظاهر يدعو إلى فساد الباطن فأتركه لأهله.
فقلتُ: إنك تُغالي في قولك ، وتخالف طبائع نفسك.
فقال: لا والله – وقد اصطفيتُ من قبلها ، امرأة جميلة مليحة ، فبالغتْ في ضرّها بقدر جمالها ، وجحدتْ ما أسبغتُ عليها من نعم ،
حتى كان منها هذا الصّبي. وإنّ لي فيه خبر عجيب.

يقول: كنتُ أنزل من صلاة العشي ، فإذا بشيخ كبير يعترض طريقي ، ويدعوني إلى بيته ، فاستجبتُ له حباً وكرامة في لطفه ،
فلما ولجتُ باب بيته المتهالك ، أشفقتُ من حياته البائسة ، فإنك لا تجد مكاناً تقعدُ فيه إلا وقد سبقك الهوام إليه.
فسألني على حين غفلة: لو أنّ لك بنتاً دميمة شوهاء ، لا غنى لك عنها ، قد تأبتْ على نفسها الزواج ، ما كنت تصنع بها؟
فحرتُ الجواب ، فبادرني قوله: ليس هو سؤال أسألك إيّاه ، وأنما هو حال بنيّتي التي كُتب عليها الشقاء لأجلي ،
فآلتْ على نفسها أن تدع الزواج ما دمتُ حياً ، وقد أبطأت روحي عليها ، ولو أني أملك نفسي لتوفيتها من أمد بعيد.

يتبع – بإذن الله.




آخر من قام بالتعديل الكامل; بتاريخ 03-03-2009 الساعة 04:45 PM.
الكامل غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:02 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)