|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 319
|
روح وريـحان
قد اعتادتْ نفوسنا أن ألا تُبصر شيئاً قط إلا من قِبل مساوئه ، وتلك عادة ذميمة في تركها مئونة شديدة ، علينا أن نجبن عن فعلها. كيف وبعض الناس قد نصب نفسه إماماً للعالمين ، يزدري من يشاء ، ويذمّ كيف يشاء ، إليه العقاب ، وإلى مَن أساء الثواب ، فهذا لونه آدم ، وذاك ملبسه غير رتيبٍ ، وتلك كلامها ركيك ... حتى تجاوز بعضهم إلى ذمّ الصانع لا المصنوع ! فإن الله هو الصّانع ، ثم يأتي غِرّ يستصغر رجلاً لخلْقته ، لا يصرف نظره إليه من شدّة ضحكه على تقاسيم وجهه ، و دمامته. فليتقّ الله مَن كان في قلبه مثقال ذرّة إيمان بأن هذا خلق الله لا خلقه ، فإنْ يأمَن عقوبة ذلك المخلوق ، فأينه من خالقه. ذكرتُ ذلك إذ كنتُ مع صاحب لي ، رأيتُ معه قمر يسير ، قد أُوتي شطر الجمال ، فوقع في نفسي أن أبتلي أباه ، والرّجال بذلك يميزون. فقلتُ له: ما رأيتُ يوماً قط أحسن من ابنك هذا!. فقال متضاحكاً : فكيف إن رأيتَ أمه؟. فاستحييتُ ، وعددتُ ذلك من فساد طبعه ، وقلة مروءته. فقالَ وقد بدا عليه الجِدّ: إني أكره الجمال! ، وربّة هذا الصبي أقبح النساء في أنظار الناس ، ولكنها كانت لي أحبّهم. فبقيتُ كالمشدوه من عجيب ما أسمع وتكذيب ما أرى منه ، ثم قال: أنا من الناس الذي يرى الجمال بعينه لا بشكله ، على حين أنّ الجمال الظاهر يدعو إلى فساد الباطن فأتركه لأهله. فقلتُ: إنك تُغالي في قولك ، وتخالف طبائع نفسك. فقال: لا والله – وقد اصطفيتُ من قبلها ، امرأة جميلة مليحة ، فبالغتْ في ضرّها بقدر جمالها ، وجحدتْ ما أسبغتُ عليها من نعم ، حتى كان منها هذا الصّبي. وإنّ لي فيه خبر عجيب. يقول: كنتُ أنزل من صلاة العشي ، فإذا بشيخ كبير يعترض طريقي ، ويدعوني إلى بيته ، فاستجبتُ له حباً وكرامة في لطفه ، فلما ولجتُ باب بيته المتهالك ، أشفقتُ من حياته البائسة ، فإنك لا تجد مكاناً تقعدُ فيه إلا وقد سبقك الهوام إليه. فسألني على حين غفلة: لو أنّ لك بنتاً دميمة شوهاء ، لا غنى لك عنها ، قد تأبتْ على نفسها الزواج ، ما كنت تصنع بها؟ فحرتُ الجواب ، فبادرني قوله: ليس هو سؤال أسألك إيّاه ، وأنما هو حال بنيّتي التي كُتب عليها الشقاء لأجلي ، فآلتْ على نفسها أن تدع الزواج ما دمتُ حياً ، وقد أبطأت روحي عليها ، ولو أني أملك نفسي لتوفيتها من أمد بعيد. يتبع – بإذن الله. آخر من قام بالتعديل الكامل; بتاريخ 03-03-2009 الساعة 04:45 PM. |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|