بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » نسيَـان د / ماسنجَر .. !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 27-04-2010, 02:22 AM   #1
د / ماسنجر
طائر .. أتعبته الهجرة
 
صورة د / ماسنجر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: مَع حِبر الأحـرُف
المشاركات: 822
نسيَـان د / ماسنجَر .. !



قبل القراءة | إن كنت مشغولاً ماعليك سوى ضغط زر الـ x قبل البداية ..
وإن كنت كما أريد ! ، فعليك أن تُسند ظهرك قليلاً .. وتبدأ بالقراءة :


.

.

.









لم يكن نسيان .. أكثر من كونهِ عظة
غفلة منهم .. بيّنت مقامي ومكانتي ووُجودي

كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً .. بعد أن استعد والدي – غفر الله له وأسكنه الفردوس – لتجهيزات تلك الرحلة والمتوجهة إلى رمال البرقاء " قرية تبعد عن الأسياح كيلوا متراً " ، اجتمع بعض الأقارب ومن لهم شأن في ذلك اليوم ، أكاد أجن من شدة الفرحِ الذي يغمرني ويعلوا سمائي ، من هم في عمري أصدقائي سيرافقونني بلا عناء ولا رفض ولا شروط صعبة ، انطلقنا إلى مقر اللقاء وهو العِرْق الأول من نفود البرقاء ، وبعد الاجتماع هناك ينطلقون جميعاً إلى المكان الذي يروق لهم وتعجبهم أرضه ويكون مخالفاً للهواء .

وصلنا .. وأنزلوا بعض الأشياء الخفيفة السريعة " شابورة .. كَعك .. كليجا .. سِمسِم .. حافظة الشَاي " وحكايات أخرى .. وقرارات لاختيار المكان ، بين قَبول ورَفض ، أما أنا وتركي – رحمه الله تعالى وغفر له – فنحن في غنى عن تلك .. حتى الأكل والشرب .. لا يهمنا وأصدقائنا سوى لعب الكرة والذهاب إلى ما نريد وقت ما نريد ، ابتعدنا ونزلنا قليلاً إلى الجهة التي نرى فيها القادم من البقية ، استلقينا على الرمال وتحدثت وإياه أحاديث أعلم أني لن أتذكرها .. والأمر الوحيد الذي أتذكره في تلك اللحظة أني كنت منهمك في تبادل الأسرار بيني وبين تركي حبيب القَلب ، وقت يسير حتى بدأ النداء والصراخ باسم تركي .. تركي ! .. تركي ! ، والغريب أن اسمي لم يُنطق وكأني كنتُ نسياً منسيّا ! ، قلت له : إذا كانوا يودّون أن يتفرجون على مناظر الرمال ويعتلون النفود أو يحتطبون حطباً ليدفئنا فأخبرني ، قال : حسناً ، وسبحان من أنساني أن هذا الصوت وتلك النداءات ماهي إلا لتغيير المكان إعلاناً عن اجتماعهم كلهم ليتم الذهاب إلى مكان آخر ويمكثون به بقية اليوم .

ذهب تركي .. واختفت الأصوات .. واختفت النداءات .. وصوت السيارات ! ، قمت من مكاني واقفاً ونظرت إلى مكانهم ولم أجد أحداً ! ، ولا في الأمام ولا في اليمين ولا اليسار ! ، يا الله ! أمر موحش حقاً ، أود أن أصرخ عالياً وأصيح باسم أبي : يا بشـر .. أبـي .. ، ولكن لمن أنادي ؟! ومن الذي سيسمعني ؟! ، التفت إلى الخلف ووجدت ثلاثة بيوت من الشّعر بعيدة يسكنها رجال من البادية ، ونظرت إلى مكاني وآثار سيرهم وعلمتُ أني وحيداً ، ولكن قلتُ لتركي أن يُخبرني ! يُناديني ! ، سبحان من أنساه ومن أعمى ذاكرته .

أسير عدة خطوات .. لا أدري أين الهَدف ولا إلى أي مكان سأذهب ولا أي وجه جديد سألاقي ، وهل سيعودون لأخذي أم سيكون سلمان ذكرى ومرّت في حياتهم وحياة تركي ! ، كأن هيئتي ومنظري ولساني يقول : أبي .. آخر أبنائك سلمان .. فكيف يطيب لك نسيانه ونسيان اسمه وحضوره ! ، ما أنتَ إلا أملاً انتظرك ونوراً أبصر بك وشمساً تُنعش عُمري .. وتنساني ! ، أتصورني بعد يوم أو يزيد .. أين ستجدني ؟! ، من الجوعِ .. عند أحد أشجار البر أهلكني حتى نهشني وأماتني ! ، أم تحت الرمال .. دفن جسدي الهواء وأكلت لحمي الكائنات حتى أخفتني ! ، حاولت أن أبكي ولكن لمن أبكي ؟ ، حاولت أن أجري ولكن لمن أجري ؟ ، لمن أنظر لمن أصبر ؟ ، ظللت على هذه الحالة دقائق يسيرة .

رفعت نظري وإذا هم يصعدون رمال العِرق الثاني من النفود ، أبي والبقية ، صرخت عالياً .. بكيت ونثرت الدمع حتى أخفى رؤيتهم ، رفعت يدي وحركتها بسرعة لعلهم يَروني ! ، وقفت السيارات ووقفتُ معتقداً أنهم وقفوا لأجلي .. وفعلاً ينزل أحد إخوتي ليتأمل من بعيد ! ، وما هي إلا أجزاء يسيرة حتى دارت السيارات وعادوا إليّ حتى وقفوا عندي ، أبي : سلمان ! سلمان ! ، فتحت الباب واقتربت إليه وضمّني إلى صدرهِ وهو يقول : لا تبكي ! ها أنت معي .. الحمد لله أننا عدنا إليك ، أخرج من جيبهِ مائة ريال ووضعها في يدي ، نزلت من مكانه وركبت في الخلف إلى جانب بعض الإخوة ، والمدامع تسيل وتسير وتنتثر ، والتعليقات المضحكة من هنا وهنا وهناك .

ذاك يقول : سلمان ! إلى أين ستذهب لو لم نأتيك ؟! ، والآخر يقول : سلمان ! أعتقد أنك تقول في نفسك : لعلهم ينسوني مرة أخرى من أجل مائة ثانية ! ، وذاك يقول : الحمد لله أن أهل البادية قريبين إليك ! ، بقيت على حالي حتى وصلنا ، وبعد النزول ذهبت إلى تركي وتشاجرت معه : لماذا تنساني ؟! ألم أقل لك أخبرني ونادني ؟! ، قال : والله أنني نسيتك ولم تأتي إلى بالي ! .

أبي .. افتقدته بعد تلك الحادثة بعشر سنوات ، وتركي .. أخذ الله أمانته ، وسلمان .. مازال يفتقد أحضان أبيه ، ولحظات تركي .

كانت تلك الرحلة عام 1415 هـ



هذا الموضوع .. فاصل قبل الحلقة الأخيرة من رواية " عبيّد " ..

( علّق على تلك القصة في زوايا )

د / ماسنجر ..
وحديث من الماضي !
__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]

سَلمان
د / ماسنجر غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)