|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
31-03-2011, 10:02 PM | #29 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2010
البلد: نجد
المشاركات: 4
|
دقيقةٌ في علم النفس لا يقولها إلا ملهمٌ ، أو حاذقٌ قد أطال التأمُّل في سبْرِ أغوارِ النفسِ عند انفعالاتها ، قال :
ما زاد في الحِسّ ، نقصَ في المعنى ، وما زاد في المعنى ، نقص في الحِسّ . اهـ والمثال على هذا هو قصة المثل المذكور في أول هذا الموضوع ، فكنت أذهب وأجيء لأقرر هذا القول ، وإني لأجد بيانَه في نفسي ، ولكن عيَّ بي القول ! وأما أمثلة هذا القول فستجدها - لو تأملتَ - في حوادث ووقائع وأفعال في يومك .. وإنك لتجد للمعنى لذةً ، أو تعلقاً لنفسك به ، وتفضيلاً له على الحِسّ ؛ فاجعل هذا القولَ على ذُكرٍ منك ، ترَ صدقَ ما أقول . والله يوفقني وإياك للرشاد في أمرنا كله -- 2 - تلخيص القول في هذا وتبيينه صعب ، لأن هذا الأمر من دقائق النفوس وسرائرها ، ولكن هذه الدقيقة شبيهة أو متشابكة مع تلك الحال التي يراها الإنسان من نفسه ، وهي الولع بما منع ، والملل مما ابتذل ، وكذلك ما يجده الإنسان في نفسه من بَرد اليقين ، واضطراب الشك ، فكأن هذه الحالات الثلاث ترجع إلى أصل واحد ؛ ولكن أقول بحسب وسعي - ومن الله أستمد العون - : ذلك أن ( المعنى ) يرجع إلى القوة المتخيلة ، فلذلك ينفسح الخيالُ لـ( المعنى ) ، فيصوره لك على أحسن ما تتمنى ، لأنك بنيتَ خيالك على ما أراك الحسُّ بعضَه ، فتستحثك نفسك على طلبِ ما أخفاه عنك الحس ، ورغّبك فيه ( المعنى ) ، ولكن إن أراكه الحسُ كلَّه ، سكنت إليه نفسك ، وأحاطت به علماً ، وعرفت أن ليس وراء ما رأيتَ معنى . ولعلك ترى من نفسك أنك تسمع كلاماً من أناس أو ترى صوراً لبلاد ذات خضرة وماء ، فتستهويك زيارتها ، فإذا رأيتها وجدتها دون ما كنت تتصور ؛ فهذا هذا . -- 3- قال الفخر الرازي - في المحصول في أصول الفقه ، متحدثاً عن الحقيقة والمجاز - قولاً له متعلق بموضوعنا : إنه لا شوقَ إلى الشيءِ مع كمال العلم به ، ولا كمالِ الجهلِ به ، بل إذا عُلِم من وجهٍ شوَّق ذلك الوجه إلى الآخر ، فتتعاقب الآلام واللذات ، ويكون الشعور بتلك اللذات أتم ، وعند هذا فالتعبيرُ بالحقيقة يفيد العلم ، والتعبير بلوازم الشيء الذي هو المجاز لا يفيد العلم بالتمام ، فيحصل دغدغة نفسانية ، فكان المجاز آكد وألطف -- 4- قال ابن رشيق - في كلامه عن الهجاء ( العمدة 173/2 ) - قولاً له متعلق بموضوعنا: وأنا أرى أن التعريض أهجى من التصريح ، لاتساع الظن في التعريض ، وشدة تعلق النفس به ، والبحث عن معرفته ، وطلب حقيقته ، فإذا كان الهجاء تصريحاً أحاطت به النفس علماً... وقبلته يقيناً في أول وهلةٍ ، فكان كل يومٍ في نقصانٍ لنسيانٍ أو مللٍ يعرض .. الخ -- 5- قال الفارياق : وهنا قضية نسيت أن أذكرها .. وهي أن القلوب برؤية المبرقعات أولع منها برؤية المسفرات ، وذلك أن العين إذا رأت وجهاً جميلاً وإن يكن رائعاً شائقاً غاية ما يمكن فإن المخيلة تستقر عليه وتسكن ، فأما عند تبصّر الوجه المحجوب مع اعتقاد القلب بأن صاحبه من الجنس المحبوب ، ولا سيما إذا قام الدليل عليه بحلاوة العينين ، وبالهدب وبزجج الحاجبين ، فإن المخيلة تطير بالأفكار عليه ولا تجد لها من أمد تنتهي إليه.. |
الإشارات المرجعية |
|
|