بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » آية كأني أسمعها أول مرة ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 24-10-2011, 10:02 AM   #1
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
آية كأني أسمعها أول مرة ..




خرجت هذا الصباح الجميل لأوصِلَ فتياتي إلى المدرسة , فعبثت أصابعي بمذياع السيارة , فإذا صوت الخشوع يصدح من حنجرة الشيخ سعود الشريم تاليا من سورة إبراهيم , فلما وصل إلى قوله تعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (7) سورة إبراهيم .
اهتز كياني لهذه الآية , وكأني أسمعها لأول مرة , فأغلقت المذياع مباشرة وظللت أرددها على لساني , وحلاوتها ما تزال تعطر علي كياني كلَّه .
إن الآية العظيمة تشير إلى معنى عظيم , وعظيم جدا قل أن نسمعه من أحد على كثرة الاستشهاد بهذه الآية في كل مناسبة .
إن الآية الكريمة تشير إلى عظمة رحمة الله تعالى ولُطْفِهِ بعباده , وسَعَةِ عَفْوِهِ ومغفرته وفضلِه سبحانه .
كيف ذاك ؟ وأين جاء هذا الاستنباط ؟
جاء هذا الأمر باختلاف جواب الشرط في الحالين : حال الشكر وحال الكفر .
فالآية تتحدث عن نتائج الشكر لله تعالى , ونتائج الكفر به .
فنتيجة الشكر ( لأزيدنّكُم ) أي لأزيدنكم من الفضل والجود والعطاء .
فالتعبير هنا جاء بالفعل المضارع المؤكد بلام القسم في أوله , ونون التوكيد الثقيلة في آخره , ونلحظ هنا أن الفعل المضارع جاء بالإسناد المباشر إلى الله ( لأزيدنكم ) فالفعل هنا مسند لضمير المتكلم المستتر والتقدير : لأزيدنكم أنا .
وهذه كقوله تعالى : {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (21) سورة المجادلة .
فالتوكيد في الفعلين ( لأزيدنكم – لأغلبن ) واحد .
ودلالة مجيء الفعل هنا بعد الشرط ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) يدل على فورية النتيجة , وسرعة العطاء والمنّ والفضل من الله سبحانه ذي الجود والعطاء .

وأما الحالة الثانية : " ولئن كفرتم .. " فهل قال : لأعذبنكم , لتوازن : لأزيدنكم ؟؟؟
كلا , وألف كلا ..
بل قال : إن عذابي لشديد .
فالجواب يبين حال العذاب وأنه شديد , ولا يبين حال المعذِّب سبحانه , وكأنه سبحانه يعطي من كفر بالنعمة فرصة التوبة والرجوع إليه قبل أن يصل إلى العذاب الشديد , وقبل أن يوافيه الأجل ؛ إذْ لو قال : ولئن كفرتم لأعذبنكم لكان العذاب حقا على الله تعالى لأنه أقسم به على نفسه , ولكن الله تعالى ألطف وأرحم من أن يُلزِمَ نفسه بالعذاب .
ولكنه سبحانه ألزم نفسه بالعطاء والكرم والجود .
وهذا المعنى العظيم في هذه الآية مُشَابِهٌ للمعنى الآخر في سورة الحجر : {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (49) {وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} (50) سورة الحجر .
وكنت كتبت مقالا حول آية الحجر في رمضان ما قبل الماضي ,,, وهي موجودة هنا في هذا المنتدى لمن أراد الاستزادة .

نسأل الله تعالى أن يزيدنا من فضله , وأن يرزقنا ذكره وشكره وحسن عبادته .

كتبه : علي الحامد
صبيحة الاثنين 26 / 11 / 1432 هـ

__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 06:57 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)