بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » صديقتي الأربعين !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 25-10-2011, 02:04 PM   #1
صريح بحدود
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 75
صديقتي الأربعين !

تمر الأيام وتعبر الشهور  وتمضي السنون ! 
ذاك يوم يعلن مغيبه ، وذاك شهر ينقضي هلاله ، وتلك سنة تودع أخراها ! 
تتساقط الأعوام ، وتتهاوى السنين ، وتنقلب الموازين ، وتتغير الأحوال ، وتتبدل الأوضاع .
الصغير يتمنى أن يكون كبيراً والكبير يحلم أن يعود صغيرا ! ما كان بالأمس بعيد المنال غدى اليوم قريبا ، كل شيء تغير ! كل حال تبدلت  ! لكن الحقائق ثابتة مستقرة كثبوت الجبال وكاستقرار البحار !
 في لحظة سكون بدأت أقلب ذاكرتي فيمن حولي من أصدقاء وأقرباء في أعمارهم وتاريخ سنيهم ، فألفيت عجباً وعجبت فرقاً!
إنهم يتقاربون في سنوات حياتهم ، ويتقاذفون الأربعين فيما بينهم ، كلٌ يشيح بوجهه عن نطق الأربعين من أعمارهم . 
إنها الأربعون - رفقاء الدرب - صحاب العمر - إنها سنوات الرشد واكتمال العقل ! بها الإنسان يكون راشدا ، تكتمل قوته ويشتد عوده ، ويعظم أمره ! 
أحسنوا بها الظن ، وهيؤوا لهاالاستقبال ! 
أربعون عاماً مضى من عمرك ، تنقلت بين مراحل الحياة ، رضيعاً حيناً وطفلاً حيناً ويافعاً زمناً طويلاً ، ثم رجلاً شامخاً يشد بك العزم ، وتسند لك عظائم الأمور ! 
قد بلغت من العمر مراحل القوة ، وتجاوزت مراحل الضعف ،فأقبلت عليك الأربعون بكل رزانتها وعظائمها منذرةً ومحذرةً ! 
قد مضى بها أكثر من ثلثي عمرك ، بتقدير أعمار أمتنا ، فهي بين الستين إلى السبعين ،
فلم يبق من عمرك إلا الثلث ! فهل استشعرت ذلك ، أو ألقيت له بالاً ، أو أبصرت فيه تأملا !
إن أعمارنا راحلة ، وستحط بنا يوماً المسير !
إنك تعيش في بقايا حياة ! وتسكن في بقايا زوايا ! 
 إنها الحقيقة التي لا نريد أن نصدقها ، والواقع الذي لا نريد أن نحس به . 
فات من أعمارنا الكثير ، وأظن ما بقي أقل من مضى !! لماذا نتظاهر دائماً بالنسيان وندعي التغافل ! 
هل نستطيع أن نتماسك ونجمع قوتنا ونتذكر هذه الحقيقة وهذا الخطب ، لندع عنا التصابي والتشبب ! فما فات كفى ، ولنتعظ بمن أجله انتهى ، وأقبل على مولاه ! !
أيها الصديق العزيز ! وأيها القريب الغالي ! وأيها القارئ الفطن ! يا من في الأربعين يتقلب وفي الخيرات يتنعم ، إنها الأربعون نعم النذير ونعم البشير ، تنذرك أن عمرك طال ، وتبشرك أن عقلك اكتمل . 
نبينا - صلى الله عليه وسلم - بعث بعد أن تم الأربعين ، ومات وهو في الثالثة والستين ، ثلاث وعشرون سنة بعد الأربعين .
سنيات قليلة تمكثها بعد سن الرشد ، فهل نجعل للرشد طريقاً، ونجعل للعقل سبيلاً !
وهل نستطع أن نترك اللهو والعبث ، ونبتعد عن كل خلل ، ونجفو كل زلل !  
إن التأمل في هذه الحياة ، والتفكر في حقارة الدنيا وآلامها ، يجعل الإنسان في صدود عنها ، وإعراض عن زخارفها . 
أحبابي لتكن الأربعين درساً لنا في التوبة والرشد ، ولنقبل على نفوسنا تهذيباً وتطهيراً ولنطرها على الحق أطراً ، فطالما  أسرتنا بشهواتها وملذاتها ! دعونا نقتص من أنفسنا ونتغلب عليها حتى نكون وإياها في الملاذ الآمن والملجأ الوادع ! 
لتكن العزيمة شعارنا ، وليكن الحزم حاكمنا ! 
 أُخيَّ ! أربعون عاماً عشتها في رحاب الدنيا ، صحيحاً قوياً معافىً ، قضيتها في رغد من العيش وسعة من الرزق ! 
اعمل شكراً بعد توالي هذه النعم ، واسعَ حمداً على تتابع هذه المنح . 
لا تدري كم بقي لك من أنفاس ! ولا تعلم كم تمكث من أيام ! 
لا تغتر بقوتك ، ولا تعتز بجبروتك ، فأنت مقبل على وهن ، وقادم إلى ضعف !!
أُمهلت عمراً مديداً وزمنا طويلاً ، فهل أنت من المعتبرين ! وهل تكون من الناجين ! 
آهٍ لعمرٍ مضى ! وآهٍ للذةٍ ذهبت !   
 تدارك - أيها المبارك - ما بقي لك من حياة ،
فربما ساعات الأجل دنت ، ولعل يوم الرحيل قد اقترب ! 
آن أوان الإنابة ، وحان وقت الأوبة ، وبدأ زمن التوبة ،  ضع حداً لوقت اللهو، و أحسن فيما بقي ، يغفر لك ما قد سبق .
بع لذة زائلة بجنة عالية ، قطوفها دانية ! 
جعلتُ وإياك ووالدينا  متقابلين فيها !  
صريح بحدود غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 01:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)