[غربة غريب]

أيها الأحبة :
إن من فضل الله علينا وعلى الناس أي المسلمين منهم أن جعل لنا عبادة ومواسم ، قُرَبٌ ومنَافسة فيما بينهم ،
بل منها مايكون أفضل أيام العام لاجتماع أمهات العبادة فيها ، وهي ماسوف نتطرق إليها الأن ( عشر ذي الحجة ) ،
لماذا أفضلُ أيام السنة ؟ لاجتماع أمهات العبادة وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج كما ذكر ذلك بن حجر - رحمه الله - في الفتح ،
بل أقسم الله بها في كتابه ولا يُقسم الله إلا بشيء عظيم الشأن قال الحق { وَالْفَجْرِ (1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)} وهي عشر ذي الحجة قال بهذا بن عباس ومجاهد وبن الزبير وغيرهم
فهي أيام معدودات معلومات أي أنهن قليلات قال الحق (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) قال بن بن عباس - رضي الله عنه - أيام العشر كما أوردها بن كثير ،

وإن كان أيام قلائل ولكن اعلم أن المُوفّق لها هو من وفقه اللهُ تعالى لاغتنامها ، لأن من عرف الله في الرخاء عرفه في الشدة ،
وأذكرُ أن الشيخ عبد الكريم الخضير قال " إن أيام الحج قليلة والبعض يقول سأُمسك بزمام لساني وبصري لأدخل في الحديث
الذي رواه أبي هريرة في مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال(مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ )
قال لاستطيع فعل ذلك ولو كانت أيام قلائل كأيام الحج لأنه لم يعرف الله في الرخاء فما اعانه الله في الشدة " بتصرف يسير
والحديث يشمل حتى غفران الكبائر كما هو ظاهر الحديث وقال بهذا جمعٌ من أهل العلم

وكان سعيد بن حبير - رحمه الله - راوي حديث بن عباس الآتي إذا دخلت أيام العشر اجتهد اجتهاداً حتى مايُقدر عليه ،
عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ) يعني العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله
قال ( ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء )

ومن جميل الاستطراد وخبايا الذكريات لمّا مرعلينا حديث بن عباس - رضي الله عنهما - ،
أن أحد الإخوة في الله لما كان أيام النفير إلى أرض الشيشان باع كل شيء في حوزته ،
حتى الخرداوت الزهيدة وبراميل الماء التي توضع في السيارة ،فلم يدع في ملكه شيء إلا باعه واخذ ماله ،
فلما سألناه قلنا لماذا تفعل هذا قال لأدخل في حديث النبي عليه الصلاة والسلام ( إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) ! ( * )
صَدَق اللهَ فصَدَقه

فحريٌ بنا أغتنام العشر من ذي الحجة فإما أن تكون حاجاً متنقلاً بين المناسك راجياً ربك أن ترجع من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ،
أو ملازماً بيت وأهلك منتصباً لله عبادة وقراءة قرآن وصدقة وذكر وتهليل ... .
واللهُ أعلم


غربة غريب
صبيحة 28 - 11 - 1432هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( * ) ايها الأحباب عُرف عن بعض أهل العلم كثرت الإستطراد كابن تيمية وبن القيم - عليهم رحمة الله - ،
فتجد بن تيمية مثالاً في الفتاوى يتكلم عن مسلك من مسالك الحديث وطُرُقه ،
بينما هو كذلك إذ يخرج إلى الفقه عشرون صفحة بل في جزء منه كالحيض ثم يعود أصل حديثه ، فهي تُتعب القارئ ويحتاج منه إلى انتباه ،
فهذا أجده في نفسي لا إرادة وأرى أصحابي في الحديث بيني وبينهم يتضايقون مني من أجل هذا الشأن ،
بل أحياناً يزجرونني بأن أترك الاستطراد في الحديث معهم هنا وهناك لأنه يشتتهم عن أصل الموضوع .

وأرى أنها في أهل العلم مفيدة جداً ولو كانت متعبة إلا أن فيها العلم من كل فن ،،، والله أعلم .