|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
هذه الاية استوقفتني كثيراً .
عندما كنت أقرأ من كتاب الله تعالى ووصلت إلى هذه الآية الكريمة من سورة الرعد {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ*} (15) سورة الرعد استوقفتي كثيراً , وجلست أسأل نفسي :
هذه الآية تتحدث عن سجود جميع الخلائق للواحد القهار , فقوله ( من في السموات والأرض ) يشمل الجن والإنس والملائكة والجمادات , ويشمل المؤمن والكافر , والبر والفاجر , لأن ( مَنْ ) اسم موصول وهو من ألفظ العموم الذي يشمل جميع ما في صلته , وهذا السجود نوعان : سجود طوعي أي اختياري , وسجود كرهي أي غير اختياري ( طوعا وكرها ) , ونحن نرى الكافر لا يسجد لله تعالى , فكيف تقول الآية عنه إنه يسجد , وهل الكافر داخل في الآية فعلاً كما فهمته ؟ حينما تأملت الآية وجدت الجواب نعم , الكافر يسجد لله تعالى , ولكنه سجود كرهي وليس طوعي , أي أنه يسجد سجوداً لا يثاب عليه , وسجوده يكون والله أعلم من حيث لا يشعر , وذلك أن جسده وأعضاء جسمه , وملايين الخلايا في جسده تسبح بحمد الله وهو لا يشعر , ومصداق ذلك قوله تعالى : {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (44) سورة الإسراء . وسجود الكافر الكرهي لا يلزم أن يكون سجوداً حسياً بحيث يحني جسده لله تعالى , بل هو تسبيح الأعضاء لله تعالى , وإخباتها لأمره , فهذا سجود . أما المؤمن فهو يسجد النوعين السجود الطوعي , فيسجد لله بطوعه واختياره سجوداً حسياً يثاب عليه , ويسجد لله كرهاً بغير اختياره , وذلك حينما تسبح أعضاؤه بحمد الله تعالى وهو لا يشعر , وقد يثاب المؤمن على هذا النوع من السجود إذا أخلص النية لله تعالى وخاصة حين النوم , إذا نوى بنومه التقوي على الطاعة , فتظل أعضاؤه تسبح بحمد الله وهو نائم , وحسناته مكتوبة عند من لاتخفى عليه خافية سبحانه . فسبحان من أخبت الخلق لأمره , وسبحان من خضعت لعظمته الرقاب , وصدق الله حيث يقول :{أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (83) سورة آل عمران . هذا ما فهمته من معنى الآية وحينما رجعت إلى التفاسير وجدت فيها ما يؤيد فهمي بحمد الله , فقد ذكر القرطبي في تفسيره عدة أقوال لأهل العلم في تفسير هذه الاية , منه أن المؤمن يسجد طوعاً , والكافر يسجد كرهاً بالسيف , ومنها أن في الآية حذفاً أي وبعض من في الأرض , ولا يخفى ما في هذين القولين من ضعف , أما الذي رجحه القرطبي فهو " أن المؤمن يسجد ببدنه طوعاً , وكل مخلوق من المؤمن والكافر يسجد من حيث إنه مخلوق , يسجد دلالة وحاجة إلى الصانع " انتهى . والله أعلم .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|