لا يزال العلم التجريبي هو المقرب من الحياة الإنسانية , كصناعة كل ما يخدم الموارد البشرية , ويبقى العلم التطبيقي له نفع , لاسيما الأدب وما يُحدثه من أفكار قلما يأتي بها علم آخر .
حين ننظر إلى علم النحو وشقيقه الصرف ؛ لا نجد نفعًا للإنسانية منهما , حيث قد قُتلا بحثًا وتنقيبًا , ولم يزد المتأخر على المتقدم إلا أن أبدل عمرًا بمحمد , وزيدًا بالتفاحة , وتلك آفة العقل , ومكمن جموده , فأبجديات هذا العلم يكمن في كتاب قد حفظ تلك القوالب في قواعد , ولا يزال كثير من الطلاب المغدور بهم , والمغرَّر بهم يلجون قسم النحو والصرف في الجامعات , غير منتبهين إلى أن أمرهما محفوظ في الكتب , وأن المجتمع الإنساني لا يريده ولا يطلب المزيد من تعقيداته .
على أن المهتم بذينك العلمين موسوس حتى الثمالة , فتراه حذرًا , ويغالي في التقعير , ويشدد من حيث كانت اللغة طيعة سهلة من غير أن يتحذلق علينا ويتشدق , فإذا هو غاضب من غير غضب , ضاحك من غير سبب , ويعجب في حين كانت نفسه أعجب العجب .
فيهم سوء ظن بالكتّاب , ويحسبون أنهم ملكوا العلم حين عرفوا تلك القواعد الجامدة , وليتهم علموا أنهم بعلمهم هذا يقفون بلا تقدم , ويعيدون ويكررون ما تمجُّه أذواقهم لو كانوا يعلمون , ولو تأملوا كثيرًا في جمود ما يطلبون ؛ لحصلوا على سواد الوجه ! !