|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
التقاء الساكنين في القرآن .
تنبيه : الموضوع علمي لغوي بحت , وكتبته بناء على طلب بعض الإخوة , فمعذرة على ثقل الموضوع . التقاء الساكنين في القرآن : الحديث عن التقاء الساكنين طويل جدا وفيه تفريعات وصور , ولكن أكتفي هنا ببعض النقاط التي تفيد القارئ لكتاب الله تعالى حول هذا الموضوع , وقبل أن أدلف للموضوع أود التعريف ببعض المصطلحات والتقسيمات الهامة في هذا الباب : أولا : يجب أن نعلم أن حروف العربية قسمان : حروف صحيحة , وحروف معتلة , والحروف المعتلة , وتسمى حروف العلة ثلاثة : الألف والواو والياء . والحروف الصحيحة ما عدا ذلك . ثانياً : يجب أن نعلم أن الحرف المدغَم ( المشدد ) عبارة عن حرفين أولهما ساكن والثاني متحرك , فإذا قلت : شُبَّاك , فالشين بعدها ( باءان ) الباء الأولى ساكنة , ثم باء مفتوحة ( شُ بْ بَ ا ك ) , وقس على هذا كل حرف مشدد أو ما يسمى في عرف الصرفيين بالمدغَم . ثالثاً : همزة الوصل تسقط في درج الكلام , لأنه جيئ بها للتوصل للنطق بالساكن , فإذا سبقها حرف ساكن فقد التقى ساكنان : الساكن الأول , والحرف الذي بعد همزة الوصل , نحو : لم تقلْ اسْمَك , فالتقى ساكنان : اللام , والسين من اسم , وأما الهمزة فلا يعتد بها هنا , لأنها تسقط في النطق , ومثل ذلك همزة ( ال ) فإنها لا يعتد بها في التقاء الساكنين كما سيأتي أمثلته إن شاء الله . رابعا : التقاء الساكنين في القرآن : إذا التقى ساكنان فلذلك أربع صور : الصورة الأولى : أن يكونا معتلَّيْن : أي أنهما جميعا حرفا علة . الصورة الثانية : أن يكونا صحيحين : أي أنهما جميعا حرفان صحيحان . الصورة الثالثة : أن يكون الأول معتلا والثاني صحيحاً . الصورة الرابعة : أن يكون الأول صحيحاً والثاني معتلاً . الصورة الأولى : وهي أن يكون الساكنان معتلَّين , وهي مسألة صرفية بحتة , وذلك مثل : يخشَون ربهم , أصلها : يخشاْوْنَ ربهم , التقى ساكنان معتلان , فوجب حذف الأول وبقاء الحركة الدالة عليه , فصارت : يَخْشَون , وبقيت الفتحة قبل الواو للدلالة على الألف المحذوفة . وهذه الصورة تهم المختصين بعلم الصرف , أما القارئ العادي فلا يشعر بها , ولا تعنيه كثيرا , ولذلك لن أفَصِّلَ بها . والصورة الرابعة لا وجود لها في اللغة إلا في كلمة واحدة تقريبا , ولا تأثير لها في القراءة والتلاوة , ولذلك لم يبق أمامنا إلا صورتان : الصورة الثانية : أن يكون الساكنان صحيحين : وهذه الصورة لها حالتان : الحالة الأولى : أن يكون الالتقاء في كلمة واحدة , وهذا جائز في الوقف , حيث يلتقي ساكنان ولا حرج , مثل : والعصْرْ , لفي خُسْرْ , والفجْرْ , وليال عشْرْ , والوتْرْ , يسْرْ . الحالة الثانية : أن يكون الالتقاء في كلمتين : ويجب حينئذ تحريك الأول : وتكون حركة الأول كما يلي : 1. الكسر , وهي الأصل في التقاء الساكنين , فإذا التقى ساكنان صحيحان في كلمتين فالأصل تحريك الأول بالكسر نحو : {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (128) سورة النساء . فعندنا : إن امرأة , أصلها : إنْ امْرأة , التقى ساكنان صحيحان ( نون إن , وميم امرأة ) فوجب تحريك النون بالكسر فصارت ( إنِ امْرأة ) ومثلها في الآية نفسها : (وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ ) التقى ساكنان : تاء التأنيث في ( أحضرت ) واللام في الأنفس , فوجب تحريك التاء ( وهي أول الساكِنيْن ) بالكسر فصارت : أحضرتِ الأنفس ) ومثل ذلك أيضا قوله تعالى : { لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (16) سورة غافر فقوله : ( لِمَنِ الْملك ) التقى ساكنان : نون مَنْ , ولام الملك , فوجب تحريك أول الساكنين وهي النون بالكسر فصارت : لمنِ الملك . والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى بمثل هذا الموضوع المختصر . 2. الضم , فيجب تحريك الساكن الأول بالضمة في حالة واحدة , وهي إذا كان الساكن الأول ميمَ جماعة الذكور المتصلة بالضمير نحو : {لَهُمُ الْبُشْرَى } (64) سورة يونس , فالتقى ساكنان : الميم في ( لهمْ ) واللام في البشرى , فتُحرك الميم بالضم مراعاة لتفخيم حال جماعة الذكور ( لهمُ البُشرى ) . ومثل ذلك : { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } (132) سورة البقرة , { لَّهُمُ ابْعَثْ } (246) سورة البقرة , {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ } (112) سورة آل عمران , { فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ } (26) سورة النحل . 3. الفتح , فيجب تحريك أول الساكنين بالفتحة في حرف الجر ( مِنْ ) إذا وليها ( ال ) نحو : {وَمِنَ النَّاسِ } (8) سورة البقرة : فحرف الجر ( من ) التقى بعده ساكن وهي النون الأولى بعد همزة الوصل , فوجب تحريك نون حرف الجر بالفتحة , وهذا كثير , ومثله : { لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (186) سورة الشعراء , {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ } (149) سورة الشعراء , {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ } (23) سورة الأحزاب . الصورة الثالثة : أن يكون الأول معتلا والثاني صحيحاً . وهو نوعان : الأول : التقاءٌ مُغْتَفَر : أي أن الساكنين يبقيان على حالهما دون تغيير , وله حالتان : الحالة الأولى : أن يلتقيا في كلمة واحدة , ويكون سكون الثاني أصلياً : وهذا النوع كثير في القرآن , وينتج عنه ما يسمى بالمدّ اللازم , وهو نوعان : النوع الأول : المد اللازم المثقل : وهو أن يكون الساكن الثاني مُدْغَماً في حرف مثله بعده نحو : دابـّة , وخاصّة , فالتقى لدينا ساكنان في كلمة واحدة : الألف , والصاد الأولى المدغمة في الصاد الثانية . وهو نوعان : 1. كلمي : وهو الوارد في كلمة واحدة من القرآن الكريم . 2. حرفي : وهو الوارد في الحروف المقطعة في أوائل السور . وتفصيل هذا المد في علم التجويد , ولكن أطرح بعض الأمثلة فمن أمثلة الكلمي نحو : {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء } (45) سورة النــور , فكلمة ( دآبة ) التقى فيها ساكنان الأول : مد وهو الألف , والثاني حرف صحيح وهو الباء , فوجب مد الألف مدا لازما مقداره ست حركات . ومثله : {وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي } (80) سورة الأنعام , فالآية فيها ثلاثة مدود لازمة ناتجة عن التقاء الساكنين ( وحآجّه ) ( أتحآجُّ ) ( جونّي ) . والعلة في وجوب المد هنا أن توفير الصوت وإطلاقه بمنزلة تحريك الحرف , فاغتُفِر التقاء الساكنين حينئذٍ. [ شرح المفصل لابن يعيش : 9/120-121 ] . ومن أمثلة الحرفي : ( الم ) ( الـمر ) ( فأصلها : ألف لام ميم , التقى ساكنان الأول معتل وهو الألف , والثاني صحيح وهو الميم , فوجب المد ليُغتفَرَ التقاء الساكنين . النوع الثاني من المد اللازم : اللازم المخفف , وهو أن يكون الساكن الثاني مفرداً وليس مدغما في مثله , وهو نوعان أيضا : كلمي وحرفي . فالكلمي لم يرد في القرآن منه إلا كلمة واحدة في موضعين وهي كلمة ( ءالآن ) في قوله تعالى : {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} (51) سورة يونس , وقوله تعالى : {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (91) سورة يونس , فالتقى ساكنان : الألف بعد الهمزة , واللام فوجب المد ست حركات . وأما الحرفي فهو الأكثر في الحروف المقطعة مثل : ( حم ) ( ق ) ( ص ) ( نون ) ( طس ) ( كهيعص ) فالكاف والعين والصاد : المد فيها مد لازم كلمي مخفف . والمد بنوعيه الكلمي والحرفي , المثقل والمخفف يمد بمقدار ست حركات تفادياً لالتقاء الساكنين . إذن المد اللازم : الكلمي المثقل أكثر من الكلمي المخفف في كتاب الله , وأما الحرفي فالعكس , أي أن الحرفي المخفف أكثر من المثقل . الحالة الثانية من الصورة الأولى : أي من الالتقاء المغتفر : أن يكون الساكن الأول حرف مد ويكون الساكن الثاني حرفا صحيحا ساكناً لأجل الوقف , أي أنه ساكنٌ سكوناً عارضاً , وينتج عنه ما يسمى بالمد العارض للسكون , وهذا النوع كثير في نهاية الآيات نحو : المتقين , الناس , الأبرار , من وال , والكافرون , الماعون . فكلمة ( المتقين ) التقى ساكنان لأجل الوقف وهما : الياء والنون , فيحصل المد بمقدار حركتين أو أربع أو ست ( كل ذلك مروي عن حفص ) . وقس على ذلك الباقي . علما أن هذا النوع من التقاء الساكنين ليس مختصا بنهاية الآيات , بل يجيء أيضا في وسط الآيات عند الوقف نحو قوله تعالى : {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ } (23) سورة يوسف , فعند الوقف على كلمة ( الأبواب ) ينتج هذا النوع من المد . النوع الثاني : التقاء غير مغتفر : أي أن أحد الساكنين سيتعرض للحذف أو التحريك . وذلك إذا التقى الساكنان في كلمتين بأن كان الساكن الأول ( وهو حرف علة ) آخر الكلمة الأولى , والساكن الثاني ( وهو حرف صحيح ) أوّلَ الكلمة الثانية . وهذا نوعان : النوع الأول : أن تكون الحركة التي قبل حرف العلة من جنس حرف العلة , وحينئذٍ يجب حذف حرف العلة في النطق وصلا , وإثباته وقفاً : ومثال ذلك : قوله تعالى : { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ } (171) سورة النساء , فقوله : إنما المسيح : التقى ساكنان : الألف في إنما , واللام في المسيح , والحركة التي قبل الألف هي الفتحة , وهي من جنس الألف , فيجب حذف الألف في النطق وصلا حيث تقرأ هكذا : إنَّمَلْمَسيحُ , وكأن الألف غير موجودة , ولكن عند الوقف تعود الألف ( إنَما ) . ومن أشهر الأمثلة على هذا النوع قوله تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ } (15) سورة النمل , فيخطئ بعض القراء فيمد صوته بكلمة ( وقالا ) مع أنه يجب حذف الألف في الوصل لاتقاء الساكنين وتنطق هكذا : وقالَلْحَمْدُ .. , وبعض القراء يخطئ خطأ آخر في هذه الآية فيقف وقفة يسيرة عند ( وقالا ) ثم يستأنف ( الحمد لله ) وهذا خطأ ظاهر . النوع الثاني : أن تكون الحركة التي قبل حرف العلة من غير جنسه , وحينئذٍ يجب تحريك حرف العلة بحركة من جنسه ومثال ذلك قوله تعالى : { وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ } (237) سورة البقرة , فقوله : تنسوا : التقى ساكنان : الواو واللام في الفضل , والواو قبلها فتحة , وهي ليست من جنس الواو , فوجب تحريك الواو بحركة من جنسها وهي الضمة فصار النطق : ولا تنسوُا الفضل بينكم , وكأنك نطقت واوين . هذا ما تيسر لي كتابته في مسألة التقاء الساكنين في القرآن الكريم , أرجو أن أكون كتبتُ ما يفيد وينفع بإذن الله , وأنا أعلم أن كثرة التفريعات قد أزعجت القارئ وأرهقت كاهله , ولكن ليعلم أن ما تركته من تقاسيم أكثر وأوفر , ولكني حاولتُ أن أختصر قدر جهدي , وأسأل الله الصواب ... كتبه الفقير إلى عفو ربه : أبو سليمان علي الحامد 11 / 9 / 1432 هـ
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|