( 4 )
حَدِيْثُ المَسَاءِ .. لِبَدْرِ السَّمَاء ،
وكأنك بدأت تذهب قليلاً قليلا .. كما يذهب الفَرح في بعض الأيام عن قلبي ، لقد بدأ النور ينزاح شيئاً فشيئا ، معلناً عن بداية غيابك أيها القمر ، فهلاّ أزلَلت إلي معروفاً ؟ ، قبل ذهابك أود من خلال أشعتك أن ترسل سلامي إلى قبر كل إنسان فقدته ، عل السلام يشفي مرض ذكرياتي الحزينة ولو لبرهة ، وشعاعك .. يكن لهم نوراً يضيء وحشتهم كما دعوت لهم .
أرأيت تلك الحياة كيف كانت وكيف ستكون ..! ، مؤلمة أيامها حزينة لياليها ، تلتقط من الإنسان فرحته كما يلتقط الطير المائي سمكته من النهر أو من البحر ليسد بها جوعه ثم يُنهي حياتها ويُزيلها من الوجود ، لقد عايشت كل البشر يا قمري .. وجاثيتهم ، ثم بعد سنين يقتضيهم الله ولا ترى بعد ذلك إلا نصيبة قبر كل واحد منهم ، ومع هذا .. ها أنت تضيء وتذهب وتعود ، ليت الذي يُعيقني هو فقدانهم فقط ، ولكن الذكريات تجعل مسارح النظر كثيرة .. فهي تختفي وتعود كما يعود نورك المشع ، تعود إليّ مكشرةً عن أنيابها لتنهش مني ما تشاء ، لقد جَرَحَتْ حنجرتي فأصبح صوتي حزيناً كأن التأوه به منذ ولادتي ، واحتشدت الآلام وبقيت في قلبي .. بعدما كان الفرح والابتسام يُذهبها بعيداً بعيدا .. كما يُذهب الله نور الشمس عندما تجيء ساعتك ، وأصبحت عيني كالعين الغديقة تفيض بالدمع ، فهل هناك ما يُخفّف عني بعض البُرحاء ؟ ، وهل هناك ما يُجفّف العَبرة في نظري ؟ ، وهل هناك شيء يمنع قلبي من طوارِقِه ؟ ، وهل هناك شيء يُحيي بستاني الميّت ؟ ، الذي كنت أنعم في مِسك زهوره وعبير وروده والانتعاش لمجرد النظر إليه .
__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]
سَلمان
|