|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2009
البلد: بريدة
المشاركات: 8,223
|
جزاك الله خير
|
![]() |
![]() |
#2 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
شكرا لك أخي أبا رامي .
الحلقة الثالثة : قال تعالى : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ , وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (26-27) سورة الحـج . ( وإذْ ) إذْ : هنا ظرف لما مضى من الزمان وهو معمول لفعل محذوف تقديره : " واذكرْ إذْ بوأنا " وهذا العامل يقدر في مثل هذه الآيات , والدليل على هذا التقدير قوله تعالى : {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ } (26) سورة الأنفال . ( بَوَّأْنا ) أي هيّأْنا , وجَعَلْنا ووطَّأْنا , والمراد : سهَّلْنا لإبراهيم تحديد مكان البيت , وهيّأنا له العثور على مكانه بعد أن رفع بعد الطوفان ( كما يقول أهل التفسير ) ( مكان البيت ) أي مكان الكعبة , والبيت المراد به هو الكعبة كما قال تعالى : {جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ } (97) سورة المائدة . ( أنْ لا تشرك بي شيئاً ) أنْ هنا تفسيرية لعلة التّبْوِئَة وتحديد مكان البيت , والمراد أن تيسير الله لإبراهيم مكان البيت يراد به الإخلاص لله تعالى ونبذ الشرك . وقوله ( شيئاً ) نكرة في سياق النهي فتكون عامة لكل ما يمكن أن يُشْرَكَ به مع الله تعالى , فالآية تنهى عن كل الشرك صغيره وكبيره , ظاهره وباطنه . قوله تعالى : " وطهِّرْ بيتي .. ) المراد تطهيرها من الأوثان والأصنام , وقيل من كل دَنَسٍ , وفي إضافة البيت إلى ضمير المتكلم العائد إلى الله تعالى تشريف لهذا البيت , وبيان علة التطهير من الشرك , وأنه بيت الله تعالى , المنَزَّهِ عن الشرك سبحانه . ( للطائفين ) للذين يطوفون بالبيت . ( والقائمين ) أي القائمين في للصلاة والعبادة . ( والركع السجود ) جمع : راكع وساجد , والمراد المصلِّين . فهذه ثلاثة أوصاف للمصلين : " القائمين , الركع , السجود " وهذا دليل عظيم على فضل الصلاة بشكل عام , وفضلها قرب البيت العتيق بشكل خاص . والتعبير باسم الفاعل هنا " الطائفين , والقائمين , والركع السجود " دال على ثبوت الصفة في هذا البيت , لأن اسم الفاعل يدل على الدوام , وهذا دليلٌ على أن البيت لا يخلو من طائف أو قائم أو راكع أو ساجد . وهل الطواف بالبيت أفضل أم الصلاة عنده ؟ خلاف بين أهل العلم . فالذين قالوا بأفضلية الطواف استدلوا بتقديم الله له هنا وفي سورة البقرة " { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة . ولأن الطواف لا يمكن أن يكون إلا بالبيت , فمن كان قرب البيت فالطواف به أولى لأنه لن يتمكن من الطواف في غير هذا الموضِع , في حين أن الصلاة تتم في أي مكان في الدنيا . والقائلون بأفضلية الصلاة بأن الله تعالى خصها بثلاثة أوصاف " القائمين , والركع السجود " . وما كان مذكورا بثلاثة أوصاف أفضل مما ذكر في وصف واحد . وتوسط بعضهم : فقال إن كان من أهل الأمصار فالطواف له أفضل , وإن كان من أهل مكة فالصلاة له أفضل . والخلاف مذكور في كتب الفقه والتفسير كما أشار إليه ابن كثير في تفسيره عند آية البقرة . والآية ردٌّ على قريش الذين ملؤوا البيت أصناماً وأوثاناً , بأن الله تعالى أمر إبراهيم وهو الذي بنى البيت بأن يطهرها من كل رجس , وأن يطهرها من الأصنام والأوثان , فكيف تدنِّسُونَه بها , وأنتم الذين تزعمون تعظيمَهُ وسدانتَه ؟ فلما تجهز البيت بناءً وتطهيراً لقاصديه جاء دور العبادة العظمى التي يحتضنها البيت العتيق , إنه الحج الأكبر , والزيارة العظمى لهذا البيت الكريم لأداء الأنساك تعبدا لله وتقربا إليه , وحيئنذٍ أمر الله تعالى نبيّه إبراهيم أن ينادي الناس بالحج . ( وأذِّنْ ) أمرٌ بالأذان , وهو في اللغة الإعلام , أي قُمْ بدور الإعلام الصوتي لجميع الناس بأن الله تعالى شَرَعَ لَهُمْ الحجّ فليحجوا . ومن إكرام الله تعالى لخليله إبراهيم أن جعل الناس يستجيبون لهذا النداء العظيم , الذي بلَّغه الله الآفاق , فأصبحوا يأتون أفواجا من كل مكان . ولذلك قال : " يأتوك " أي إذا أذَّنْتَ فإن المحصلة لهذا العمل أنهم سيأتونك على الحال التي وصفتها الآية . والفعل ( يأتوك ) مجزوم بحذف النون لأنه جواب الطلب ( أذِن ) , وجاء الجواب مضارعاً للدلالة على تجدد هذا الإتيان , وأنهم سيأتون ويأتون في كل وقتٍ وآن , وأنه سيذهب أناس ويأتي آخرون حتى يرث الله الأرضَ ومن عليها . وفي التفسير أن إبراهيم عليه السلام سأل ربه : كيف يؤذن في الناس كلهم وصوته لا يبلغهم , فأخبره الله تعالى أن عليه الأذان وعلى الله البلاغ .. رواه ابن جرير عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما . وهذا فيه دليل عظيم على فعل الأسباب , وأن الله تعالى يجري على عباده أسباب الأعمال , حتى ولو كانوا أضعف من القيام بها كلها , ولكنه سبحانه يعلمهم العمل والدأب وعدم الاتكال , وإنما بالتوكل على الله والقيام بما نيط بهم من عمل ولو كان يسيراً . ومثل هذا قوله تعالى لمريم : {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} (25) سورة مريم فالله تعالى قادر على أن يساقِطَ الرطبَ على مريم ولو لم تهز النخلة , ولكنه أراد لمريم أن تفعل السبب فتهز النخلة ولو باللمس , لأنه كيف بامرأة فيها المخاض وآلام الطلق والولادة أن تهز جذع نخلة , ومن المعلوم أن جذع النخلة من أقوى جذوع الأشجار الموجودة على وجه الأرض . ومع ذلك أمرها بأن تهز قدر استطاعتها , لما ذكرنا , وهو ما فسره الفاروق بقوله لمن بات في المسجد لا يعمل ولا يسعى في الرزق : أما علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ؟ ( رجالاً ) أي يمشون على أرجُلِهم , فهي جمع ( راجِل ) وهو الماشي , وليس جمع ( رجل ) كما يتوهم بعض العامة . وإعرابها ( حال منصوبة ) . ( وعلى كل ضامر ) الضامر هي الناقة الهزيلة ,, من ضمور البطن أي هزاله , وقد تكلق الضامر أيضا على الفرس , والمراد به هنا أنهم راكبون . وقوله ( على كل ضامر ) حال بعد حال , فكأنه قال : يأتوك ماشين وراكبين . ( يأتين ) الجمع هنا يراد به النوق أو الخيول الضامرة , لأنه جمعَ فقال " كلّ ضامر " . من كل فج : الفج : هو السبيل والطريق , وجمعُه : فِجاج كما قال تعالى : {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} (31) سورة الأنبياء . عميق : أي بعيد . وهذه النتيجة ( مجيء الحجاج راكبين وماشين من أقطار بعيدة ) استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام حين قال : " {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (37) سورة إبراهيم . وفي الآية دليل على فضل عبادة الحج , وأن الله تعالى أوجبها على الأنبياء من قبل محمد صلى الله عليه وسلم , فهذا إبراهيم أبو الأنبياء وسيد الحنفاء يأمره بالله بالحج وأن يأمر الناس به , وأولى الناس باستجابة دعوته هم الأنبياء من بعده ومن ذريته . وفيه دليل على فضل السير إلى الحج إما ركوبا وإما مشيا , لأنه استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام حين أمره ربه بذلك , وإجابة نداء إبراهيم الذي نادى بأمر الله تعالى هو استجابة لأمر الله تعالى أولا وأخيرا , ولهذا شُرعَ للحاج أن يقول ملبيا الدعوة : " لبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ " أي إجابة لك بعد إجابة . فالمسلم حين يلبي لله تعالى عليه أن يستشعر نداء إبراهيم عليه السلام في هذه الآية , ونداء محمد صلى الله عليه وسلم " أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا " رواه مسلم . والتلبية لنداء الحج هنا مشابهة لتلبية نداء الصلاة حين يقول المنادي : حَيَّ على الصلاة , حَيَّ على الفلاح , فيقول السامع : لا حول ولا قوة إلا بالله . فالحج والصلاة وشعائر الإسلام كلها قائمة على توحيد الله تعالى وطاعته والانقياد لأوامره , ونبذ الشرك والكفر . نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم , وأن يرزقنا الفقه في دينه , إنه قريب مجيب . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . كتبه الفقير إلى عفو ربه : علي بن سليمان الحامد . 5/12/1432هـ
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|